التقرير الذي أصدره صندوق النقد الدولي مؤخراً، والذي حرّر شهادة وفاة إكلينيكية للاقتصاد السوداني، ينبغي أن يُحرض الذين من بيدهم الأمر أن يُعجِّلوا باختراق سياسي سريع، ملخص التقرير أنّ احتياطيات السودان هبطت واتسع عجزه ونموه أصبح محدوداً. التقرير عرف السودان أنّه بلد منخفض الدخل يواجه قيوداً محلية ودولية شديدة واختلالات اقتصادية كبيرة.. يواصل التقرير، المنشورة أجزاء منه في وكالات الأنباء "لا يزال دَينَ السودان الخارجي مرتفعاً في نهاية 2015، فقد بلغ حجمه بالقيمة الاسمية حوالي 50 مليار دولار (61% من إجمالي الناتج المحلي)، بما في ذلك 1.6 مليار دولار أودعها الدائنون الرسميون في بنك السودان المركزي في عام 2015م.. كما أن نسبة الديون الخارجية متأخرة السداد في 2015 حوالي 84% ولم يطرأ أيِّ تغيير على هيكل الدَّين الخارجي على مدار العقد الماضي". ومسألة الدَّين الخارجي، أصبحت مَحسومة، رغم الأحاديث المتكررة عن إكمال السودان للشروط الفنية لإعفاء الدَّين.. قالها السفير البريطاني السابق في وقت سابق بصراحة "من المُستحيل إعفاء دُيون السودان والحكومة تُخصِّص أكثر من 70% من الميزانية للأمن والعمل العسكري وليس على الخدمات من صحة وتعليم وغيرها. هذه شُروط عالمية ليس المعني بها السودان، والحكومة تعي تماماً ما يجب أن تفعل لتحصل على إعفاء الديون". استمرار وضع الديون على ما هو عليه، سوف يقود إلى تضييق فرص حصول السودان على قروض جديدة، وتدريجياً انعدامها، هذا لا يعني إلاّ شيئاً واحداً. وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي الذي نسترشد بوصفاته في إجراءات رفع الدعم التدريجي وُصولاً إلى لا دعم.. عزا الأزمة الاقتصادية إلى انفصال جنوب السودان وذهاب النفط جنوباً، وفقدان ثلاث أرباع الصادر النفطي.. رغم ترويج عُتاة الاقتصاديين لانفصال الجنوب وفوائده الاقتصادية، وكأن جنة الله سوف تنزل على الشمال بعد انفصال الجنوب، إلاّ أنّ الواقع أكد فشل كل الخُطط والبرامج الاقتصادية التي اُتّبعت عقب الانفصال. الأمر لا يحتاج المزيد من التنظير وضرب الرمل لحل الأزمة.. وليس كذلك في حاجة إلى تطوير المزيد من نظريات المُؤامرة حتى نُصدق أنّ السودان مُستهدفٌ، ببساطة، توقفت عمليات الإنتاج، وانطلقت الألسن التي تشتم وتسب وترمي كل المسؤولية على الآخر. أزمة الاقتصاد هي أزمة إنتاج، فهي لا تُحل بالودائع الخليجية، ولا تُحل بالمزيد من التضييق على الحريات.. فقط، نوقف انطلاق الألسن التي لا تتوقف عن بيع الوهم، وبدلاً عنها، نُحرك عجلات الإنتاج. التيار