أوضح الخبير الاقتصادى د. ابراهيم البدوى ، فى دراسة اكاديمية معمقة ، بان خصائص السياسة الاقتصادية الاجتماعية لنظام الانقاذ – القائمة على تجاهل المطالب الاجتماعية للغالبية – ليست عرضاً طارئاً ، وانما نتيجة ضرورية لطبيعة النظام نفسها ، كنظام شمولى ريعى قائم على الزبائنية السياسية . وفى دراسته بعنوان (السودان وأزمة الاقتصاد والتنمية : نحو رؤية تنموية عادلة ومستدامة) المنشورة فى كتاب ( د. حيدر ابراهيم وآخرون (2015) ستون عاما من استقلال السودان )، أوضح الدكتور ابراهيم البدوى (… تأمين البقاء فى سدة الحكم فى اطار نظام ديمقراطى مكتمل يتطلب تخصيص الموارد الريعية للاستثمار فى رأس المال البشرى (التعليم والصحة) والرفاه الاجتماعى والسلع العامة الأخرى (البنيات التحتية المادية والناعمة) بينما تنتفى الصفقات الزبائنية السياسية. بالمقابل تبرز الصفقات الزبائنية كاستراتيجية محورية للحفاظ على السلطة بالنسبة للنخب الحاكمة فى الأنظمة الشمولية…). ويؤكد ( … تكون الصفقة الزبائنية الاطار الحاكم لعملية تخصيص الموارد التى عادة ما تستحوذ عليها مؤسسات ومجموعات ممارسة العنف …) . ويضيف (… التدهور المؤسسى المترتب على غياب الصوت والمساءلة يؤدى بدوره الى سوء تخصيص الموارد الريعية، خاصة في حالة المجتمعات الريعية التى تعانى من الحروب والنزاعات وعدم الاستقرار السياسى. في هذه الحالة يتراجع الصرف على البنيات التحتية والقطاع الاجتماعى (التعليم والصحة) و القطاعات الانتاجية مثل الزراعة والصناعة لصالح القطاع الأمنى والعسكرى. ففى حالة السودان استحوذ الأخير على أكثر من 60 % من موازنة الدولة للعام ( 2012 ) والتى تعكس أولويات تخصيص الموارد لمجمل الحقبة النفطية ، بينما حصل قطاعى الزراعة و الاجتماعى على التوالى على (1 و 3 %) فقط من الموازنة …). ويضيف الدكتور ابراهيم البدوى (… سوء تخصيص الموارد والصرف المفرط على القطاعات الخدمية المرتبطة ببيروقراطية الدولة العسكرية والمدنية، ومؤخرا شراء الذهب عن طريق التوسع في الكتلة النقدية، قد ساهمت مجتمعة في تسارع معدلات التضخم بينما تدهور مؤشر سعر الصرف الحقيقى …. ) مما افرز ( تحولات هيكلية سلبية اضعفت مساهمة القطاعات الاقتصادية غير الريعية ، خاصة الزراعة التى كانت وما زالت تشكل المصدر الاهم للدخل بالنسبة للسواد الاعظم ..) . (نص الدراسة أدناه):