* تخيلوا الى اية درجة وصل الغرور والاستهانة بالوطن، والفهم الذى يحمله بعض أعضاء حزب المؤتمر الوطنى وقياديه، و"نَغَمة الإحسان للوطن" التى تدور على ألسنتهم، وما يؤلم فى الموضوع أن يحدث ذلك من شاب، يتوقع منه المرء حديثا غير الاحاديث الاستفزازية التى ظللنا نسمعها من قيادات الحزب الهرمة طيلة السنوات الماضية، واستفزاز الشعب بعبارات قاسية، و(أفيهات) شاذة ظلت تتكرر على المسامع بدون ان يرعوِ أصحابها، أو يسألهم أحد، أو يطلب منهم أحد إحسان الحديث مع الشعب!! * وها هى القيادات الشابة تتسلم راية الشذوذ والنشوذ فى الحديث الى الجماهير، بل وتتخطاها الى الوطن الذى أحسن إليهم وقدم لهم ما لم يكونوا يحلمون به، ولكنهم قابلوا كل ذلك بالجحود والنكران، وبدلا عن تمجيده وتعظيمه والوقوف باحترام فى حضرته، فإنهم يمنون عليه ويسيئون له علناً بكل جرأة وعدم خجل، وكأنهم الذين خلقوا هذا الوطن، وأغرقوه بالجمائل والحسنات، وليس هو الذى أتى بهم من الازقة والحوارى الى منابر السلطة، وليتهم أحسنوا إستخدامها، واستخدموها لرفعته ورفاهية مواطنيه، ولكنهم لم سخروها لتحقيق مصالحهم الشخصية واطماعهم الأنانية، وقمع الشعب، ثم هاهم يمنون على الوطن ويقابلون جميله بالجحود!! * لعلكم سمعتم ما دار فى ندوة سياسية بمدينة الكاملين، شارك بالحديث فيها عن (الوضع السياسى الراهن فى ضوء مخرجات الحوار) قادة ينتمون لاحزاب المؤتمر الوطنى، و المؤتمر الشعبى، والاتحادى الديمقراطى الأصل .. وكان أحد المتحدثين الاستاذ (أبوبكر عبدالرازق) أمين الفكر بحزب (المؤتمر الشعبي) الذى قال انهم عندما قرروا المشاركة فى الحوار، فعلوا ذلك من أجل (الوطن) لا (الوطنى)، ومن اجل تحقيق الحرية، وإنهم لن يشاركوا فى الحكومة إذا لم تُجز الحريات، لأن مخرجات الحوار ستصبح فى هذه الحالة مجرد ورقة ليس لها قيمة، وأضاف قائلا: "التعديلات التي تقدمنا بها (لازم) تمشي كما هي، ونحن بيننا وبين المؤتمر الوطني عهد في مؤتمر الحوار واللجنة المشتركة، والوطني ملزم بأن يفي بالعهد، وعندنا اتفاق مع راجل اسمه البشير، وان الوضع الطبيعي أن يبصم المجلس الوطني عليها لأنها أتت من مؤتمر الحوار"، وقال انهم ضد اعتقال السياسيين، وكشف أن حزبه كان يتمنى أن يكون رئيس الحكومة الجديدة من التكنوقراط، وعلى مسافة واحدة من كل الأحزاب!! * قال ابوبكر هذا الحديث الذى يتطابق مع أمنيات الجماهير، ولكنه لم يرق للقيادى بأمانة الشباب بحزب المؤتمر الوطنى (الهادى محمد المهدى أبو زايدة)، خاصة الجزئية المتعلقة بتقليص سلطات جهاز الأمن، فطفق يتحدث بلغة جافة وعبارات قاسية، ويجنح نحو التهديد والوعيد، وقال فيما قال ان "الجهاز لا يمكن أن يكون بدون أنياب بينما البلاد تتهددها المخاطر، ومن بينها المخدرات"، وكشف عن نوع منها ترسله مخابرات أجنبية الى السودان، "تحدث اهتزازاً في اليد وتجعلها غير قادرة على استخدام السلاح"، وأضاف، ان من يعتقد أن الوطني سيقدم عنقه لتنهال عليها السكاكين فهو واهم، وان نصيب الحزب في الحكومة المقبلة (52%)، ولقد تنازل عن الباقى (من أجل الإحسان للوطن). * تخيلوا .. الوطنى يتنازل عن جزء من السلطة (إحسانا للوطن)، كما قال (ابوزايدة) .. الوطن الذى دمروه ونهبوه ومرغوا كرامته فى الأرض، وهاهم يمنون عليه الآن، ويسيئون إليه، ويعتبرون تنازلهم عن جزء من كيكة السلطة (إحسانا له)، وذلك بدلا عن تمجيده وتعظيمه وتقديم الشكر له، والمحافظة عليه !! الجريدة الالكترونية [email protected]