الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة محاربة الفساد المالي والإداري في السودان

وقد شارك في الندوة كل من المهندس/ محمد إبراهيم كبج الخبير الاقتصادي ومولانا/ عادل الرشيد وكيل نيابة الثراء الحرام والمشبوه والدكتور/ حسن بشير محمد نور رئيس القسم الاقتصادي بجامعة النيلين والبروفيسور/ أحمد التجاني صالح الذي ترأس الندوة ، وعقب عدد من الخبراء والمختصين ومدراء بعض المؤسسات وقد حضر الندوة عدد غير قليل من المتابعين لملف الفساد في السودان. وقد أجمع المشاركون فى الندوة على ان الفساد المالي هو احد مهددات التنمية فى السودان واكدوا انه احد اهم اسباب زيادة نسبة الفقر بالبلاد .
أرقام دامغة للفساد
د/ احمد التجانى صالح رئيس الندوة قال إن الحديث عن الفساد المالى والادارى كثر فى الآونة الاخيرة مما اوجب التداعى لعقد هذه الندوة لطرح افكار جديدة تدعو لمحاربة الفساد وقال اننا طفنا فى مبادئ عامة ومقاصد كلية توصلنا منها لارقام حقيقية دامغة عن الفساد تحتاج للمراجعة والقوانين واللوائح.
الاقتصادي محمد إبراهيم كبج تحدث عن الفساد وفق ثلاثة محاور هى الاستراتيجى والاداء والمسائل المالية وقال انه يضر بالمواطن العادى ويؤدى الى سقوط السياسات. وفى المحور الاستراتيجى دلل كبج بالتوجه الزراعى للحكومة حيث انه فى موسم 2004- 2005 تمت زراعة 25 مليون فدان فى القطاع المطرى التقليدى اضافة الى 13 مليون فدان فى القطاع الآلى وكانت الحصيلة 8 - 9 % اسهام فى الناتج القومى بينما زرع 1.2 مليون فدان فى القطاع المروى اسهمت ب11 % من الناتج القومى وهى نتيجة لاهتمام الحكومة بالقطاع المروى واعتبر كبج هذا الامر احد اهم الاسباب التى ادت الى الحروب رغم ان 65 % من سكان السودان فى القطاع المطرى ودلل بما حدث فى دارفور باعتباره صراع موارد فى المقام الاول حيث كان يمكن تفادى الحرب بأحداث التنمية المتوازنة فى كل انحاء السودان وقال ان تخصيص نسبة 5% للقطاع التقليدى فى الزراعة بتمويل ( 38 ) مليون فدان يعد توجه استراتيجى فاسد وغير ملائم فى حين يحظى القطاع المروى بالدعم الاكبر رغما عن محدودية نموه بالاضافة الى ان معدل هطول الامطار يعادل خمسة اضعاف نصيب السودان من مياه النيل واورد كبج بعض الاحصائيات المتعلقة بالانتاج الزراعى مشيرا لخطة الدولة لانتاج 20 مليون طن من الذرة بنهاية الخطة العشرية 1992- 2002م حيث كان الانتاج بنهايتها مليونين وثلاثمائة وستون الف طن وتعادل 15 % من انتاج القمح المخطط له مشددا على ضرورة الوقوف عند الامر والتحقق من اسباب الانهيار وفى الجانب المالى اشار كبج الى ان تقرير المراجع العام لعام 2004م اورد ان الحساب الختامى المقدم من وزارة المالية فيما يتعلق بايرادات البترول يختلف عن الرقم الحقيقى بزيادة 55 % عن الموجود فى التقرير مؤكدا استحالة الحديث عن الفساد فى ظل عدم وجود جهاز محاسبى سليم وقال توجد هنالك ثغرة كبيرة فى ضياع الموارد منه الاعفاءات الضرائبية والجمركية والتى اثبتها مستشار وزير المالية الحالى سعد يحى حيث انه ذكر ان عام 2001 كانت قيمة البضائع المعفية من الجمارك 52 % حيث افقدت خزينة الدولة 76 مليار دينار تحت مسمى تشجيع الاستثمار ولكنه اشار الى ان 60 مليار منها ذهبت للسوق مباشرة. وقال ان مبلغ 50 مليار ذهبت لمطاعم وكافتريات وتابع : تصل جملة ماضاع 126 مليار دينار فى حين كانت ايرادات الدولة 365 مليار دينار وذكر ان الاعفاءات تذهب لاتجاهات حزبية وكان يمكن ان تضاعف نسبة الصرف على التنمية ،وزاد ان المراجع العام اصبح فى وضع رمادى خاصة وان مراجعة ميزانية ولاية الخرطوم اثبتت ان الايرادات خارج الميزانية تزداد عن الايرادات داخل الميزانية مما يؤكد تحصيل اموال دون اورنيك مالى 15 مؤكدا انه لايوجد تمكين للفساد اكثر من ذلك , وشدد على ضرورة فتح بلاغات فى المشروعات التى تنشأ دون عطاءات معتبرا اياه فساداً أكبرَ.
