حمّلت أحزاب سودانية، الحكومة، مسؤولية تفاقم الصراع الدموي، الذي راح ضحيته عشرات المواطنين، بين قبيلتي الحمر والكبابيش في كردفان، غربي السودان. وشهدت منطقة أبو زعيمة، في ولاية كردفان، اشتباكات دامية بالأسلحة الثقيلة بين أفراد القبيلتين، بعد تبادل اتهامات بسرقة إبل وتوتر واحتقان وسط غياب تام للسلطات. ودعا حزب «الأمة» القومي النظام إلى «يتحمل مسؤوليته باتخاذ حزمة من القرارات الجريئة التي من شأنها أن توقف الاقتتال، وأن تعيد الأمور إلى نصابها، ومحاسبة الجهات المسؤولة لتقاعسها عن أداء واجبها». وأعتبر أن «المسؤول الأول عن هذه الأحداث، واستمرار الاقتتال، هو النظام الذي عمل على نشر السلاح بصورة كبيرة بين المواطنين، وتخلى عن مسؤوليته في حماية المواطنين، وأصبح يتفرج على الاستخدام المفرط للسلاح». وطالب الحزب ب«تحقيق شفاف من قبل لجنة قومية مستقلة بشأن ما جرى وإعلانه على الشعب، وتقديم من تسببوا في هذه الأحداث إلى القضاء، وذلك منعا لأي تصرفات يمكن أن تزج بالمجتمع بأسره في اقتتال عبثي». ودعا الحزب كذلك «كل القوى السياسية والمجتمع المدني والإدارة الاهلية إلى إعلان موقف وطني شامل من العنف وأطرافه والمتسببين فيه والداعين اليه، كمدخل للتعايش السلمي وتقوية النسيج الاجتماعي». من جهتها، حمّلت حركة «العدل والمساواة» حكومة المؤتمر الوطني وحكومة شمال وغرب كردفان، مسؤولية ما جرى، وناشدت قبيلتي الحمر والكبابيش، بضرورة تحكيم صوت العقل. كما دعت الإدارات الأهلية للقبيلتين ب»ضرورة التدخل العاجل لوضع حد لهذه الحرب المؤسفة بين الأشقاء، ووقف سفك الدماء في أسرع ما يمكن، حتى لا يعمق الجرح النازف». وقال الخبير العسكري، محمد عباس الأمين ل«القدس العربي»، إن «المشاكل القبلية موجودة في المنطقة وتحدث لأبسط الأسباب، لكن الذي يشعلها ويزيد من آثارها الكارثية توفر السلاح الأتوماتيكي في الأسواق المحلية»، مشيراً إلى أن «60٪ من السلاح في قارة أفريقيا موجود في أيدي القبائل». وأضاف سبباً ثانياً لاندلاع النزاع، لافتاً إلى «غياب القانون وسيادة روح المصالحات الهشة، الأمر الذي يجعل القتلة يتجولون وسط الناس وهو ما يستفز أهل الضحايا ويسبب عمليات انتقام». وحسب المصدر ذاته فإن «قلة الموارد وعدم وجود حدود واضحة بين القبائل، ساهم في الصراع القبلي، كما هو الحال في صراع الحمر والكبابيش الحالي». وجزم عباس ب»عدم قدرة الدولة على السيطرة على هذا الوضع نسبة لتدفق السلاح من دول الجوار، ووجود حدود طويلة ومفتوحة، إضافة للتداخل القبلي بين السودان والدول المجاورة، ما يشكل حماية كاملة للفارين». أما أستاذ العلوم السياسية، صلاح الدومة، فبين أن «السلطات الأمنية هي التي تساهم في هذه الصدامات الدامية». وأشار، ل«القدس العربي» إلى أن «تركيبة النظام الحالية تشجّع الأجواء المتوترة، وذلك تمهيدا لفرض الأحكام العرفية وتعليق الدستور وفرض حالة الطوارىء وحظر التجوال وإطلاق يد الأجهزة الأمنية للقضاء على الناشطين والمعارضين». وحسب الدومة «الأحداث التي وقعت بين قبيلتي الحمر والكبابيش، هي السيناريو نفسه الذي حدث قبل عامين بين قبيلتي المعاليا والرزيقات وخلّف مئات القتلى والجرحى». وأضاف: «رغم الحشد المسبق للطرفين بالسلاح الثقيل، فإن السلطات الأمنية لم تتدخل إلا بعد اندلاع القتال». ولم تصدر الحكومة السودانية في الخرطوم أي بيان حول هذه الأحداث، لكن جرى تكوين لجنة شعبية أوصت بعقد مؤتمر صلح بين القبيلتين المتقاتلتين. وأطلقت مبادرات أهلية لحل الخلاف من خلال لجنة ترأسها رئيس المجلس التشريعي في ولاية شمال كردفان، ورئيس المجلس التشريعي في ولاية غرب كردفان، وضمت اللجنة في عضويتها قيادات الإدارة الأهلية في المنطقة وزعماء القبيلتين. ونالت الأحداث التي وقعت بين قبيلتي الحمر والكبابيش اهتماما كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي، وانطلقت حملة هاشتاغ (اوقفوا نزيف الدم السوداني). ونُشرت صور للقتلى من الطرفين. وقال ناشطون إن هذه الأحداث خلّفت فوضى عارمة ونهبا مسلّحا امتد لمناطق أخرى. وعلّق رئيس حزب الوسط الإسلامي، يوسف الكودة، أنّ أفراد القبيلتين «يحتاجون للدواء السحري الناجع الذي عالج من قبل قبيلتي الأوس والخزرج». ودعا محمد أحيمر، وهو مواطن من المنطقة، لإطفاء نار الفتنة التي «تدور رحاها بين الحمر والكبابيش في دار الريح بسبب سرقة إبل تتبع لحمر من قبل متفلتين من الكبابيش». وطالب الجهات الرسمية ب»التحرك العاجل وانقاذ الموقف حتى لا تنجر كردفان إلى سيناريو دارفور آخر».