يبدو أن الوسيط الإفريقي في الشأن السوداني رئيس جنوب إفريقيا السابق ثابو أمبيكي ولجنته قد وصلوا إلى قناعة أن الوساطة قد وصلت لنهاية الطريق لإيجاد حل تفاوضي للأزمة السودانية وأنها وصلت بالفرقاء في الصراع السوداني إلى نقطة النهاية، وما تبقى من جهود الحل السلمي السوداني ينبغي أن ينجزه الفرقاء أنفسهم عن طرق (العون الذاتي)، إذ يبدو أن هذا هو ما عناه في تصريحاته لإذاعة جنوب إفريقيا مؤخرا ونقلته بعض الوسائط الإعلامية. في تلك المقابلة نصح أمبيكي حركات دارفور المسلحة أن تحدد التعديلات التي تطالب بها في وثيقة الدوحة، وأن تفاوض حول تلك النقاط كما نصح الحركة الشعبية (شمال) أن تتقدم بالبديل الذي تقترحه لمشروع توصيل الإغاثة الأميركي الذي رفعته، كما أنه نصح القوى المعارضة المدنية والعسكرية أن تقبل دعوة الحكومة للمشاركة في كتابة الدستور القادم، ورأى أنهم إذ نفذوا كل هذه المتطلبات فإن الأزمة السودانية ستنحل دون أن يشير إلى أي دور تعتزم لجنته أن تلعبه بل ولم يشر لاجتماع قادم أو دورة تفاوض يعتزم الدخول فيها كوسيط، ولكن لا يبدو أن هذا هو الدور الذي تنتظره قوى نداء السودان من الوساطة الإفريقية حسبما عبر عنه السيد الصادق المهدي في خطاب العودة الذي وجهه للجماهير عند عودته للخرطوم من منفاه قبل أسبوع إذ قال: «كل قوى نداء السودان باركت عودتي للوطن وأكدت التزامها بخريطة الطريق والالتزام بالعمل التعبوي لتحقيق أهداف نداء السودان بالوسائل السياسية وبموجب هذا الموقف أرسلت باسم الجماعة خطابا للسيد أمبيكي أطالب بلقائنا معه وأكرر التزامنا بخريطة الطريق»، ولم يشر أمبيكي في تصريحه لهذا الخطاب ولم يلمح لإمكانية استئناف جولات الحوار وفق خريطة الطريق بل هو ما عاد يتحدث عن خريطة الطريق ولا عن اجتماع تمهيدي، وقد شرح السيد الصادق في خطاب العودة الذي أشرنا إليه آنفا ما تفرضه خريطة الطريق من إجراءات إذ قال: «خريطة الطريق هذه تتطلب لقاء تمهيديا واتخاذ إجراءات تهيئة المناخ المناسب للحوار وهي: وقف العدائيات وانسياب الإغاثات الإنسانية وبسط الحريات وفي بنودها تقييم توصيات حوار قاعة الصداقة والاتفاق على أجندة اتفاقية السلام والحكم القومي الانتقالي والمؤتمر الدستوري المنشود على أن تبحث هذه البنود داخل السودان». هذه الإجراءات التي يتحدث عنها السيد الصادق ليست واردة في خطاب الحكومة السياسي ولا في تصريحات أمبيكي التي يطلقها من جنوب إفريقيا ولا في خطاب مبعوثي الدول الكبرى الذين يتحدثون عن الأزمة السودانية رغم أن السيد الصادق تحدث في خطاب العودة عن اجتماع عقده مع المبعوثين الدوليين في باريس قبل عودته للخرطوم، وفي ذلك الاجتماع أكد المبعوثون الدوليون تأييدهم لخريطة الطريق كوسيلة للحوار الوطني، ويبدو لنا أن قوى نداء السودان لا تستطيع أن تراهن على خريطة الطريق ولا على ضغوط دولية في هذا المجال، وربما كان التصريح الذي أدلى به أمبيكي الذي أعاد القضية لأيدي أصحابها أكثر تعبيرا عن الواقع وأن أي حراك في هذا المجال سيرتبط بأن تعيد قوى نداء السودان النظر في استراتيجيتها على ضوء المتغيرات التي استجدت على الساحة السياسية وترسم خطة عمل واقعية لمواجهة تلك المستجدات بدلا من أن تستمر في اجترار الحديث عن (خريطة الطريق) وما نصت عليه ومع استمرار جهود التعبئة السلمية فإن قوى نداء السودان مطالبة بمضاعفة الجهود للوصول إلى خطة عمل جديدة وواقعية آخذين في الاعتبار هذه المستجدات حتى لا يتجمد الموقف عند مرحلة تجاوزها الزمن. من مجمل ما قاله أمبيكي يبدو أنه في مشاوراته القادمة في الخرطوم سيسعى للحصول على اتفاق وقف عدائيات على أساس المقترح الأميركي بالنسبة للولايتين وقبول بعض تعديلات اتفاقية الدوحة بالنسبة لدارفور وترحيل القضايا السياسية للحوار الدستوري لاحقا.; العرب