مكافحة الثراء الحرام
مولانا/ عادل الرشيد وكيل نيابة الثراء الحرام والمشبوه قال: ان من اوليات الانقاذ مكافحة الفساد المالى والادارى حيث صدر فى عام 1989 م اول المراسيم لقانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه وتبعته الاجراءات واللوائح الخاصة به وصدر هذا التشريع من المجلس الانتقالى العسكرى ومن ثم نشأت ادارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه واستعرض قانون مكافحة الثراء الحرام ،مبينا انه يحتوى على خمسة فصول تعرف الثراء الحرام والمشبوه وكيفية تقديم الشكاوى. وقال من حق اى مواطن تقديم شكوى او الادلاء بالمعلومات للتقصى مبينا انه وبموجب القانون تم استرداد مبالغ ضخمة ومساحات واسعة من الاراضى للدولة اضافة للكثير من اموال البنوك المختلسة مشيرا لتنامى ظواهر غسيل الاموال والدجل والشعوذة والتنزيل منوها لدور ادارة مكافحة الثراء الحرام فى محاربة هذه الظواهرواقر بأن التشريعات تحتاج لاعادة صياغة.
تعريف الفساد
أستاذ الاقتصاد العام بجامعة النيلين الدكتور حسن بشير محمد نور قال ان الفساد حسب" الشفافية الدولية" هواستخدام السلطة او النفوذ لتحقيق مكاسب شخصية وان هنالك تعريفات اخرى من بعض المنظمات(UNDP,IMF,WB) تصف تلك الاساءة بأنها يمكن ان تكون بواسطة سلطة اتخاذ القرار فى القطاع العام او الخاص ويمكن ان يتم فى شكل اغراءات او مبادرات للتأثير على اتخاذ القرار بشكل سيئ ويؤكد حسن بشير ان الفساد يحتاج للمواجهة عبر مؤسسات قانونية فعالة ونظام لمحاربته ومعاقبة مقترفيه مشيرا الى انه يأتى نتيجة لضعف المؤسسية وتدنى المعايير الاخلاقية ولعدم كفاءة التنفيذ ويقول ان التصرف الفاسد يخلق المنافع المحرمة للفرد او لمجموعات صغيرة بالتحايل على القانون والقواعد وابطالها والمصممة لتحقيق العدالة والانصاف والكفاءة مما يؤدى لعدم العدالة وعدم الكفاءة ويؤدى الى تبديد الموارد والعائدات وتتحول المنافع غير المشروعة لمحطمى القواعد المالية الى خسائر جسيمة لجميع افراد المجتمع وتتسبب فى خسائر على المستوى الفردى مثل الاشخاص الذين يواجهون العوائق من الاشخاص المخولين لانهم لايستطيعون الدفع او التأثير عليهم اضافة للاشخاص الذين يحرمون من الحصول على مزايا او حقوق مستحقة او المنافسة على التعاقد اوعقد صفقات بسبب عدم قدرتهم على دفع الرشاوى او التعامل مثل نظرائهم الذين لايتمتعون بالقيم الاخلاقية مبينا ان الفساد يشتمل على الاختلاسات الكبرى من المال العام الى المستويات الدنيا مثل الرشاوى او الفساد فى استخراج التراخيص ,وذكر ان الاختلاسات الكبرى يمكن ان تأخذ شكل اساءة استخدام او تحويل الملكية " الخصخصة " فى القطاع العام او نقل ملكية الاصول فى حالة القطاع الخاص .ويفهم الفساد ايضا اضافة لتلك التجاوزات بأنه محاباة للاقرباء او المواليين وتفضيلهم فى التعينات والترقيات مشيرا لتجاوزات مباشرة او غير مباشرللفساد مثل القيام بعمليات غسيل الاموال او الاستفادة من عائدات الفساد .
