نقل مركز (كومون) عن السيد نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الحزب الحاكم علي عثمان محمد طه الذي يزور ولاية جنوب كردفان حالياً، نقل عنه انه قال في مخاطبة سياسية له أمام جماهير مدينة ابو جبيهة إحدى اعمال الولاية، (أننا لم نأت للولاية من أجل الانتخابات وإنما لاكمال ما بدأناه من مشروعات تنموية)، والمعلوم أن ولاية جنوب كردفان تشهد هذه الايام حملات تعبئة إنتخابية شرسة ما بين احمد هارون الوالي الحالي ومرشح الحزب الحاكم لولاية ثانية ونائبه عبد العزيز الحلو مرشح الحركة الشعبية، وكانت بين الاثنين كما هو معروف علاقة (حلوة) ولكن يبدو أنها الآن للاسف في طريقها لأن تصبح بطعم العلقم بسبب إنتهاء الشراكة وبداية نصب الشراك، وما قاله طه لا شك أنه كلام ( حلو) في ظاهره ونشهد للرجل بأنه ظل على الدوام عف اللسان نظيف العبارة وكأنه يغسل كلامه ويكويه مكوة سيف قبل ان يطلقه على رأي العسكري الاديب الوزير المرحوم عمر الحاج موسى في أهل كسلا الذين قال فيهم ان كلامهم حلو نظيف كأنهم يغسلونه قبل التحدث به، وبمناسبة العساكر والغسيل والكي يقال ان عساكر زمان، زمان الزمن الجميل، (اللحم بالاوقة والسكر بالراس وجوز الحمام تلاتة فرد)، من فرط اهتمامه بزيه العسكري واعتناءه بمظهره العام كان يفرط في غسل وكي رداءه حين كان العساكر يرتدون (الاردية) وليس البناطلين لدرجة أنه لو وضع هذا الرداء على الارض لوقف على طوله دون ان يتكوم على الارض، ولهذا كانوا مضرب المثل في المكوة الجيدة فيقال عنها (مكوة عساكر)، وعودة لطه وكلامه، فالرجل أيضاً أشتهر بأنه يكاد يكون الوحيد بين المنظومة الحاكمة الذي يستطيع ان يسيطر على نفسه ويحتفظ بهدوءه ووقاره حتى في احلك لحظات الكيد والاستقطاب، ومن العصي جداً ان تجد له في كامل سجله الخطابي والكلامي كلمة فالتة أو عبارة نابية، هذا ما نعلمه في العلن ونشهد به، أما ما في السرائر وما إنطوت عليه الضمائر وما يُخطط في السر فذلك ما يعلمه الله والعليمون ببواطن الامور. لا رغبة لنا في الدخول في مغالطة حول ما قاله سعادة النائب وما اذا كانت زيارته لولاية جنوب كردفان من أجل المساندة السياسية الانتخابية لمرشح حزبه أو من أجل الدعم التنموي لكافة أهل الولاية، وأنه لم يأت للولاية من أجل الانتخابات وإنما من أجل التنمية، فليكن أنه ورهطه قد هبطوا الولاية من أجل هذه الاخيرة وأن هدفهم الاساسي هو التنمية، ما نرغب المحاججة فيه هو أن الزيارة التي تزامنت مع إشتداد اوار التنافس الانتخابي ستلقى دون ريب بظلالها الكثيفة على الانتخابات اراد النائب او لم يرد وستخدم مرشح حزبه ولو ب(اللفة) قصد ذلك أو لم يقصد، وهنا تتجلى خطورة علي عثمان السياسي، فهو غالباً ما يقضي حوائجه بالكتمان وليس بالتهريج والهرجلة، ويصل الى اهدافه (بالبارد) وليس بالزعيق والكواريك، ورغم انه ممن يمكن أن تتباشر بهم على رأى الشاعر القومي (نتباشر وكت نلقى الكلام حرّة) إلا أنه لا يحب المباشرة و(المفاشرة) والمكاشرة على الاقل ب( المفتشر) ولو فعل ذلك فغالباً ما يتم على طريقة إسمعي وإياك أعني يا جارة، ولهذا حتى لو ذهب لجنوب كردفان من أجل التنمية إلا أن الاثر الذي ستلقى به زيارته هذه على الانتخابات سيكون أكبر بما لا يقارن بالذي ستخلفه من تنمية.