حذر تقرير صادر من مجموعة الأزمات الدولية – وهي مؤسسة بحثية ، مقرها في بروكسل ، وتحظى تقاريرها باحترام واسع لدى متخذي القرار والمجتمع المدني في الغرب – حذر من أن المؤتمر الوطني إذا لم يعالج الأسباب الجذرية للصراعات المزمنة في البلاد، وما لم تعالج المظالم من قبل حكومة شاملة، ستتعرض البلاد للمزيد من العنف والتفكك حتى بعد استقلال الجنوب رسميا في يوليو القادم . واعتبر التقرير انه بدلا من وضع المؤتمر الوطني للحلول فاقم الانقسامات العرقية والإقليمية وقام بتعميق تناقضاتها. معتبرا الوطني حزباً فاقداً للقبول الشعبي، ويواجه عدة تحديات أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية، ومنقسم بشدة بشأن الطريق إلى الأمام. وذكرت مجموعة الأزمات الدولية ان الحزب حشد أجهزته الأمنية لكبح أي تغيير داخلي محتمل أو انتفاضة، وخنق النقاش الدائر حول مسألتي التنوع والهوية في السودان، كما لا يزال مصمما على فرض الهوية العربية الإسلامية على جميع السودانيين ومواصلة سوء استخدامه للشريعة الإسلامية، ومازال على استعداد لمواصلة تقسيم الولايات الرئيسية لإرضاء البارونات السياسية . وقال الأستاذ فؤاد حكمت كبير مستشاري مجموعة الأزمات لشؤون الاتحاد الإفريقي والسودان ( الرئيس البشير وأعوانه المقربين يخشون من تفكك حزبهم. ولخشيتهم من انقلاب محتمل، فقد أصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على الولاء الشخصي والقبلي للبقاء في سدة الحكم)، وأضاف. (تتركز السلطة الآن وعلى نحو متزايد في أيدي عصبة ضيقة حول الرئيس). وقد أنهى اتفاق السلام الشامل عام 2005 الحرب الأهلية الطويلة بين الشمال والجنوب ولكنه فشل في حل القضايا التي لا تزال تحرك الصراعات العديدة الأخرى في البلاد. خلال فترة السنوات الستة لاتفاقية السلام الشاملة (والتي تنتهي رسميا في يوليو). وأوضح ان حزب المؤتمر الوطني أهدر الفرصة للحفاظ على الوحدة الوطنية وإقامة دولة مستقرة وديمقراطية. كما قاوم التنفيذ الجدي لكثير من مواد اتفاقية السلام لأن من شأن ذلك إضعاف قبضته على السلطة على نحو كبير. وكانت النتيجة تصاعد الصراع في دارفور واختيار الجنوبيون الانفصال عندما صوتوا في يناير 2011 على استفتاء تقرير المصير وفي مناطق الهامش المعسكرة والمسلحة والتي لا تقتصر على دارفور فحسب، بل تشمل جنوب كردفان والنيل الأزرق وشرقي البلاد والمناطق المهمشة الأخرى، وكشف التقرير عن تشكل قطاع جديد مستاء من هيمنة الحزب مماثل لسخط جنوب السودان.في الوقت الذي تستمر فيه المعارضة السياسية والعسكرية، ويطالب الكثير من السودانيين بترتيبات دستورية واسعة من شأنها توزيع السلطة والموارد والتنمية بصورة عادلة بين المناطق. ووضعت مجموعة الأزمات الدولية خارطة طريق للخروج من الأزمة الراهنة وقالت انه يتعين معالجة هذه القضايا من خلال حوار وطني حقيقي تديره حكومة تعددية شاملة ومقبولة إذا أراد السودان تجنب المزيد من العنف والانقسام . وأضاف ينبغي على المجتمع الدولي موحداً، وبالتعاون مع كل من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة، الضغط على حزب المؤتمر الوطني لإشراك المعارضة في مثل هذا الحوار الوطني من أجل تعزيز الأساس لبرنامج وطني لإرساء الاستقرار يتضمن مبادئ واضحة لإنشاء عقد دستوري شامل متفق عليه من قبل كل القوى السياسية ورأت كمفرت ايرو، مديرة برنامج أفريقيا لدى مجموعة الأزمات الدولية انه ( مع اقتراب انفصال الجنوب المقرر بعد بضعة أشهر فقط، يتطلب الوضع في بقية البلاد إعادة ترتيب بشكل كامل) . وأضافت (يعتزم حزب المؤتمر الوطني مواصلة الوضع الراهن — للحفاظ على النظام السياسي كما هو، ولعقد صفقات سلام منفصلة مع كل من يرفع السلاح ويحشد الإسلاميين ضد إخوانهم المواطنين. وهذا بمثابة وصفة لمزيد من المشاكل في بلد طالت معاناته) .