يضيف د/ حسن بشير إن الفساد يؤثر بشكل اعظم على الفئات الفقيرة نسبة لحساسيتها وعدم تمتعها بالحصانة ضده وبالتالى يزيد معدلات الفقرحيث يقفون عاجزين امام عوائق الفساد التى تمكنهم من الحصول على حقوقهم او التمتع بالخدمات الفردية ويعتبرون المتأثرين الاوائل من تثبيط عمليات التنمية واهدار الموارد، مضيفا ان الفساد ايضا يؤدى الى هتك حقوق الانسان والحقوق السياسية والمدنية بسبب تشويهه وابطال المؤسسية ووظائف المؤسسات العدلية والرسمية كما ينتهك مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بتقليله من فرص المساواة فى الحقوق والواجبات ليخلص الى ان الفساد عائق للتنمية الاقتصادية لانه يفسد سلطات اتخاذ القرار ويضر بوظائف الدولة ويلحق بها عدم الكفاءة وانه مدخل للجريمة المنظمة .
وسائل محاربة الفساد
وأجمع المشاركون فى الندوة على عدد من وسائل محاربة الفساد وأشار د/ حسن بشير الى انه يتطلب الشفافية والمحاسبة على المستوى القومى والعالمى والكفاءة فى الادارة العامة وكفالة الحقوق العامة فى القطاعين العام والخاص وتوقيع اتفاقيات دولية لمكافحته واصلاح الخدمة المدنية وتحسين قيمها المنظمة وتحسين معايير الاختيار للوظائف القيادية فى المؤسسات العامة وشدد على ضرورة تحسين مستوى الوصول للمعلومات وجودة تقارير الاداء ووضع "نظام الانذار المبكر ".
ويقول د/ حسن بشير ان السودان يعتبر من اكثر الدول معاناة فى تقارير الفساد لمعاناته من الحروب ونظام الحكم وفقا لتقرير كتبه رتشارد براون عن السودان حيث اورد ان السودان ورغم فقره به عدد كبير من المليونيرات وقال " ليس من النادر رؤية اخر موديلات العربات فى شوارع الخرطوم قبل رؤيتها فى اوربا وان الاقتصاد السودانى قائم على القاعدة الحكومية وان معظمه اقتصاد خفى وان التقاريرالحكومية تعطى نصف الحقيقة وذكر ان الحقيقة تؤكد ان الاقتصاد السودانى الرئيسى اقتصاد خفى " تحت الظل " واضاف ان الحكومة متهمة بتحريك الثروة التحتية لتحقيق اهدافها و قال: ان الخدمة المدنية متضخمة وتعانى التدخل الحكومى لاقتطاع الدخول بمختلف الاشكال لدرجة تجعل المستخدمين العاملين يحجمون عن القيام بواجباتهم الاساسية اذا لم يحصلو على حوافز اضافية كما يضطرون للقيام بشكلين او ثلاثة اشكال مع الاعمال الاخرى غير الرسمية وقال ان الموظفين الحكوميين يبيعون التراخيص بشكل روتينى وان الدعم الاجنبى يجد طريقه للجيوب الخاصة بالاضافة الى المشكلات التى تواجه اداء الجهاز المصرفى وان كمية النقود التى تذهب الى الخارج تعادل على الاقل الديون الاجنبية المتراكمة عليه, وخلص الى انه يمكن القول ان السودان يتجه نحو ان الحكومة تمتلك الديون وان المستثمرين الخواص "بنسبة معتبرة من الاجانب " يملكون الأصول كما يقول التقرير.
ويمضي د/ حسن بشير للقول أنَّ السودان يعانى من عدم القدرة على استخدام موارده المالية والنقدية الموجودة داخل الاقتصاد الخفى وأنَّ إعطاء نصيحة ( عظم من الايرادات الضريبية وقلل من نفقاتك) تصبح عديمة الجدوى .
