بالأمس ، عند زيارتي المسائية لتجمع من ( جماعتنا ) تربطني بهم أوشاج رحم ومودة وجلسات أنس جميل ، وغالبيتهم مثلي ممن بينهم وبين المؤتمر الوطني ما صنع الحداد ، كادت أن تتلقفني أياديهم الساخطة وتنهال علي بالضرب المبرح ، حين دخلت عليهم مكبراً ومهللاً مستبشراً بفوز المؤتمر الوطني (الحاكم ) والمتحكم في أوصال السودان العسكرية والأمنية والشرطية والقضائية الإقتصادية والإعلامية ، ولم تفدني توسلاتي لهم أن ينتظروا ليسمعوا وجهة نظري وسر فرحتي العارمة بهذه النتائج ، ومن ثم لهم بعد ذلك أن ( يحاكموني ) ويحاكموا المؤتمر الوطني إن وجدوه ( مذنباً ) في ما حققه من نصر كاسح في هذه الإنتخابات ، وبعد أن نلت ما ( قسمه الله لي ) من ركلات وصفعات وسباب جلست بإصرار لأشرح لهم سر فرحتي ، وأستأذنكم لأشرككم معنا في سر فرحتي واحتفائي بفوز المؤتمر الوطني ب ( كااااااااااامل ) المقاعد الشمالية بكل الأجهزة والمستويات . سألت (جماعتي ) ، وأسألكم أنتم : أن نتجرد جميعاً من رغبات و إنفعالات ذواتنا الضيقة وأن نرتقي ونسمو للتفكر في ذات الوطن ، وأن نتناسى ما ( تضمره ) نفوسنا من سالب مشاعر البغض والكراهية و كامن أحاسيس الغبن والظلم والمخمصة تجاه المؤتمر الوطني و حكومته و عضويته ، وأن نتذكر أننا بصدد مصير وطن كامل تتفتح فيه الجراح ، وينبت به في كل يوم جرحٌ جديد ، ، ثم إن تكرمتم ولبيتم ما سألتكم ، وتجردتم من الذوات الخاصة لذات الوطن ، وتناسيتم ضغائنكم التي رباها في نفوسكم المؤتمر الوطني وحكومته بأفعالهم ، فانظروا وتفكروا معي في الحقائق العشرة التالية ، و(أشخطوا ) علامة ( صح ) أو ( خطأ ) أمام كل منها لنخلص معاً للنتيجة النهائية : 1. المؤتمر الوطني هو الحزب ( الحقيقي ) الوحيد الموجود بالسودان اليوم ، بفكرٍ واضح المعالم (أختلفنا معه أم أتفقنا ) و ببرامج موثقة و منشورة ( كارثية كانت أم تنموية نهضوية ) و بمؤسسات متكاملة البنيان وهياكل منتظمة وفاعلة ومعينات عمل ومقدرات مادية متوفرة ( قد نختلف في كيفية حصوله عليها ، لكننا لن نختلف في حقيقة توفرها ) ، وما سبق يعتبر ركيزة أساسية وضمانة هامة في أصل كل حزب يتقدم لقيادة أمة أو بلد تفتقر إليها بقية أحزابنا من ذوات ( الأربعة وأربعين ) المتمحورة حول شخوص قادتها وجيوبهم . 2. المؤتمر الوطني ( مستفيداً من رصيد الحركة الإسلامية المعروف ) هو الحزب الوحيد بالسودان الذي يملك عضوية قوية وواسعة الانتشار بالسودان ، تمتاز بإيمان قوي بإيدولوجيتها دفعت في سبيلها أرواح وأرواح ، و بوعي سياسي وتنظيمي عالي ، وبخبرة وباع طويل في الإنضباط التنظيمي والإنصياع لأوامر القيادة وتوجيهاتها ، وذات تفاعل قوي وإيجابي مع ما يدور في الساحة من أحداث ، و هذا ، لعمري وعمركم ، هو أقوى أسلحة التمكن والسيادة والقوة ، وهو ما ظهر بوضوح منذ قيام الأنقاذ وحتى فترة التسجيل و في كل مراحل العملية الانتخابية الفائتة التي بذلت فيها العضوية جهود مشهودة بغض النظر عما استخدم فيها من اساليب . 