أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة القرار الاقتصادي الانقاذي وجهيزة يقطع قول كل اقتصادية وسياسية
نشر في حريات يوم 11 - 01 - 2017

كل الدول المحترمة او تلك من ينطبق اسمها علي مسماها والتي تسعي لخدمة مواطنيها وتعمل لان يكون لها وضعها بين دول العالم يكون لها في العادة مجلس استشاري اقتصادي مساوي في الاهمية والقوة والوضعية لمجلس الامن القومي ان لم يكن اهم منه , وذلك لان تمتين الاقتصاد هو السبيل لتحقيق القوة والتطور وضمان المستقبل , وان يحيط الرئيس ووزير ماليته في النظام الرئاسي او رئيس الوزراء في النظام البرلماني بالعديد من المستشارين الاقتصاديين وفي شتي التخصصات حتي يمكن اتخاذ القرارات الاقتصادية المناسبة انطلاقا من افق اقتصادي راشد واستراتيجية سياسية معينة وفي التوقيت الصحيح والمحسوب بدقة انطلاقا من الظروف والامكانيات المتاحة تجنبا القفز في الظلام او المجهول . اما مراكز البحوث والدراسات وكليات الاقتصاد في الجامعات والمعاهد فان كل منها يتخصص في مجال او جوانب معين للنشاط والعملية الاقتصادية تجويدا للاداء وتركيما للخبرة وترشيدا في استخدام الموارد البشرية والمالية .
فكما هو معلوم ان الخطط والبرامج الاقتصادية وما يرتبط بها من سياسات وقرارات وقبل ان تتبناها الوزارات التي تتعامل مع الاقتصاد يجب ان تؤسس علي خلفية من الدراسات العلمية المجردة وان تستند علي العديد من البحوث الاقتصادية البحتة , وان تتعرض بعد ذلك للنقاش المستفيض والشامل من قبل مجلس الوزراء والوزراء . كما وان من المعلوم بالضرورة ايضا انه وبعد اجازة المجلس لها ان تطرح للاعلام بواسطة وزير المالية ليتسني للمواطنين الالمام بمحتوياتها واستيعاب تفاصيلها وللصحافة تناولها بالتعليق والتحليل قبل ان تودع منضدة الهيئة التشريعية لاعتمادها بعد ان يبت فيها ممثلو الشعب عبر لجانهم المختصة وفي اجتماعهم العام كهيئة.لكن ومن الجلي جدا ان القرار الاقتصادي في نظام الانقاذ يتم عن طريقة سلق البيض كما في القول الشعبي , والامثلة علي ذلك كثيرة وعلي قفا من يشيل . فعلي سبيل المثال لا الحصر فقد قال الرئيس وفي اعلانه لقرارات رفع الدعم عن الوقود في سبتمبر 2013 والتي تاجل اعلانها حتي يتم التنسيق بين اجهزة الامن والردع لقمع المعارضين ( انه ومن باب الرجالة والنخوة يرفض ان يتخذ من وزير المالية ساترا يقيه من الهجوم , ولا يقبل له ان يكون تخته فتصوب اليه النيران ) . وتوليه هو شخصيا امر اعلانها من ثم قد حرم الصحافة من واجبها وحقها في مواجهة وزير المالية وامكانية المناقشة وانتقاد القرارات تلك , هذا من ناحية , ومن الاخري قد عني ان رئيس الجمهورية وهو الذ لا محل له من الاعراب بحكم موقعه السيادي و بسبب حصاناته الدستورية انه هو صاحب هذه القرارات , ولانها ممنوعة من الصرف فما علي