المبتدأ: شتان ما بين حشود وحشود؛ وما ابأس أن تستنفر الجماهير بمضابط الحضور والانصراف من أجل تجميل واقع مأساوي؟؟ والخبر: (1) لو ان بينهم رجلا رشيد لأوعز لممثل مقام الرئاسة السودانية ونصحه بأن الرقص الذي ظل يمارسه أمام التجمعات البشرية ولا يستثني منها حتى تلك التي تشرفها مقامات رئاسية اجنبية هو فعل لا يليق بمقام الرئاسة ولا يمت لبرتوكولات المنصب الرفيع الذي يستوجب الحكمة والرزانة بصلة الا ان تنابلة السلطان وكالعهد بهم لا يمكن ان يوجد بينهم رجلا راشدا شجاعا جهورا بكلمة الحق فالجبن من اكبر مخازي نخب الفاسد الانتهازية التي عَشعَشَت منذ اكثر من ربع قرن كالغربان في دولاب دولة الشيوخ فالجميع شياطين خرس لا تهمهم سمعة الوطن ولا كرامته بقدر اهتمامهم وحرصهم على البقاء في السلطة والتمتع بسقط متاعها. (2) لو علم الجنرال المُنتشى بحشود (مضابط تمام الحضور والانصراف) مبلغ خجل الشعب السوداني مما يمارسه من (جقلبة) امام الوفود الاجنبية وعدسات القنوات الفضائية المحلية والعالمية ربما ارعوى وكف عن هذا وكفى الوطن رهق استخفاف شعوب الارض به الذي اوردنا مورد ضعف عَكَرُ حتى غدت الدولة السودانية من فرط الهوان والاستخفاف بقيادتها مطمع (بِغَاثُ الطير) من دول الجوار لكل بغث فيهم مطمع وتلهف لقضم ونهش جزء من جسد ترابها الوطني المنهك بالحروب الاهلية والفقر والاوبئة المنقرضة عالميا. (3) وها هي الجارة الشمالية وبعد ان طاب ولذ لها قضم مثلث حلايب شلاتين لم تزل تتلمظ ويسيل لعاب رغباتها التوسعية ليلامس قرية (ارقين) في اقصى شمال السودان وقد شهد أهلها بأم اعينهم فضيحة رفع العلم المصري على بوابة المعبر في حفل افتتاحه وفي وجود تنابلة نظام ادمن الفشل والانبطاح خارجيا ونفش الريش والإستئساد داخليا وكيف لا يسيل لعاب دول الجوار وتستشيط رغائبها وهي ترى جنرالات المشروع الحضاري غرقى انغام الطبول والدفوف يتمايلون كالحمائم المذبوحة في رقصة (الصقرية) سادرين في الغي دون رادع بينما الازمة الوطنية الشاملة مطبقة على انفاس المواطن وتحيط به احاطة السوار بالمعصم. (4) إن كان صاحب الوثبة الفهلوية يظن أن جموع الساحة الخضراء المنهكة بفعل سياساته الجائرة والمحشودة جبرا قد اتت طوعا ومن تلقاء نفسها لتستمتع بفنون الصقرية والعرضة فوق جثة الوطن فهو واهم ويخادع ذاته اما ان كان يظن انها قد تحملت مشاق الحضور دعما لمخرجات حوار دار بينه وحواريه من (الإخوان) و(تمائم الجرتق) الديكورية من المنتفعة الارزقية فهو لاشك موهوم فالعقل الجمعي مهما بلغت درجة سذاجته لا يمكن ان يصل لمستوى دعم مخرجات حوار ستظل كما ظلت سابقاتها الكثر التي عقدت في عهده محض حبر على ورق استنفذ موارد الدولة واموال خزانتها المحلوبة وتشكو في واقع الأمر من قلة الفئران حتى بات المواطن من فرط ضعف اقتصاده لا يعلم سعر عملته المكافئ في سوق العملات. (5) لقد شهد السودان من قبل في ظل الانظمة المتسلطة حشود (الجبرية) وعلمت الجماهير كنهها كما اثبتت الانتفاضات الشعبية التي قبرت تلك النظم الفاشلة مدى خطل اعتبارها مقياس للرضى الشعبي وعليه فمن المعيب ان تغيب عن ذاكرة شيوخ الوثبة الرئاسية هذه الحقيقة المثبتة ويعودوا في كل منعطف لتجريب المجرب فنهج التحشيد الاجباري نهجا ساذجا لا ينطلي على شعب خبر معنى الحشود العفوية الصادقة صبيحة استقلاله الوطني ونهاري انتفاضتيه المظفرتين في اكتوبر 1964 وابريل 1985م وعاد للتدافع بالألاف عفويا لاستقبال الزعيم الراحل جون قرن وهو يعود من الغابة للخرطوم بعد اتفاقية (نيفاشا) للسلام وخرج مستنفرا شيبه وشبابه وعبراته لوداع زعيم آخر من زعمائه الشرفاء لمثواه الاخير الا وهو الاستاذ محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني وشتان ما بين حشود وحشود. ** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون. تيسير حسن إدريس 14/10/2016م [email protected]