ويصل د/ حسن بشير الى خلاصة مفادها ان الفساد يتمحور على ثلاثة مستويات ، مستوى اتخاذ القرار والمستوى التنفيذى ومستوى متابعة الاداء ويقابل ذلك ثلاثة حزم للمعالجة هى المتعلقة بالوقاية والمحاسبة والعقاب ومن الضرورى لتنفيذ كل ذلك ارساء نظام ديمقراطى يوسع من المشاركة فى اتخاذ القرار ومراقبته ويشير الى ان الفساد يزداد مع ازدياد القدرات المالية ولكن النظم الديمقراطية هى الاكثر اهلية فى التصدى له وكشفه ومعالجته ومعاقبة مرتكبيه، وبالرغم من وجود الفساد فى معظم دول العالم الا ان ثقله النسبى اكبر فى الدول النامية والدول ذات النظم الشمولية لذلك يجمع معظم المحللين على ضرورة فصل السلطات "التشريعية والتنفيذية والقضائية" وحرية الوصول للمعلومات وحرية العمل الاعلامى مع ارساء معايير واضحة للخدمة العامة والخاصة وربطها بالكفاءة، وانشاء مؤسسات الحماية والرقابة والمحاسبة والتعاون على المستويين الاقليمى والدولى ويذكر فى حديث "للصحافة" ان حجم الفساد المضبوط في العالم يقدر بمبلغ 2 ترليون وان الجزء الاكبر منه يأتى من الجريمة المنظمة مخدرات ودعارة وتهريب وغيره .
الفساد أهم مهددات التنمية
د.فتح الرحمن على محمد صالح قال أنَّ الفساد من اهم مهددات التنمية وان اغلب التعريفات ركزت على انه استغلال المنصب العام لتحقيق المكاسب الشخصية ونوه الى ان البحوث والدراسات التى اجريت فى الفترة الاخيرة اكدت على ان الفساد سيؤدى الى زيادة تكلفة المعاملات فى الاقتصاد من غير سبب رئيسى، مبينا ان الفساد يختلف حجمه بين الدول النامية والصناعية وهو يقلل من درجة الشفافية وبالتالى حركة الانفاق العام مما يؤدى الى تخفيض الصرف على التنمية وزيادة مستوى الفقر واشار انه يؤثر على سلامة الجهاز المصرفى مما يقود الى ازمات مالية نتيجة لضعف المعايير المحاسبية رغم وجود القوانين المختصة
وعدد د/ فتح الرحمن اسباب الفساد بقوله انها نتيجة لسياسات الدولة والنظام السياسى ,ضعف الاجور وسوء ادارة الميزانية ، ضعف مراقبة الاداء المالى والمؤسسى وسيطرة الدولة على مجريات الاقتصاد وحدد ملامح الاستراتيجية لمكافحة الفساد على ضوء استراتيجية الدولة مثل التطبيق الفعال للقوانين واقتراح اللوائح المناسبة وتحسين وسائل مكافحة الجرائم بالاضافة الى الشفافية ونشر المعلومات وتقليل تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى واعادة النظر فى نظم العطاءات الحكومية وضرورة تفعيل المراجعة الداخلية والخارجية للمؤسسات العامة والخاصة ، وكفاءة اعداد التقارير وزيادة الوعى المجتمعى لمكافحة الفساد.
غياب أرقام الفساد
د. محمد عبد القادراستاذ الاقتصاد بجامعة افريقيا العالمية اشار الى غياب الارقام عن الفساد فى السودان من خلال حديث المتحدثين مؤمنا على اهمية موضوع الندوة، وقال انه لايمكن الحديث عن تعثر جهود التنمية الا بالحديث عن الفساد حيث اصبح ضعف الانتاجية والتخلف التكنولوجى مقدور عليه وتابع : لكن الفساد اصبح معوقاً للتنمية وانتقد التطبيع بين الظاهرة والفساد وقال ان حديث وكيل نيابة الثراء الحرام استعرض المواد التى تعاقب الفساد الصغير واضاف ان الفساد الكبير والمسنود سياسيا يحتاج لتدابير لمكافحته واشار الى العلاقة بين الفساد واستقرار النظام الحاكم واستقرار الدولة بوضعها القائم عليها حتى تستمر فى تحقيق المكاسب المتفق عليها الا ان دكتور التجانى قال أنَّ ذلك يقع تحت طائلة التحليل وشدد على ضرورة اثبات حقيقة الامر .
الفساد والحصانة
دكتور على الله عبدالرازق استاذ بجامعة الزعيم الازهرى قال ان تقارير ديوان المراجع العام 2005 - 2006م تحدثت عن الفساد المالى فى الحكومة حيث اشار الى ان حجم الاعتداء على المال العام 84 % وتمثلت خيانة الامانة 4 % والتزوير 4 % وصرف بدون وجه حق 2% وان نسبة السرقة كانت 2, % وان نسبة 65 % من الخيانات احتلها القطاع العام ونسبة 35 % احتلتها اجهزة الحكم الاتحادى واشار الى تزايد نسبة الفساد فى السودان رغما عن كثرة التشريعات فى السودان منذ عام 1990 منبها الى ان القانون يواجه بصعوبات فى ملاحقة التقصى وعقبات الملاحقة والحصانات والمسؤلية الجزائية فى السودان خاصة وان هنالك مايشير الى وجود فساد وسط الذين لديهم حصانة داخل القطاع العام فى نظام المناقصات العامة والتى تفتقرللشفافية والتحيز الواضح لدوافع معينة .
