هنالك نوع من البشر يستفز المشاعر ويفُور الدم ويرفع الضغط ويقتل بدم بارد ولا يكترث , نفس هذا النوع من البشر يستغرب لانفعالك وينعتك بالغرور والتعجل واخرى , فى هذه الحاله لا يمكن تحمل الامر ولن تهدأ ثائرتك وتروق اعصابك الا بعد ان (تكَوِم ليهو التراب ) ولهذه الظاهره قصه حدثت فى الواقع قبل ثلاثة عقود فى احدى القرى الوادعه شمالا والتى انعم الله عليها بمدرسه أوليه (اساس ) وكان على راس ادارتها ناظر شديد الطبع والمراس صعب لدرجه جعلت منه شخصا يتحاشاه الناس فى القريه وله من الاصدقاء ثلاثه فقط . جاء يوم الخميس هو يوم عيد يفرح به الجميع واكثرهم فرحا التلاميذ حيث الفكاك من اوامر الناظر والمعلمين والضرب بسبب وبدون سبب احيانا كثيره , ومن الظواهر المعتاده تجهيز الركوبه (الحمار) للناظر ومن بعده يتم تجهيز حمير المدرسين ويتبارى الكل فى الظفر بذلك الشرف والخدمه , فُقِد حمار الناظر فى ظروف غامضه وبعد طول بحث وانتظار اقتنع السيد الناظر بالمغادره على ركوبه اخرى تم جلبها من جيران المدرسه . يوم السبت والكل فى انتظار الطابور الصباحى , ظهر من على البعد تلميذ يمتطى حمار الناظر بكامل التجهيزات من سرج ولجام . عقدت الدهشة لسان الحضور واشتاط الناظر غضبا , ووصل صاحبنا سارق الحمار وعندما استفسر منه احد الاساتذه بادرهم بالعتاب لعدم حضورهم مناسبة سبوع اخته يوم الجمعه وبدا فى شرح تفاصيل الكرامه . زاد غضب الناظر وقال لهم ( كوموا لى التراب واضعوا هذا الشافع عليه لكى اركله ) على طريقة كرة الشُراب . هذه الايام ونحن نتسم بوادر حراك شعبى بدأت شرارته من جامعة الخرطوم العريقه وتلتها جامعة النيلين ومناضلى امدرمان وبرى وسوف تتواصل مسيرة الثوار الى ان يتحقق ما خرجوا له و نعم خرج الشعب هذه المره ولم يترك الطلبه لكى يكافحوا ويجاهدوا وحدهم وهذا هو الحراك الطبيعى المعبر عن غضبة الشارع ونفاذ صبر الامه على مكاره النظام المستبد . كالعاده بدأت بعض الاصوات فى النواح وال——— فى بكائية لا تخلو من خبث واستغفال (على مين يا —– ) بدأت فى الترويج لاسطوانتهم المشروخه المكرره , من سيكون البديل لحكومة الانقاذ ولتفويت البكائيه يغلفوها بعباره نحن لسنا مع الحكومه , كل هذه العبارات تصدر منهم بدون اية مقدمات او سؤال من احد , ثم يكون التجاهل التام من الحضور فتظهر عباره اخرى مفادها تعرض البلاد للدمار والخراب وضياع الهويه , وتراهم يسهبون فى ظلامية المصير والمستقبل فى حال رحيل النظام , ويزداد الحضور تجاهلا لما يقولون فتأتى العباره المشهوره (يا اخوانا إنتوا ما شافين الحاصل حوالينا ) ولان المشير البشير الرئيس قالها يوما اعتبرت ماركه مسجله يتداولها الجميع على طريقة (احسب أن ) فكيف تكون سوريا واليمن والعراق حوالينا . سوف تسير قوافل الثوار غير مكترسين لقوات امن النظام و فلول المليشيات وسوف لن توقفهم الدماء ولا الوعود المضلله . فالثورة انطلقت وسوف تكون المسيرات غدا فى كل المدن والقرى . وهذه المره لا مكان للسماح او العفو عنما مضى , فالكلمة الان للشباب الوثاب المتطلع للغد الزاهر الجميل , ولكل من اجرم فى حق هذا الشعب الاصيل الاستعداد للمثول امام محاكم الثوار العادله . ولاولئك المتخاذلين اصحاب المواقف الرماديه (كوموا ليهم التراب لكى يقوم الشعب بركلهم الى مزبلة التاريخ ). أفبعد هذا يكون الحوار – كل من يفكر او ينتظر مخرجات الحوار , خائن للوطن . من لا يحمل هم الوطن — فهو هم على الوطن . أللهم يا حنان ويا منان ألطف بشعب السودان – آمين .