كنت أول صحفي سوداني يكتب عن النور الجيلاني بمجلة الإذاعة والتلفزيون والمسرح ، قرأ ما كتبت ، لم نكن نعرف بعضنا ، وفي حفل ساهر بحي بيت المال كان النور مطربه ، ذهبت إليه وعرفته بنفسي ، ومباشرة وقف وحياني وقال لي : إنت بدرالدين الذي كتب عني بمجلة الإذاعة والتلفزيون والمسرح ؟ قلت له نعم ، لن أحكي لكم التفاصيل ، ولكن من يومها أصبحنا أصحاب ، أطارده في كل حفلاته ، ووقفت بصلابة وقوة أمام أسرتي وأصدقائي ، كنا نلتقي كثيرا بمطعم الشرق بالخرطوم نتحدث ونرغي في شؤون الفن والغناء ، كنا نعز بعضنا جدا ، ثم إفترقنا . مضت الكثير من السنوات لم أره ، ولكنه كان محفورا في ذاكرتي لا أنساه أبدا ، وفي ذات يوم من الأيام وبعد أكثر من عشرين عاما كما أذكر جمعتني جلسة رائعة في منزل صديقي عزمي أحمد عبد العظيم ، وتداعت الأغاني ، كان النور الجيلاني يغني : قايله ايه الدنيا فيها الدنيا رايحة فايتة رايحه لا دايمة ليك ولا دايمة ليا يا، واندمج عزمي في الغناء ، دنيا فايته رايحة …وخرجت من " بنطلوني " وأصبحت أردد : دنيا رايحة فايته … ضحكت كريمتي مهيرة وضحكت سماح كريمة عزمي ، وضحكت آمال ميرغني زوجته ، وقضينا سهرة لن أنساها أبدا، كنت وقتها أعرف جميع أعضاء أسرته ، غادروا إلى إدمنتون ، وهناك فقدوا الشاب العزيز الوسيم النبيل مجدي ، فبكيت بحرقة لأنه أيضا كان إبني ، وظللت أسير أغنية : دنيا رايحة فايته الاسم: النور الجيلاني عمر محمدنور ، الكنية: أبو الجيل مكان الميلاد: ابوحليمة؛ شمال الكدرو ، تاريخ الميلاد: أ944أما المراحل الدراسية: كلها في شمبات ، البداية الفنية: تقول سيرته الذاتية أن البداية كانت أمام البيت فيما يعرف بشلة(الصعاليك)في اكتوبر1968م ومنها تكونت فرقة الكدرو بنادي الكدرو ثم الظهور الأول1970 في مهرجان الناشئين للأغنية الشعبية حيث شارك باغنية(مادلينا) والتي فازت بالمركز الأول ؛ وكانت الانطلاقة.. أغنيات البداية : اغاني العملاقان خضر بشير و عثمان الشفيع ، أول عمل خاص اغنية (مادلينا) لمحمد سعد دياب.. سمعت بمرضه فازداد حزني ، إنقطعت صلتي به منذ سنوات طويلة ، وانقطعت تلك الصداقة الحميمة ، فمشاغل الدنيا لا ترحم ، وقد تبعدك عن أقرب الأقربين إليك ، وقد كان النور قريبا جدا مني أكاد أحس بأنفاسه ، ومنذ أن وطئت قدماي أرض كندا فكرت في دعوته وأن يستمع الجمهور هنا لغنائه الجميل ، دافعت عنه بقوة وشراسة عندما أصبح بعبعا مخيفا لبعض الفنانين ، ورغم بعدي عن الوطن لسنين طويلة ظللت دائما أذكره بالخير وأمني النفس أن أراه مجددا إلى أن قتلني مصابه الأليم ، فليس من السهل أن أعرف أنه فقد حباله الصوتية وهي رأسماله في هذه الدنيا . نعم كثيرون يظنون أن (الفن) هو مجرد مزمار يتلوى في حرم الخلاعة في أسوأ تقدير.. أو هدر في أسوار التسلية ومضيعة الوقت في أحسن تقدير.. لكن الناظر لتاريخ الأمم يدرك أن وراء كل أمة عظيمة.. فن عظيم.. . ولأن النور الجيلاني كما عرفت من الأصدقاء سليل أسرة معطرة بالدين فهو صابر على ما أصابه.، وما خفف عني عندما عرفت وقرأت مرة أن الذي يلاقيه لا يكاد يحس بوطأة الظرف الذي يحيط به.. لكن بالضرورة أشد ما يمكن أن يقتل القلب بمرارة الحرمان في مثل هذا الموقف أن لا يرى صدى إبداعه مرتداً عليه يواسيه ويقويه.. أن تغيب عن ناظريه تلك الجموع الممتدة التي طالما كانت تقف أمامه في المسارح وتصفق وتغني معه وتحمله فوق القلوب.. نعم أن إنسان السودان هو بالضبط ما رسمته لوحة شاعرنا الكبير إسماعيل حسن إذ قال: بلادى أمان.. بلادى حنان وناسا حنان يكفكفوا دمعة المفجوع يحبوا الدار.. يموتوا عشان حقوق الجاريخوضوا النار عشان فد دمعةكيف الحال لو شافوها سايلة دموع. أتمنى له الشفاء وأن يعودكما كان بلبلا مغردا ، فكري مشغول بصفية وشال النوم من عينيا والقمر شاف العليا نزل اسال مين دي هيا والزهر ادي التحية والفراش حام حوليا جناحو صفق كدراوية…..كدراوية ..ما حرام منك ازيا وما حرام انت الازيا وانت اقرب زول اليا بشكي ليك مر الشكيا والقليب نيرانو حية والعيون دايما ملية والمنام فارق عينا الله لي روحي الوفية شايلة ريدك والاسية ما بتحن مرة وترضيا قايله ايه الدنيا فيها الدنيا رايحة فايتة رايحه لا دايمة ليك ولا دايمة ليا يا طيور الريد ي قمريه وصفوك دايما وفية طيري شيلي معاك وصية ودي للكدرو التحية تلقي زول ناير المحية والبسيم برق العشية والعيون وهج الهدية والخدود كيف بلوريه.. قولي ليهو بحنية الصدود صعبان عليا تهون عليك الروح ضحية قايلة ايه الدنيا فيها الدنيا رايحة فايتة رايحة لا دايمه ليك لا دايمة ليا انت ي طيب الاقاحي ف المساياك والصباح روحي راحتي ورواحي لا بتحس يوم بجراحي ولا نتقول اه من نواحي يا العاملة هجرك ليكيا ليا لشنو كيا ليه كيا قايلة ايه الدنيا فيها الدنيا رايحة فايتة رايحة لا دايمة ليك ولا دايمة . كدراوية.