انهارت مفاوضات وقف العدائيات في دارفور والمنطقتين وفقا لتوقعاتنا لان الطرفين وقعا علي خارطة الطريق ولديهما تحفظات عليها ، بمعني أخر قفزا بكل تحفظاتهما وشكوكهما إلي طاولة المفاوضات ، ولم تكن خارطة الطريق ممر أمن لاختلاف الأهداف من الحوار الذي تنشده الحكومة والمعارضة والغموض الذي يكتنف خارطة الطريق، لذلك سرعان ما انهارت بسبب رفض الحكومة تقديم تنازلات لان الهدف من الحوار بالنسبة لها توسيع قاعدة المشاركة للأحزاب كديكور لتزين النظام مع الحفاظ علي جوهره. النظام علي الصعيد الداخلي خلق مليشيات في دارفور بقيادة موسي هلال وحميدتي وإعطاء الأخير رتبة عسكرية وحرية الحركة لقواته التي تحيط بالعاصمة في أشارة واضحة إلي أن النظام لا يتهاون في اطلاق الرصاص الحي علي التظاهرات السلمية كما حدث في هبة سبتمبر، وكذلك زيادة وتيرة التعصب القبلي والعنصرية حتى أضحت القبيلة الملاذ الأكثر أمانا بعيدا عن مؤسسات المجتمع المدني ، وزيادة القبضة الأمنية ومصادرة الحريات العامة ، وانتشار السلاح بلا رقيب وبصورة مخيفة ومزعجة ومقصودة من قبل النظام ، وهذا الوضع المشتعل والقابل للانفجار في أي لحظة من صنع النظام ومن المضحك المبكي ان النظام يحاول ان يخيف الشعب من الانفجار والفوضى في حالة سقوطه ويدعي أن القنابل الموقوتة بيده يوجهها كيفما يشاء ويبطل مفعولها متي ما اراد ، علي الرغم من أن المليشيات أصبحت خارج سيطرة النظام تحدث الفوضى والسلب والنهب كيفما اتفق ودون إذن من الحكومة التي صنعتها ، وعلي الصعيد الخارجي تعمل علي تحسين صورتها امام المجتمع الدولي بتعاونها في محاربة الارهاب والهجرة الغير شرعية التي تزعج قارة اوروبا ،ولذلك يعمل النظام لتسوية سياسية شكلية تتيح له السيطرة علي مفاصل الدولة دون تأثير من القوي السياسية التي ترتضي المشاركة في حوار الوثبة . المجتمع الدولي لا يسمح بمزيد من الفوضى في الإقليم الملتهب ومن مصلحته الإبقاء علي النظام لصالح الاستقرار في المنطقة والموقع الجغرافي المتميز للسودان للحد من الهجرة الغير شرعية ، والاستفادة من النظام لمحاربة الارهاب باعتباره لديه علاقات جيدة مع المجموعات الارهابية ويمكن ان يملك المجتمع الدولي معلومات تفيد في القضاء علي الارهاب ، لذلك يدعم المجتمع الدولي الحل السلمي والتسوية السياسية التي تبقي علي جوهر النظام وتوسيع قاعدة المشاركة للقوي السياسية وفي سبيل ذلك يضغط علي المعارضة المسلحة والمدنية . الشعب السوداني تؤلمه الحرب العبثية والموت المجاني في كل من دارفور والنيل الأزرق وتؤرقهم الأوضاع الإنسانية التي خلفتها هذه الحرب اللعينة ومن اهم اولوياته ايقاف الحرب التي أزهقت أرواح أهلنا واستنزفت مواردنا في حرب لا منتصر فيها والخاسر الاكبر هو الوطن ، والحركات المسلحة لديها الرغبة والإرادة السياسية لإنهاء الحرب وصرحت قيادتها بذلك أن الحرب لا خير فيها ويجب أن نوقفها ،وقرنت القول بالفعل من خلال التنازلات الكبيرة التي قدمتها في طاولة المفاوضات في مسار الترتيبات الأمنية والمساعدات الإنسانية ، في أن 80% من الإغاثة يمكن أن تأتي عن طريق الداخل و20% تأتي عن طريق الخارج ولصعوبة إغاثة هذا المناطق من الدخل ولكن الحكومة رفضت كل ذلك لأنها تريد أتباع سياسة التجويع مقابل الرضوخ والقبول بالمشاركة وإعطائها وظائف لا تغني ولا تسمن من جوع ، الحكومة ستعرقل الحوار المتكافئ والجاد والمنتج الذي يخاطب جذور الأزمة ويعمل علي علاجها ويفضي إلي تحول ديمقراطي ويعيد هيكلة الدولة علي أسس العدالة والمساواة ،، وستزيد في غيها وضلالها بان حوار الوثبة الذي انعقدت جمعيته العمومية وتحدد تاريخ مؤتمره العام هو أقصي ما في جعبتها ويمكن أن تبحث مع المعارضة كيفية ألحاقهم بهذا الحوار . علي المعارضة أن توحد صفوفها وتفوت الفرصة علي النظام للاستثمار في تناقضاتها واختلافاتها وان المسافة بين الأحزاب والحركات الرافضة لخارطة الطريق والحركات والأحزاب الموقعة اختلافات طفيفة والنتيجة النهائية المنشودة للطرفين تفكيك دولة الحزب الواحد لصالح دولة المواطنة ، وقد استبانه للأطرف الموقعة عدم جدية الحكومة في الحوار،وعلي المعارضة أن تطور من أدواتها في التواصل مع الجماهير ، وان تكون أكثر جرأة وشفافية وتغطي المساحات بالوضوح ، وان تكون التصريحات والبيانات واضحة لا غموض فيها، وأن يكون الملعب السياسي مضاء بالكامل ليكون اللاعبين تحت بصر وبصيرة الجماهير. فالشعب وصل درجة الغليان ،والسخط العام علي الحكومة في تزايد مستمر، والضائقة الاقتصادية تمضي إلي الأسوأ بسرعة مخيفة ، والوطن علي حافة الانهيار ، والأمل مفقود في ظل النظام الحالي والكل متفق علي أن أول مراحل الحل يتمثل في ذهاب النظام ، علي المعارضة أن تحي الأمل في النفوس وتطمئن الشعب وتشرح رؤيتها لالتفاف الجماهير حول الشعارات التي تنادي بها ، لتفكيك النظام بأحدي الحسنيين بحوار متكافئ ومنتج باستحقاقات معلومة وحكومة انتقالية أو انتفاضة لا تبقي ولا تذر لتجنيب البلد الفوضى والاتجاه في توفير الحياة الكريمة والتنمية المستدامة وبناء دولة المواطنة .