"مارق قيل وهو عندي شهيد" هكذا أنشد العلامة عبد الله الطيب بعد أسابيع من اغتيال الأستاذ محمود محمد طه بواسطة جماعات الهوس الديني وإمامهم جعفر نميري في الثامن عشر من يناير 1985 . وبعد مرور 32 عاما من استشهاد الأستاذ محمود محمد طه لا تزال مويجات تلك اللحظة الفدائية السلامية النادرة تتسع ، وفي ثنايا هذه المويجات المنداحة نظّم منتدى شروق الثقافي بالقضارف للمرة الأولى ، رغم محاولات سابقة لم تكلل بالنجاح ، احتفاء بالأستاذ محمود محمد طه في ذكرى استشهاده السبت الماضي بقاعة عدن ، كان احتفاء بسيطا في شكله عميقا في دلالته . قال المحامي رمزي يحي رئيس منتدى شروق أن المنتدى محايد بمعنى أنه يقف على بعد واحد من كل القوى السياسية والاتجاهات الفكرية ، ولكن المنتدى ينحاز للديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الفكر ، ومن هنا يجيء احتفاء المنتدى بالأستاذ محمود محمد طه . وقدم رمزي فذلكة تاريخية لوقائع المحكمة التي تفتقر لأدنى معايير المحاكمة العادلة . شاهد الحضور فيلمين وثائقيين عن حياة الأستاذ وعن محاكمته . ثم بدأت إفادات ومداخلات الحضور كل حسب اهتمامته وتجربته ، وإن كان هنالك شبه اتفاق على تحميل الإخوان المسلمين ووعاظ السلطان والرئيس نميري مسئولية اغتيال الأستاذ بدرجات متفاوتة . وصف الباشمهندس مصطفى السيد الأستاذ بأنه مفكر سوداني عالمي وعلينا أن نفخر به كسودانيين وقال أن تطوير الشريعة الإسلامية الذي دعا له الأستاذ هو ما نحتاج إليه الآن . ومن ناحيته قال بخيت عبد الله بخيت نحن لم نحضر فترة الأستاذ محمود محمد طه ، وتلقينا معلومات منفّرة عنه في المرحلة الثانوية مثل قولهم أنه يقول أن الصلاة قد رفعت عنه ، لاحقا اكتشفنا أن أفكار الأستاذ قوية وأن للجمهوريين عادات جميلة كتبسيط الزواج . وحمّل المعلّم محمد فتح الرحمن المشاركين في السلطة مسئولية الجرائم التي تحدث في عهد الأنظمة التي يتشاركون معها السلطة ، ومن ناحيته قال حسن علي سرالختم أن الجمهوريين يستندون على التربية ولا يسعون للسلطة وهذا ما أرّق مضج الأخوان المسلمين ، ووصف الجمهورين بأنهم ناس كويسين يحسن التعامل معهم . وأكّد وجدي خليفة أن الجمهوريين هم من ابتكر أركان النقاش في الجامعات واتسموا بالهدوء والانضباط العالي واللغة الرصينة والصبر على أذى الخصوم . تظل الفكرة الجمهورية محل خلاف ويبقى تأييد الجمهوريين لنظام مايو في بداياته محل انتقاد ، ولكن صدق الأستاذ محمود محمود محمد طه ، وزهده المشهود ، وسلامية دعوته الملهمة ، وشجاعته غير المتناهية هي منابع يحتاج القادة وكل الناس إلى النهل من معينها .