الجميع الا ان يخرسوا ويطاطاوا روسهم . والمثال الثاني هو تلك القرارات التي اعقبتها والخاصة بزيادة اسعار الكهرباء والغاز وما تبع ذلك من اهمال وازدراء لدور المجلس الوطني الشئ الذي اضطرمعه رئيسه الي استدعاء الوزيرين المختصين وتهديد النواب للوزيرين بسحب الثقة في حالة عدم المثول ,وان الزوبعة قد انتهت بتصريح البشير في مطار الخرطوم وهو في طريقه الي اديس ابابا وقوله بان هذه القرارات نهائية .اما المثال الصارخ فهو ما قاله البشير في مخاطبته لضباط الاستخبارات (وتسجيله في الاسفل ) عن القرارات الاخيرة :- ( والدولة دي كلها مشتبكة, اذا انهار الاقتصاد معناتا ما حنوفر ليكم امكانيات ,وما حنوفراحتياجات المواطن ,معناتاو حتنهار الدولة . فالخيار بين اثنين ,وقالوا احلاهما مر . هل تعمل جراحات عشان تنقذ البلد وتمشي بيها لي قدام ,ولا تخلي الاقتصاد ينهار وتنهار الدولة . نعم,الاجراءات دي عندها تمن سياسي ونحن ما بنخاف منو )
في المقالة الثانية من هذه السلسلة كنت قد استعرضت كعينه بعض مما جاء علي السنة اقتصادي الحكومة خاصة تصريحات وزير المالية ورئيس القطاع الاقتصادي للمؤتمر الوطني واحاديث قادته عن الدواء المر والجراحة الاقتصادية لوضع الاقتصاد في الطريق الصحيح وعن تعافي الاقتصاد كحقائق ثابته موكدة وانطلاقه كنتيجةحتمية , وكنماذج تشئ وتفيد بان هناك ثمة جهدا علميا مقدرا ودراسات اقتصادية مستفيضة , قد سبق تلك القرارات واسس لاختيارها باعتبارها هي الافضل والامثل من بين كل الخيارات الاخري المتاحة وما اكثرها كما يفيد علم الاقتصاد . لكن وكما يقال في مثل هذه الحالة بان جهيزة قد قطعت قول كل خطيب , وذلك لان حديث البشير ذلك لم يخرس فقط اقتصادي الانقاذ وسدنتها من السياسيين والمنتفعين والقمهم حجرا , بل قطع السنتهم وبلعهم اياها مع سبق الاصرار والترصد وانهم قد قاموا بهضمها دون اي عسر يذكر او شكوي . هذا وبالاضافة الي حديث البشير والواضح والصريح فهناك حيثيات معرفة مجلس الوزراء بتلك القرارات في نفس اليوم وقبل عدة ساعات من اعلانها ولان الوقت لم يكن يسمح باي نوع من المناقشة , فانها كانت من باب العلم فقط , مما يعني ليس فقط اسقاط حق المجلس والزراء في مناقشتها وتبنيها ولكن عدم الثقة في حفاظهم علي الامر سرا وعدم تسريبه والانتفاع من ذلك بشكل او باخر .وانسي حكاية حرمان المجلس الوطني من حقه الدستوري في الاطلاع عليها كمشروع ودراستها واجازتها كسياسة ملزمة وقانون . هذا بالاضافة الي ملابسات المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية المغلوب علي امره وهو في حالة اضطرار واضطراب في نهاية الاسبوع وفي ساعة متاخرة من ليلة الخميس , وحتي تساعد العطلة في امتصاص اثار الصدمة والتقليل من درجة غضب الناس ,في الوقت الذي استعدت فيه الحكومة بحشد قواتها لردع اي احتجاجات متوقعة .
