رواية يبدو عنوانها تقليديا جدا ولكنها في الواقع من أفضل الروايات التي قرأتها حتى الآن من حيث الموضوع ومن حيث الشكل. فمن حيث الموضوع ؛ تنطلق الرواية من ميتسو الراوي وبطل القصة ، تنطلق من كونه رجل من طوكيو يفقد إحدى عينيه وينتحر صديقه ، ويصبح طفله الرضيع مصابا بعاهة عقلية نتيجة عملية استئصال ورم في المخ ؛ فتدمن زوجته على الشراب ويفقدا التواصل الحميم بينهما ، إلى أن يعود شقيق ميتسو الأصغر من امريكا بعد هروبه من فرقة مسرحية غرضها الاعتذار الياباني من الحرب العالمية أي أن تعتذر اليابان للولايات المتحدةالأمريكية نتيجة شعور عام بالخزي ، هرب تاكاشي من الفرقة المسرحية وقرر أن يبدأ حياته هناك لكنه لم يستطع فعاد مفلسا إلى طوكيو ، ليلتقي بشقيقه وزوجته وبصديقين شابين هوشيو والفتاة المدعوة ميميكو ، يقرر جميعهم العودة إلى القرية التي نشأوا فيها لبيع المستودع الذي بناه أجدادهم وخاصة شقيق الجد الأكبر الذي قاد ثورتين في القرن التاسع عشر ثم ولى هاربا إلى امريكا . وعندما وصل الجميع إلى القرية تداعت الأحداث وذكريات الطفولة بل وما قبل الطفولة إلى الأحداث الكبرى كالثورة الأولى التي قادها شقيق الجد الأكبر. يحاول تاكاشي تقليد جده الثوري فيقود ثورة سريعة ضد رأسمالي كوري لديه سوبر ماركت يغذي القرية باحتياجاتها ، تنجح الثورة الجديدة مؤقتا ثم تفشل لينتحر تاكاشي بعد أن صرح لميتسو بحقيقة أنه اغتصب شقيقته المعاقة ذهنيا عندما كان مراهقا ثم تركها فانتحرت هذه الأخيرة . بعد أن تم بيع المستودع والأرض بدأ الرأسمالي الكوري في هدمه ليكتشف نفقا به كتب ودورة مياه فأدرك ميتسو أن شقيق جده الأكبر لم يهرب إلى امريكا بل ظل حبيس القبو وهو يرسل منه رسائل زائفة كي يوهم الجميع بأنه خارج اليابان ، تنتهي الرواية بتخلي ميتسو عن الأرض والمستودع للرأسمالي الكوري وقراره بالعودة مع زوجته لتربية طفلهما المعاق والطفل الذي حبلت به من شقيقه المنتحر تاكاشي مقررا؛ العمل كمترجم في أدغال أفريقيا. أما من حيث الشكل فقد استخدم كينزابورو أسلوبا صعبا في الكتابة ؛ فهو يتناول أحداث ما أولا قبل أن يعود فيشرحها تفصيلا ، مما يجعل متابعته صعبة وهو يتحدى ذاكرة القارئ . فلسفيا واجتماعيا تتناول الرواية التغيرات التي حدثت داخل المجتمعات اليابانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ونهاية الاحتلال الكوري لليابان . حيث يتبع الجميع المعالجات الروحية للإشكاليات النفسية المعقدة التي نتجت عن الحرب والاحتلال ، ويستخدم الراوي لغة دقيقة لشرح التفاصيل الشكلية والنفسية لأبطال الرواية وسكان الوادي البسيطين (نحوا ما) حين يستدعوا جميعهم ثورة الجد الأكبر في ثورة جديدة تنال من السوبر ماركت المملوك للرأسمالي الكوري المدعو بالامبراطور (الذي يذكرهم بالغزو الكوري القميئ)والتي قادها تاكاشي شقيق ميتسو الأصغر. وكأنما الراوي يتحدث عن الشعور العام الذي انتاب اليابان كلها بالخزي والعار من الحرب العالمية . فكل أبطال الرواية يشعرون بالخزي والعار لأسباب مختلفة ولكنها تنصب في بؤرة الشعور بالعجز وضعف التضحيات. أحداث الرواية بطئية ولكنها كثيفة جدا ؛ ورغم أن الرواية كتبت بعد أن نال المؤلف جائزة نوبل باربع سنوات إلا أنها لم تفقد ألقها الإبداعي كما يحدث لدى من ينالون جائزة نوبل عادة . 8أغسطس2016 [email protected]