الموت كحقيقة كونية ماثلة قد يكون لبعض الناس إسدال الستار علي حياتهم وسيرتهم الخاصة والعامة وإلي الأبد. ولكنه وبقدر مذهل يكون بمثابة رفع الحجاب عن سيرة أخرين ، هؤلاء هم المتفردين من الرجال والنساء الذين أمضو حياتهم في خدمة القضايا العظمي وحملوا رايات التحرر والتغيير بأسم المقهورين والمظلومين الذين حاق بهم الحيف ليس لأسباب طبيعية وإنما لأسباب من صنع الأنسان وتدبيره من أجل استغلال اخرين وإستنزافهم نفسيا بتأطيرهم في دوائر مفرغة لا ينفكون منها للإنطلاق نحو فضاءات لا تحدها قيود وولوج هذه الفضاءات تبدأ بتحرير الإنسان عقلاً وجسداً بإعتبارهما متلازمان ومكملان لبعضهما في فعل الثورة والتحرر . فوحدها العقول المحررة من قيود الخوف ورد فعل الجلادين ، هي التي تستطيع فهم نداء الثورة والإنعتاق من نير المستبدين وبذلك تساهم بالفكر والتخطيط في رسم معالم الطريق الجديد الذي إختارت السير فيه وبلوغ نهياته رغم وعورة المسلك وخطورة المهمة. الرفيق القائد نيرون فيليب من هؤلاء الأفذاذ الذين حررو عقولهم وأجسادهم من رجس أيدولوجية القلة المتسلطة منذ المهدية إلي اليوم والتي تتمركز ايدولوجيتها في إستغلال السودانيين ونهب ثرواتهم وقهرهم بكل الأساليب. فالرفيق نيرون من الذين نزرو أنفسهم من أجل قناعاتهم الثورية في الدفاع عن المحروميين والضعفاء ، والذين يضعون تحرير الشعب في مقدمة الأولويات يمثلون في الحقيقة شغاف قلب الشعب النابض وشعلة ثورته التي لا تنطفئ وبرحيلهم تزداد جزوة لهيبها بما تستلهمه من سيرتهم العطرة التي تلهج بها الألسن. فهؤلاء النفر من الرجال والنساء ليسوا رموزاً لمن ضحوا في سبيلهم فحسب بل يمثلون أوتاداً مثبته لمستقبل مشرق لمقبل الأجيال، وهم أشجارٌ وارفة الظلال يحتمي بظلها كل من إشرأبة نفسه للإنعتاق من أصفاد الإستغلال والعنصرية وإنشرح صدره نحو فضاءات الحرية والسلام والمحبة. إمتاز الرفيق القائد نيرون فيليب بشجاعة نادرة وتحمل مهام في غاية الخطورة والسرية في مسيرة نضالية حافلة بالإمتيازات، وكان يسترخص نفسه من أجل غايات الثورة النبيلة والمتمثلة في في تحرير الإنسان والأرض وإرثاء قواعد بنيان السودان الجديد علي اسس الحرية والتراضي والعدالة الإجتماعية والمشاركة المنصفة للسلطة والثروة بين كل بنات وأبناء السودان الجديد وإحترام خيارات الأخرين العقائدية والثقافية وبناء نظام حكم يقف مسافة متساوية من الجميع. فساهم بذلك وبقدر غير محدود وبتفاني في صياغة تماسك الحركة الشعبية لتحرير السودان وعلي وجه الخصوص صياغة وجدان إنسان جبال النوبه وإعادته إلي منصة التاريخ والأحداث وإنقاذه من شفا جرف العدمية إلي آفاق الميلاد الجديد وإلي أفلاك العلم والمعرفة. فمن منّا لا يعرف الدور التاريخي والمفصلي الذي لعبه نيرون فيليب ورفاقه المميزين ومنهم الرفيق رمضان حسن نمر ، الرفيق لازم سليمان الباشا ، الرفيق الشهيد جاكوب إدريس ، الرفيق علي عبدالرحمن شميلا ، الرفيق أحمد عبدالرحمن سعيد ، الرفيق موسي كوه مكي ، الرفيق وليد حامد ، الرفيق إستيفانوس ناصر ، الرفيق يونان موسي كندا ، الرفيق منقاتي كرنوليوس ، الرفيق خالد إسماعيل ، الرفيق عوض خميس ، الرفيق الشهيد يونس جمال ، الرفيق منعم خميس ، الرفيق خليفه سكر. وآخرين كثر من الثوريين الأوفياء الذين قدموا تضحيات جسام في سبيل الثورة ، وعملوا دون كلل وكالنحل مع الرفيق الشهيد نيرون في تنفيذ برامج طموحة في مجالات التعليم والصحة والزراعة والأمن الغذائي عندما كان الرفيق نيرون مديراً لمنظمة النوبه للإغاثة وإعادة التعمير . كذلك ساهم الرفيق نيرون مع الرفيق حسين قطر جديد وبقيادة الرفيق عبدالعزيز الحلو في إنجاز صرح بنك الجبال كإنجاز غير مسبوق ويعتبر فاتحةً لثورة إقتصادية جديدة ، وساهم معهم رفاق كثر منهم من سبق ذكرهم أعلي السطور ومنهم من لايسع المجال لذكرهم هنا لكنهم في قلوبنا ووجداننا فيستحقون منّا جميعاً التحية والتقدير. وكم أتمني أن يكرَّم من بقي من هؤلاء وهم علي قيد الحياة وأن يقلدوا و أفراد جيشنا الشعبي نياشين العزة والكرامة والخدمة الطويلة المميزة من أجل السودان الجديد. لقد فقدنا الرفيق نيرون جسداً لكن ستظل أعماله وقناعته الراسخة مصدر إلهام لأجيال قادمة من المناضلات والمناضلين الذين سيتوشحون بسيرته ويقتفون خطاه وخطي من سبقوه في الدرب من لدن القائد يوسف كوه مكي والقائد دكتور جون قرنق دى مبيور وأرتالٌ من الشهداء سيظلون منارات في دربنا إليهم فلهم منّا حبٌ لايزبل وسلام لا ينقطع. *نائب ممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان / فرنسا باريس 2017/04/17