تصريح البشير والذي لا يحتاج الي شرح وتفسير عن كيف ترضخ وتفرض الحكومة وتمرر الحكومة سياسات صندوق النقد الدولي وفرضها بالقوة وكامر واقع , ولكن مع ذلك هناك اهمية لتاكيد ان القرارات تلك هي من وصفة الصندوق , خاصة وان للصندوق نظرياته ومنطلقاته التي يبرر بها وصفاته انطلاقا من مصلحة القطاع المتقدم من نظام الراسمالية العالمي ومن دون اي اكتراث لاوضاع ومصالح القطاع المتخلف والتابع في هوامش النظام . هذا ولان الشئ بالشئ يذكر اريد ان اهمس في اذن المؤرخين بان الحكومة ولانهاء القطيعة مع صندوق النقد الدولي وافقت في 1997علي شروط استعادة الغضوية والتي من ضمنها ان تتم موازنة الدولة لعام 2000 علي اساس ضريبة القيمة المضافة , الشئ الذي سيتطلب اجازة المجلس الوطني لقانونها في ديسمبر 1999 , وبعدها اعتماد موازنة 2000 كقانون مالي . هذا وفي الوقت الذي اعدت فيه وزارة المالية الموازنة علي اساس القيمة المضافة وارسلتها الي مجلس الوزراء كان نظام الحكم يعيش معركة المفاصلة بين المنشية والقصر , وان الترابي الذي تراجع عن قراره بترك رئاسة المجلس الوطني ,كان يستعد لاجازة تعديلات دستورية تقلص من سلطات البشير وتعتمد انتخاب الولاة لا تعيينهم . ولان الحكومة لم تكن ترغب في انعقاد الوطني لتيقنها من نجاح الترابي في مخططه ,الا انها كانت وفي نفس الوقت محتاجة لانعقاد المجلس الوطني لاجازة قانون القيمة المضافة والموازنة العامة . فما العمل اذا. والحل كان في قرارات 12 ديسمبر 1999 باعلان حالة الطوارئ وحل المجلس الوطني وتعليق بعض مواد الدستور . والسؤال التاريخي هو هل ان الامر قد حدث بالصدفة ام ان للصنوق دوره , واي الموضوعين كان الاصل والاساس خاصة وان ما يدعو للبحث عن دور الصندوق ان حل المجلس قد صحبه مباشرة امر جمهوري رابع قضي بالغاء ضريبة المبيعات واعتماد القيمة المضافة . والجدير بالذكر ان الحكومة وفي ذهنها المعارضة القوية والعنيفة التي صاحبت تطبيق القيمة المضافة في الكثير من الدول كانت في حالة خوف وتوجس !؟
بالرغم من ان الاكثار في الشرح قد يفسد المعني الا ان حصر البشير للامر بين خيارين فقط ولا ثالث لهما والي درجة ان احلاهما مر , هو ما يتطلب التعليق والتساؤل حول هل يا تري ان الامر هو كذلك , خاصة وان علم الاقتصاد هو علم البدائل . وفي البدء يجب الاعتراف بان من الممكن جدا حصر الامر في خيارين لا ثالث لهما صحيحا و لكن من وجهة نظر الاقتصاد السياسي والتحليل الطبقي وتوزيع الاعباء اقتصادية واي الطبقات والفئات الاجتماعية يمكن تحميله عبء هذه الاجراءات وعليه دفع الثمن ؟ الطبقة الغنية التي تحتكر السلطة وتمتلك الثروة او الطبقات الكادحة التي تعيش المسغبة وتكابد عنت الحياة . لكن ومن ناحية اخري فان افتراض الخيارين هذا لن يصمد كثيرا من وجهة نظر الاقتصاد البحت والتحليل المالي والمفاضلة بين الخيارات المختلفة لتغطية العجوزات المالية . خاصة وان القاصي والداني والمواطن العادي يعلم علم اليقين مما يعرف ويشاهد ان هناك انفاق وصرف بزخي وانفلات في الصرف الاداري , ومقايضة المناصب الدستورية وامتيازاتها مقابل استقتطاب حملة السلاح واستمالة المعارضين وتدجين السياسيين وكسب تاييد العشائر والقبائل ,وان هناك اموالا مهولة يبتلعها الفساد دون وازع من ضمير او ردع من قانون ,والكثير من الاموال المجنبة التي استحالت علي لاية وزارة المالية واستعصي علي المراجع العام امر مراجعتها . هذا بالاضافة الي ما يضيع علي الدولة من تخصيص مشتروات الدولة وعطاءاتها لجهات محددة دون اي منافسة , ومن الاعفاءات الضرائبية والجمركية والتسهيلات في اسعار الاراضي والسلع والخدمات , والتساهل في التحلل واسترداد المال العام . واخيرا وليس اخر تفضيل الحكم لخيار زيادة عضوية كل من المجلس الوطني والولايات والمجالس التشريعية بدلا من استيعاب اهل الحوار في تلك المؤسسات بانقاص نصيب المؤتمر الوطني وعضويته الغالبة . اما الصرف علي حكومة الوفاق الوطني فالله يكضب الشينة . لكن مثل هذا لا يعد كبدائل الاقتصادية لرفد مالية الدولة بالاموال , وذلك لان الحكم لا يستطيع الاقتراب من عش الدبابير والقطط السمان لتدبير الاموال اللازمة لسد العجز في كل من موازنة الدولة وميزان مدفوعاتها وموازنات ولاياتها المتعددة ومحلياتها الكثيرة . اي طبقةالاثرياء الجدد التي تشكلت نطفتها من تزاوج طفيلية مايو من العسكريين والبيروقراطيين مع تجار ورجال اعمال الجبهة القومية الاسلامية وتقوت باستلام السلطة في 1989 وقوي عودها بمصادرة الحقوق وكبت الحريات وبالتسلط والارهاب في كنف العشر سنوات الاوائل من الانقاذ , حتي اشتد الساعد وقامت بقذف عراب الانقاذ خارج الملعب . وانه بعد انقلاب القصر في ديسمبر 1999 استاسد وتنمر وتفرعن وطغي حتي صار لسان حاله يقول انا ربكم الاعلي ما اريكم الا ما اري وما اهديكم الا سبيل الرشاد .
