* بالله عليكم تخيلوا التراجع والتقهقر والفضيحة .. بينما كان وفدنا لأول دورة ألعاب أوليمبية نشارك فيها قبل ستة وخمسين عاما (دورة روما 1960)، يتكون من عشرة لاعبين فى أربعة مناشط، هى ألعاب القوى والملاكمة ورفع الاثقال والرماية، فإن وفدنا لاولمبياد ريو دى جانيرو (ريو 2016 )، تقلص الى خمسة لاعبين فى ثلاثة مناشط، هى السباحة (لاعب واحد) والجودو (لاعب واحد)، وألعاب القوى (3 لاعبين يشاركون فى سباقات العدو) .. إنه عار وليس فضيحة فقط !! * بعد 56 عاما أيها السادة، أى بعد أكثر من نصف قرن، تضاعف فيه عدد السكان من 11 مليون الى 30 مليون (40 قبل انفصال الجنوب)، تقلص عدد اللاعبين والانشطة، بدلا من أن يزيد!! * ولكن كيف يزيد، وأموال الدولة تُسرق وتُهدر وتُنفق على القصور والملذات وحطام الدنيا الزائل .. وإذا وجنا العذر لحكومات سابقة لضعف مواردها، فأين نجد العذر لحكومة بلغت إيراداتها البترولية خلال عشر سنوات فقط (1998 – 2007 ) أكثر من 100 مليار دولار؟! * دعكم من تأهيل لاعبين للمشاركة فى الالعاب الأولمبية (قد يحتاج اختيارهم وتأهيلهم لمبالغ ضخمة ووقت طويل وعمل جاد) .. هل يصدق أى واحد فيكم أن السودان ليس لديه حتى الآن (حوض سباحة) بمواصفات دولية .. حوض سباحة واحد، وليس مضمار ألعاب قوى أو إستاد كرة قدم أو مدينة رياضية .. مجرد حوض سباحة بمواصفات دولية عجزنا عن تشييده، (وليس هذا حديثى وانما حديث رئيس اللجنة الأولمبية السودانية هاشم هرون لوكالة السودان للأنباء، 29 يوليو، 2016 )، بينما تختفى داخل بيوت السادة الذين اغتنوا فى زمن الغفلة وتطاولوا فى البنيان وشيدوا القصور الفارهة بالاموال المنهوبة، أفخر احواض السباحة وصالات الجيم!! * وحتى تتضح لكم صورة خيبتنا أكثر، دعونى اعمل مقارنة قصيرة بدولة كوريا الجنوبية، التى شاء قدرها التعيس ان نقارن أنفسنا بها كلما أردنا أن نوضح خيبتنا فى أمر من الأمور، بينما يجب أن تُقارن بالدول العظمى وليس الخائبين والتعسين امثالنا .. شاركت كوريا الجنوبية ب 36 رياضيا فى دورة روما عام 1960، وفى دورة طوكيو التى تليها مباشرة (1964 ) ارتفع العدد الى 154، ثم الى 401 فى عام 1988، بل كانت هى التى احتضنت الألعاب الأولمبية فى عاصمتها الرائعة (سيول) آنذاك، بينما كانت عاصمتنا غارقة فى السيول والاوحال، ومن عجب أنها لا تزال غارقة فى السيول والاوحال حتى الآن مضافاً إليها الاوساخ والفساد والفقر والتعاسة والوهم .. !! * بينما نحن غارقون (1988 – حتى اليوم)، أيها السادة، حصدت كوريا (التى يبلغ عدد سكانها اليوم حوالى 50 مليون فقط)، 207 ميدالية منها 80 ذهبية، غير الميداليات التى فازت بها قبل ذلك، بينما كانت حصيلتنا ميدالية واحدة فقط (فضية)، طيلة مشاركاتنا، فاز بها العداء إسماعيل أحمد اسماعيل فى سباق 800 متر، ولم يكن ليفُز لولا التأهيل والرعاية اللتين وجدهما خارج السودان طيلة سنوات كثيرة من الاتحاد الدولى لألعاب القوى واللجنة الأولمبية الدولية، بدون أن تصرف عليه حكومة السودان مليما أحمر!! * وليت الأمر اقتصر على المشاركات الأولمبية أو الرياضة التى لم يبق منها سوى المهزلة التى نخدع بها انفسنا ونسميها زورا وكذبا (كرة القدم)، بل إنهار كل شئ، ولم تبق إلا الذكريات والدموع والفضائح اليومية !! الجريدة [email protected]