3. المؤتمر الوطني هو الحزب الوحيد الذي يملك موارد مالية ذاتية ( كانت تملكها الحركة الإسلامية قبل توليها للحكم ونمت بعد ذلك بتسهيلات هائلة ) تجعل منه قادراً على خوض كافة معاركه ( وبالتالي معارك السودان : رغم أنفنا ) بقدرة وفعالية كبيرة ، وتعطيه إستقلالية كبيرة في إتخاذ قراره السياسي متحرراً بذلك من سداد فواتير الدعم الخارجي التي ظلت ، وما زالت ، تقع أسيرتها بقية الأحزاب في بلدنا وفي معظم بلدان العالم ( الثلاثين ) أو الثالث . 4. المؤتمر الوطني يملك في ( رصيده ) وعضويته حالياً أكبر عدد من التكنوقراط وأصحاب الكفاءات العلمية والوظيفية والخبرات العملية في كافة مجالات الحياة الإستراتيجية ، خاصة في إدارة دولاب الدولة و الإقتصاد والأمن ، وهو بذلك ( نظرياً ) الأقدر على إدارة دفة الحراك الرسمي للدولة ( بغض النظر عن سلامة وجهته أو خطأها ) في ظل الظروف الرديئة داخلياً وخارجيا ًً التي يعيشها السودان حالياً ( بغض النظر عمن تسبب فيها ) ، وهو الذي ، عملياً ، بهذه الكفاءات والقدرات البشرية التي يملكها قد حقق من التنمية والنهضة في البنيات التحتية الأساسية للدولة ما لم تحقق نصفه جميع حكومات السودان مجتمعة منذ إستقلاله ، لقد أحسن ، ولن تدفعنا معارضتنا له لنبخسه جهده في ذلك . 5. المؤتمر الوطني ( برغم كل إخفاقاته وقصوره في مجالات عدة ) ، وبما يمتاز به مما ذكرته أعلاه ، هو الحزب الشمالي الأقدر ( إن لم يكن القادر الوحيد ) على مجابهة ومنازلة ومقارعة ما يحاك للسودان من دوائر خارجية ( وما أكثرها ) وداخلية ( الحركة الشعبية تحديداً ) وهو بالتالي الأقدر والأجدر على الحفاظ على سلامة أمن واستقرار و إستقلال السودان في الوقت الحالي على أقل تقدير حتى تشب على الطوق أحزاب شمالية ذات ( أظافر و حوافر ) ، أحزاب غير التي نراها اليوم تتراكض كما الأرانب تطلب حماية ومباركة ( الحركة الشعبية ) و تتسول سند و دعم وتوجيهات مكاتب إستخبارات وسفارات الدول ذات المآرب والمصالح الذاتية في السودان . 6. رئيس المؤتمر الوطني ومرشحه لرئاسة الجمهورية ، برغم ( عصا الجنائية الطالعة ونازلة ) ، هو الأقدر على الإمساك بحبال وأوصال الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية وقيادتها ، وهي تدين له بولاء شبه خالص لن يجده أي من المرشحين الذين نازلوه ، وبدون هذا الولاء من هذه القوة الضاربة وهذه القدرة التي يملكها (الرجل ) على السيطرة عليها لن يستقر للوطن أمن ولا إستقرار ولن يسلم الوطن أو يصمد أمام أي مهددات داخلية أو خارجية ، ولن تتمكن أي سلطة سياسية كانت قد تأتي بها الإنتخابات الحالية السيطرة على هذه الفئة المؤثرة ، كما ولن يأمن الوطن كيدهما لبعضهما البعض . 7. المؤتمر الوطني هو الحزب الوحيد بالسودان الذي يمكنه ( إذا أراد قادته ) أن يحدث إصلاحاً سريعاً داخل أجهزته أو افكاره أو خططه أو برامجه ، ومن ثم يتحول بهذا الإصلاح لإصلاح حال البلاد وإنتشالها مما ( أغرقها ) بها من مشاكل ( يعني هناك أمل ) ، بينما غيره من الأحزاب يلزمها ( عمر نوح ، وصبر أيوب ، ومال قارون ) لتأسيس نفسها وإصلاح بناءها المتهالك وترميم عضويتها المتآكلة بفعل الزمن والمحن وبفعل المؤتمر الوطني نفسه ، ويكفيني دليلاً على ( إنتهاء صلاحية ) هذه الأحزاب الكهلة الهرمة أنها ظلت تعارض وتقاتل الأنقاذ والمؤتمر الوطني طوال عشرين عاماً ولم تقدم للسودان وشعبه شيئاً و ( نعِم بطول سلامته المؤتمر الوطني ) بل إزداد قوة وطغيانا . 