هاهو بنك السودان يتخلى عن تمويل الدواء بالسعر الرسمي للدولار، وخلف هذا القرار مصلحة المصدرين الذين كانوا ملزمين سابقاً بتوريد 10% من حصيلة الصادر بالسعر الرسمي لفائدة الدواء.. أما الآن فمصالح الموردين والمصدرين أهم من توفير الدواء بسعر معقول للمرضي،ولم لا فالحكومة حكومتهم والمصالح متطابقة. وخلف القرار شروط وضعها صندوق النقد الدولي للحكومة الفاسدة مفادها إلغاء ما يسمى بالسعر الرسمي للجنيه،والإستعاضة عنه بتعويم العملة،وترك سعرها لما يريده تجار السوق الأسود،وهم أنفسهم أصحاب القرار في حكومة الرأسمالية الطفيلية. وقرار بنك السودان الذي سيرفع أسعار الدواء بنسبة 100% في حدها الأدنى،يعني إستحالة أن يشتريه الفقراء ،الذين لن يجدوا سوى الحرجل والقرض دواء للأمراض التي تصيبهم.ولكنه سيزيد من أرباح شركات الأدوية التي ستفرض أسعاراً كيفما اتفق علي الأدوية ..بحجة تحرير الأسعار. وستزداد أرباح رأسمالية الصيدلة(علياء وأخواتها)وهم أيضاً سيضعون هوامش عالية علي الأدوية بحجة إلغاء التسعيرة. وكما ارتفعت أسعار الدواء سترتفع تكاليف التحاليل الطبية،والفحص المعملي والصورة المقطعية حصرياً للمليونيرات. وعلى الفقراء أن يذلوا أنفسهم أمام شبابيك الزكاة والرعاية الإجتماعية ليحصلوا علي 1% من التكاليف الضرورية لعلاجهم. وعليهم أن يحملوا بطاقات مضروبة للتأمين الصحي لا تتيح لهم العلاج والدواء المطلوب،طالما كانت الأدوية الهامة خارج دائرة التأمين. وعندما يطالب الأطباء بتوفير العلاج المجاني في الحوادث،يعتقلهم جهاز الأمن،لأنهم(هبشوا)مصالح السدنة والتنابلة. وعندما ترصد الملايين من الجنيهات للتأمين الصحي في الميزانية،فهي لفائدة الشركات الخاصة التي يمتلكها متنفذون في الحكم. وظلت أرباح هيئة الإمدادات الطبية خارج الموازنة منذ الانقلاب في 1989،وتحولت إلي صندوق كيما تلحق بصندوقي المعاشات والتأمينات،وباقي القصة معروفة. ولا تسأل عن أموال صندوق الدواء الدوار،فهي عند التماسيح الكبار،وولد الفار يطلع(حفار). وبينما تمسح الحكومة المستشفيات، لفائدة المستوصفات،وتمنع الدولار عن واردات الأدوية،فهي تنفق ملايين الدولارات على علاج الوزراء والمحاسيب بالخارج،وتدفع نفقات علاجهم بالكامل بدرجة(VIP ) لو صدف وأن تعالجوا بالداخل. نصيب الصحة في الميزانية 0.4%،ومعني هذا أن الحكومة تصرف أقل من نص قرش علي الصحة في كل جنيه يؤخذ عنوة من المواطن. وبموجب منشور إدارة السياسات ببنك السودان بالرقم 6/2016 الصادر في أول نوفمبر،فإن البنك يسمح للبنوك أن تشتري الدولار من المغتربين والمصدرين وغيرهم بسعر السوق الأسود تحت مسمي (حافز استقطاب التحويلات)،وهي سياسة جربها المخلوع نميري باسم السعر الموازي للدولار. وعندما يدخل بنك السودان لسوق العملة الأسود،من أجل الحصول على الدولار،فإن السوق الأسود (المدنكل) في برندات شارع الجمهورية والسوق العربي سيقفز بالزانة إلي الأمام، وهكذا ينهار سعر الجنيه، وتزداد أسعار الدواء والغذاء، حتى ينتصر الشعب على الأعداء. [email protected]