بالتاكيد ان من حق محمد احمد ان يعرف ويفهم الفرق ما بين القرارات العلمية المدروسة والاجراءات الاخري خبط عشواء وسلق البيض, اوتلك التي تاتي عفو الخاطر فتاخذ سمة المغامرة او المقامرة او الاثنين معا . والسؤال بالضرورة موجه لاقتصادي النظام وفريقه من ااخبراء بحكم انهم قد حلوا محل المستشارين في حالة غياب اي مؤسسة اقتصادية استشارية للرئاسة . وسؤالنا لهم والمصحوب ببعض الرجاء هو تنويرالناس بمنطلاقاتهم ومبرراتهم لاتخاذ هذه الخيارات ودون غيرها ان كان لديهم شيئا من هذا القبيل , خاصة وانهم ما انفكوا يصفون الحلقات المختلفة لهذ الوصفة منذ 1990بانها العلاج الناجع والجراحة المطلوبة لوضع الاقتصاد في الطريق الصحيح للتعافي والانطلاق , بالرغم من ان النتيجة وفي كل مرة دائما ماتكون المزيد من تدهور الاقتصاد وتردي الاحوال المعيشية . واكبر دليل علي قولنا هذا انه وبالرغم من كل تلك الجرعات المتزايدة والصعبة فان النتيجة الحتمية لن تنحصرهذه المرة فقط في انهيار الاقتصاد بل في امكانية ذهاب ريح الدولة نفسها وذلك باعتراف رئيسها لضباط الاستخبارات . وعليه فان الكلام المنمق عن التحسن والتعافي لن يصمد طويلا اما حقائق التاكل المتواصل في قيمة العملة الوطنية وبتوتائر كبيرة ومتزايدة منذ بداية الانقاذ اضافة الي عدم استقرار الاسعار وانفلاتها وتدني مستوي المعيشة باعتبارهما اهم مؤشرين لاقناع المواطن بذلك , ناهيك عن المؤشرات الاخري مثل تعثر الاقتصاد وتدهور الانتاج والبطالة وغيرها .واكيد ان الحديث سيطول ويتحول الي اسئلة واستفسارات عن دور الجامعات والكليات ومراكز الدراسات التي اكثر النظام من انشائها بدعاوي الثورة التعليمية , واي منها قد قام بالبحوث والدراسات المطلوبة والضرورية لدعم هذا الخيار ورفض اخر , وفي اي دورية علمية او منتدي او منبر علمي او اعلامي بما في ذلك الصحف اليومية قد تم تناول اوالتطرق من بعيد او قريب لهذه القرارات ناهيك عن المناقشة او الحوار حول السياسات الاقتصادية للدولة . وان راس السوط سيصل الي اجهزة التخطيط الاستراتيجي القومية والولائية والتي يبدو من الحصيلة والنتائج الفعلية ان استراتجياتها تؤشرفي اتجاه ولكن تدلف في الحقيقة بالبلاد والعباد في الاتجاه المعاكس تماما كما يقال , بدليل الحروب والنزاعات القبلية وانفصال الجنوب وتعثر الاقتصاد وانهيار الخدمة المدنية وسؤ العلاقات الخارجية. هذا واكبر دليل ان صناعة القرار والسياسة الاقتصادية التي تحكمها المصالح الخاصة , تتم عفو الخاطر وبطريق سلق البيض وتقوم بخبزها جهات خفية والتي من انانيتها وجشعها لا تستهدي حتي بالمقولة الشعبية التي تنصح باعطاء الخبز لخبازه ولو ياكل ثلاثة ارباعه, هو طريقة الصدمة والاستعجال الذي صاحب اصدار تلك القرارات وعدم الانتظار لعدة ايام لتضمينها في الموازنة الجديدة خاصة وان الموازنة السنوية للدولة هي في حقيقة الامر خطتها الاقتصادية والمالية للسنة القادمة وحيث ان كل للنشاط الاقتصادي في كامل الدولة وانشطة جهازها الحكومي في الداخل والخارج تنطلق من مقرراتها وحساباتها .