ليس غريباً أن تفرض قضية جنوب كردفان نفسها على منتدى الصحافة والسياسة بمنزل الإمام الصادق الهدي راعي المنتدي الذي تحول إلى صورة مصغرة من المؤتمر السياسي الجامع. منتدى السياسة والصحافة ظل حريصاً على تمتين العلاقة بين الصحافة والسياسة من خلال التداول حول قضية قومية تهم أهل السودان عامة, وقد عودنا الإمام الصادق المهدي وهو يبتدر المنتدى بطرحه القومي الذي أكسبه احترام كل الفعاليات السياسية. منتدى الأمس جمع كل ألوان الطيف السياسي ولم يتغيب المؤتمر الوطني الذي وجد فرصته في النقاش بمداخلة من البرفيسور إبراهيم غندور وقدم مرافعة عن حزب المؤتمر الوطني الذي اعترف بعض العقلاء من قادته بأهمية التغيير وإصلاح الحال قبل أن يُفرض التغيير عليه من حيث لا يحتسب. اتفق غالب المتحدثين في المنتدى على أن السودان الباقي ليس سودانا واحداً وإنما هناك تكوين إثني وثقافي وجنوب جغرافي جديد اضافة للجنوب السياسي الذي وسع دائرته ياسر عرمان فضم إليه الشرق والنوبيين والمزارعين والنساء, وأنه لابد من وضع كل ذلك في الاعتبار عند الحديث عن مستقبل السودان السياسي والاقتصادي. وكما قال الإمام الصادق المهدي فإن جنوب كردفان من الناحية الإثنية والثقافية نموذج مصغر للسودان بحجمه التليد وأنه وجنوب النيل الأزرق ومنطقة أبيي تمثل طرفاً ثالثاً لا يمكن لاتفاق ثنائي أن يكون حاسماً. إن ما طرحه الإمام الصادق المهدي لا يمكن نقاشه داخل حوش المنتدى فقط رغم المداخلات المهمة التي أثرته؛ خاصة وأنها كشفت عن نقاط تلاقي وسط غالب الفعاليات السياسية؛ ولكن العقبة تظل في نهج الاستبداد والعناد الذي اتسم به المؤتمر الوطني، الذي لابد أن يتغير؛ ودفع استحقاقات التحول الديمقراطي بحقها بلا مناورة أو محاولة لكسب الوقت، أو الاحتماء خلف شعارات دينية إختلف عليها الإسلاميون أنفسهم. إننا في حاجة ماسة لدفع حركة التغيير سلمياً بعيداً عن طبول الحرب والعنتريات التي فشلت في الحفاظ على السودان التليد؛ لأنه لا أحد يعلم حجم المخاطر التي تهدد السودان الباقي ليس فقط من الجنوب الجديد وإنما من كل أطرافه بل وكل القوى المقهورة فيه.