8. لن أحتاج لذكر الكثير عن حال بقية أحزابنا الشمالية التي تتناطح في داخلها ، وتتصايح فيما بينها من أجل مصالح ذاتية تنالها سراً فتصمت دهراً لتنطق بعده كفراً ، ونظرة متجردة قصيرة لمقارنة حال أحزاب الشمال بحال المؤتمر الوطني تكفينا لنختار ركوب ال ( هنتر موديل 1977 م ) التي تسير ببطء و بها علل العجائز ، لكنها تسير ، بدلاً عن ركوب ( كارو يجرها حصان أجرب أعرج أعمى ) سوف يأخذنا إلى اللا مكان ( محلك سر ) إن لم يتقهقر بنا إلى الوراء سنين عدداً . 9. في وطن ما زال أهله في غالبيتهم مهمومون بأمنهم الشخصي ( في روحهم ذاتا ) وبمأكلهم ومشربهم و علاجهم و تعليم أبنائهم ، تصبح ( الديمقراطية ، وحرية التعبير ، والتداول السلمي للسلطة ، والنزاهة والشفافية ، و..... ) وغيرها من طلاسم الفلسفة السياسية التي تمتلئ بها ساحاتنا اليوم ، تصبح نوعاً من الترف الفارغ الذي لن يجد إهتماماً ولا صدى في نفوس غالبية شعبنا ( الفضل ) ، وتقبع مرتاحة في ذيل أولويات كل سوداني عاقل في قائمة متطلباته الأساسية اليومية التي أشرنا إليها أعلاه ، وفي حين يبشر المؤتمر الوطني شعبنا الفضل بالكفاية والرفاهية وتوفير هذه المتطلبات رداً لجميل الشعب على المؤتمر الوطني ، يبشرنا خصوم المؤتمر الوطني بالحرية والديمقراطية والشفافية و.... ( البطيخ ). 10. لما سبق ، و برغم معارضتي المعلنة و المشهودة لكثير من سياسات وأعمال بل وجرائم المؤتمر الوطني في الحق البلاد والعباد ، بما فيها جرائم الحرب المتهم به رئيسه ورئيسنا ( رغم أنفنا ) ، فإنني أؤمن تماماً أن المؤتمر الوطني هو أفضل الخيارات المتاحة للسودان بوضعه الحالي ، ، و هو الأقدر على الحفاظ على ( بقاء ) و سلامة وأمن وإستقرار السودان . وأنه ليس بساحة السودان اليوم سواه حزب يستطيع أن يدير وطناً يواجه حرباً في أطرافه تأبى أن تهدأ نيرانها ، ونازحين من مواطنيه تفيض بهم المعسكرات ، و مهاجرين من أبنائه تعج بهم المهاجر ، وطن مقبل على إستفتاء الجنوب الذي ( في أغلب الظن ) سيحيله إلى ( سودانين أثنين أو أكثر ) . كما أنه ليس بالسودان اليوم حزب يستطيع مواصلة نهضة تنموية بدأها المؤتمر الوطني ، ففي سوداننا كل قادم للحكم يلعن سابقه و ( يكنس آثاره ) و يهدم ما بناه . وبعد ، هل أوضحت لماذا تراني سعيداً بفوز المؤتمر الوطني ؟ ، الا تتفقون معي بأن المؤتمر الوطني ، على أقل تقدير ، هو ( الطشاش الفي بلد العميان ) ؟ وأخيراً ألا نحمد الله على ( مطشش ) قد يغيض الله له عاقل من داخله يعالج ما به من علل ويهديه ما يفتح به عينيه ؟ ألا نحمده أنه عز وجل ، ونحن في عز محنتنا هذه ، لم يسلط علينا ( أعمى ) يعيدنا ل ( مربع صفر ) ؟. وإن صدق من أخبرنا وبشرنا بالخير ، فإن مؤتمر ما بعد هذه الإنتخابات لن يكون كما قبله ، نسأل الله أن ( تنفتح ) عيني المؤتمر الوطني ليزيل عنه ( طشاشه الأختياري ) وأن يحفظ الله به إستقرار السودان ، وأن يجعله رحيماً بشعب السودان بعد ان أذاقه الأمرين لعشرين عاما عجاف، وأن يهديه ليرد لشعب السودان الإحسان إحسانا ، فهم من منحوه وهو ( المطشش ) كااااامل ثقتهم عسى عيناه تنفتحان ليرى ويحسن تكملة المسير . Hilmi Faris [[email protected]] With Love , Respect & Best Regards