ولان من شان مثل تلك القرارات المتعجلة والقرارات قصيرة المدي ليس فقط التأثير على كل السياسات المالية والنقدية والادخارية التمويلية والاستثمارية وانما ارباك مجموع مبادرات وتدابير الانشاطة الاقتصادية من انتاجية وتجارية واستهلاكية في كل من القطاع الداخلي والخارجي للاقتصاد والتي تشمل مؤسسات القطاع الخاص والعام والشركات شبه الحكومية ومشاريع الاستثمار خاصة الاجنبية وحتي الافراد ,فان السؤال بالتالي هو عن دواعي الاستعجال هذا , وباي وجه يحق اذا لاقتصادي الحكومة ومسؤوليها الحديث عن التخطيط الاستراتيجي و الخطط متوسطة وطويلة المدى لتحقيق الإصلاح والاستقرار الاقتصادي . ومثل هذا السلوك لا يذدري بل ويدوس بالارجل علي مفاهيم البرمجة والتخطيط ويستخف ويسخر من مضمون البرمجة والموازنة العامة ناهيك عن ما يرتبط بذلك من جريمة خرق قانون الموزانة كقانون مالي عام . كما وان ما يزيد الطين بلة هوعدم احترام بل وتخطي المؤسسات الدستورية صوت الشعب وعينه التي تراقب وتضبط اداء و ممارسات الجهاز التنفيذي .
هذا وفي اتجاه فهم العملية الاقتصادية في جانبها الاجتماعي والسياسي والتاريخي اريد التنويه بانه كان يا ما كان في وزارة خاصة بالتخطيط الاقتصادي والاجتماعي في السودان , وكانت قد استحدثها لاول مرة في تاريخ البلاد نظام مايو في سنواته الاولي وقبل ان تعتريه التغييرات السياسية ويتنكر للطموحات الشعبية . لكن وبالرغم من انها لم تعش اكثر من ثلاث سنوات الا انها نجحت في وضع خطة خمسية علي اسس علمية واحصائية , وان النظام نفسه وباملاءات اجنبية وضغوط خارجية قد قام بتجميد الخطة وحل الوزارة بالرغم من اهمية دورها في الماضي وحاليا وفي المستقبل ليستبدلها بمؤسسات لا صلاحيات لها , وسرعان ما انتهت في الي جسم لا هو بالضكر ولاهو بالانتاية ضمن وزارة المالية والاقتصاد . اما الانقاذ فليس فقط قد اكملت الناقصة بحل حتي هذا المسخ المتبقي باسم التخطيط وتوزيع مهامه علي الوزراء والوزارات ذات الشوكة القوية , وتحويل ما تبقي من عمالة الي وزارة المالية و باعتبارهم غير مرغوب فيهم وغرباء ولاسباب اخري لا يتسع المجال لشرحها سميوا بالصرب . والهدف هو خلق وزارة جامبو (التخطيط الاجتماعي) تليق بللسيد علي عثمان , وانه عندما تشعبت المشاكل وادلهمت الخطوب تم انشاء مجالس هلامية لللتخطيط الاستراتيجي ومؤخرا بتكوين ادارة مستقلة بالتخطيط الاقتصادي ضمن المالية لتبدا مرة اخري ومن جديد من الصفر .هذا واكثر ما يدهش ان النظام وبالرغم من وقوعه في حب الصين وحزبها الشيوعي واشادته بانجازاتها والتوسع في استيراد كل صالح وطالح من منتجاتها بما في ذلك نظامها السياسي الشمولي , والاعتماد عليها في تتمويل نهضته المزعومة والاحتماء بها لدرء اثار العقوبات الاقتصادية والاستعانة بها لتفادي قرارات مجلس الامن , لم يجرؤ بسؤال نفسه عن لماذا حققت الصين طفرتها , واي نموذج تنموي قد اتبعت , واي سياسات اقتصادية قد طبقت, بل ولم تحدثه نفسه الاستفادة من تجربتها التنموية . كما وان حاجب الدهشة قد يعلو ايضا من حقيقة ان اقتصادي السودان هم الفئة الوحيدة من بين التخصصات الاخري والذين لم ولا تسمح لهم الانقاذ بالانتظام في ااتحاد او حتي جمعية مدجنة تجمع شملهم وكمنبر علمي لتبادل الاراء حول اقتصاد بلادهم ومناقشة الخيارات المختلفة ورفد الحكومة ببدائل اخري بالرغم من الحقيقة والتي تتناطح حولها عنزتان من ان الاقتصاد هو علم البدائل !؟ والسبب هو ان الحكومة تري ان لا خيار اقتصادي يعلوعلي خياراتها .