معقبون آخرون
الأستاذ/ أحمد جعفر من ديوان المراجع العام اكتفى بالحديث عن تقرير اعدته منظمة باشتراك 23 دولة عن الفساد واسبابه وقال ان الكشف عن الفساد يصبح امرا عسيرا وسط المسؤلين عن الحسابات حيث يمكن ان ينتفع دون ان ترصد فى دفاتره وقال ليست لدى ديوان المراجع العام الحق فى النقد او المحاسبة وان مهمتهم فقط تقتصر فى رفع التقارير للاجهزة المختصة وان مراقبة الفساد ليست حظرا على الديوان وان هنالك منشأت اخرى يمكنها التقصى وذكر ان الاقصاء من المناقصات العامة دون وجه حق يمكن ان تكون شكوى رسمية عن فساد .
شيخ الدين احمد عبدالله من ادارة النقل الجوى قال ان مشكلتنا تكمن فى تطبيق القوانين وقال: توليت مناصب قيادية الا انه عند خروجى منها لم اطالب باقرار ذمة وذكر ان ذلك قصور يسهل عمليات الفساد ونبه لضرورة ترك العاطفة السائدة فى التعامل مع قضية الفساد .
وذكر محمد إبراهيم كبج أنَّ تفادى الصراع فى دارفوريتحقق باحداث تنمية متوازنة وقال ان القطاع المروى استحوذ على اهتمام الحكومة وذكر أنَّ نموه محدود عكس القطاع المطرى التقليدى حيث قال ان معدل الامطار يعادل تقريبا خمسة اضعاف نصيب السودان من مياه النيل؟ وقال ان الحساب الختامى المقدم من وزارة المالية للمراجع العام فيما يخص ايرادات البترول يختلف عن الرقم الحقيقى الذى كشفه التقرير الحقيقى وذلك بضبطه لزيادة 55% من الذى اوردته المالية واكد استحالة محاربة الفساد فى ظل عدم وجود جهاز محاسبى سليم .
وأجمع المعقبون في الندوة على ضرورة محاربة الفساد بوجوهه المتعددة والمختلفة ووضع مزيد من الآليات التي تضبط ظاهرة الفساد بعد تحليل أسبابها ومسبباتها بحسبان أنَّ الفساد يؤثر على التنمية مباشرة فضلاً عن أنه أصبح ظاهرة عالمية وإقليمية لذا على السودان محاولة الإستفادة من بعض التجارب الإقليمية والدولية في محاربة الفساد داخل البلاد وطالب المتحدثون بضرورة توفير المعلومات اللازمة والشفافية الكاملة وتفعيل آليات القانون لكبح سلوك وتصرفات صغار النفوس سواءاً كان مؤسسات أو أفراد.
أهم المقترحات التي خرجت بها هذه الندوة :
1. يمثل الفساد ظاهرة عالمية لها تأثيرها السلبي على التنمية ولا سيما في العالم النامي وينبغي معالجتها بصراحة وموضوعية وشفافية كاملة.
2. لابد من وجود قوانين رادعة لمكافحة الفساد المالي ولا سيما في الجهاز والبيروقراطية الحكومية.
3. لابد من خطوات عملية للمسئولين الحكوميين من قمة الهرم إلى قاعدته لتأكيد طهارة الذمة المالية لهم إقتداء بالسلف الصَّالح (سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه).
4. ضرورة إعادة النظر في قوانين مكافحة الفساد القائمة لجعلها أكثر إحكاماً وأشد ردعاً.
5. لامناص من التطبيق الصارم لقانون مكافحة الفسادعلى المسئولين قبل غيرهم .
6. وجود نظام محاسبي سليم يعتبر ضرورة لاغني عنها إذا أريد لمكافحة الفساد أنَّ تكون صارمة وجدية.
7. لا ينبغي أن نركز على القطاع الحكومي والبيروقراطي ونتجاهل الفساد في القطاع الخاص الذي لا تقل مخاطر استشراء الفساد فيه عن القطاع الحكومي والبيروقراطي إنَّ لم تزد.
المصدر: مركز دراسات الشرق الاوسط وافريقيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.