وبهذه المناسبة اتذكر انه وابان الموجة الاولي من حورات الانقاذ والتي لم يدع لها المغضوب عليهم والضالين , نجاحنا في اقناع الاقتصادي الاسلامي المرحوم د.مصطفي زكريا مدير مركز الدراسات الانمائية بتنشيط المنتدي الاسبوعي للمركز الذي توقف بعد الانقاذ , وان المسالة لم تستمر لاكثرمن اثنين او ثلاثة منتديات بسبب عدم احتمال الانتقادات الذي تعرض له البرنامج الثلاثي للانقاذ والهجوم علي سياسات التحرير الاقتصادي والذي هو احد عرابيها .واذا ما غضضنا الطرف عن حق الناس في مناقشة ليس فقط ما يمكن ان يوثر علي حياتهم واسرهم ولكن ما يمكن ان يقلبها راسا علي عقب وان ينهي الحياة نفسها في حالة عدم المقدرة علي العلاج وشراء الدواء , ومستصحبين الحديث عن ان قتل نفس واحدة هو بمثابة قتل الناس جميعا , فما بالك بمن ستزت علي يديه اعداد مقدرة من المغلوبين علي امرهم من شعبنا الطيب والعائشون علي هوامش الحياة ضربة لازب .اليس من الواجب والاخلاق وحق الشعب علي هولاء الاقتصاديين , وهو الذي رعاهم واواهم في ,ان لا يخدعوه بسياسات ونظريات لا هي من اجتهادهم ولا هي صناعتهم وانها لا من راسهم ولا من كراسهم
والحديث سييقود حتما الي الاشارة الي دور وزارة المالية كؤسسة انحصرت وظيفتها فقط في الترويج وتنفيذ البرامج الموقع عليها مع صندوق النقد الدولي , والمراقبة من قبل بعثته المقيمة بالسودان , والتي تقيم دوريا من قبل وفوده التي تزور البلاد بصورة راتبة,وينعكس الالتزام بتوصياتها ونصائحها في خطابات كل من وزير المالية ومحافظ بنك السودان الي رئاسة الصندوق واجتماعاته السنوية بوا شنطن . وبالرغم من ان الوضع لم يكن هو الامثل , الا ان الوضع قبل الانقاذ كان افضل نسبيا بسبب وجود ادارات متخصصة في مجالات الاقتصاد المختلفة وكوادر كفؤة ومؤهلة في جوانب البحث والتحليل الاقتصادي .فقد كانت هناك وظيفة الوزارة كخزانة لها ولايتها علي المال العام عن طريق ادارات الايرادات والمصروفات , وما يعضد ذلك من ديوان للحسابات وادراة للمشتروات وللتخلص من الفائض . اما السياسات الاقتصادية ومتابعة تنفيذها واستعراض الاداء في كتيب سنوي , وايضا العلاقات مع المنظمات الاقليمية , فقد كانت مسئولية قسم الاقتصاد . اما قسم التخطيط فقد تخصص في التعامل مع كل من صندوق النقد والبنك الوليين والمنظمات العالمية , وايضا في مجال ميزانية التنمية وما يتطلب ذلك من نموذج للتنمية والسياسات , ووضع الخطط الاقتصادية لقطاعات الاقتصاد المختلفة واقاليمه المعروفة واختيار المشروعات بعد دراستها واعدادها ,ومتابعة تنفيذها بعد توفير اللازم من مكون محلي عبر الموازنة العامة ومكون اجنبي عن طريق القروض والمنح والعون السلعي والغذائي او في شكل التدريب او التاهيل العالي . اما عن وضعها بعد الانقاذ فحدث ولا حرج, فقد ضربها و كغيرها من الوزارات التمكين واحلال القوي الامين في مقتل , واصيبت بهاء السكت من جراء تسونامي انهيار الخدمة المدنية , وان كانت هي احسن حظا ولم تلق مصير وزارة الاشغال ومصالح النقل الميكانيكي والمخازن والمهمات والزراعة الالية التي ذبحت من الاضان للاضان ولا السكة حديد ومشروع الجزيرة والبريد والبرق والنقل النهري الي راحت تحت الاقدام ولا الخطوة الجوية ولا البحرية والتي نحرت جهارا نهارا وسجل البلاغ ضد مجهولين .
واخيرا فان الكلام عن صناعة السياسات وطبخ القرارات الاقتصادية لن يكتمل الا بالتعرض لفريق الانقاذ من الاقتصاديين الذين لم تلد حواء الانقاذ غيرهم وظلوا يتبادلون المواقع فيما بينهم في الدولة والحزب وفي المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية الداخلية والخارجية . فمنهم من يعبر عن رجال الاعمال ويتصرف بطريقة سماسرة البورصة والعقارات انطلاقا من مصالحهم ومنهم من يتعامل بعقلية ناس المصارف والبنوك وفقا لخبراته اما اغلبيتهم فتغلب عليهم عقلية الافندي والمالي والبيرقراطية بحكم انهم اصلا كانوا موظفي حكومة الدولة التي ورثها الحكم من الاستعمار واضع مناهج تربيتهم وترقيتهم وتدوير موظفيها حتي يكونوا خدم مدنيين بحق وحقيقة , ولذلك لم يعرف عنهم وطيلة مدة خدمتهم اي مواقف معارضة اوطنية ناهيك عن الفصل من الخدمة او الاعتقال او السجن بسبب الموقف او الراي المخالف للحكام . هذا ومع ان جل همهم هو الترقي في الوظيفة والتمتع بالفوائد السبعة من السفر والثامنة من الابتعاث للخارج الي المؤتمرات والتدريب والتاهيل العالي عن طريق كسب رضاء الحاكم , وان قمة طموحهم كان المعاش المريح وعضوية العديد من مجالس الادرات, الا انه ولسؤ حظ البلاد والعباد ان جعلت منهم الانقاذ وزراء وخبراء اقتصاد وقادة سياسيين . ومن ثم ماذا نتوقع من لم ينشغل اصلا بقضايا التحرر الوطني ولم يعرف له اي اهتمام بامر الاستقلال الاقتصادي والتغيير الاجتماعي ولم يشغل نفسه يوما ما بالتعرف علي مدارس ومناهج الاقتصاد غير الراسمالي وافتقر لاي خيال اقتصادي غير ما تطرحه النظرية الاقتصادية التي تروج للنظام الراسمالي, وترديد ما تقول به ادبيات مؤسسات بريتون وودز . هذا والحق يفترض ان تقال بعض الكلمات الحسنة في حق اثنين من الطاقم . الاول هو المرحوم د.عبد الوهاب عثمان الذي حظي بالتاهيل العالي في جامعة براغ , الا ان كل من وطنيته وغيرته المهنية قد فتحت عليه ابواب جهنم وجلبت علية سخط وعداء القطط السمان واصحاب المصالح الخاصة. والثاني هو د. مكاوي والذي تاهل في جامعة برلين الشرقية الا ان كل من تصوفه وزهده في الحياة وبيروقراطيته قد جعلوا منه كمثل الذين يحسبون انهم يحسنون صنعا وفي نفس الوقت حمته من الايدي الخفية والعين الحاسدة.. ونواصل .
http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-42426.htm
http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-58568.htm


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.