فكرة الأعلام المسيس الذي يخضع كل المواد الإعلامية لمعيار الايدلوجيا ليس بعيداً عن قناة الجزيرة ، شواهد مثل عدم إحتمال الرأي الآخر ، العجرفة ، ربما تكون كل هذه السمات متشاركة تحت الأنظمة الشمولية ، كان المستشار غوبلز هو أحد المؤسسين لهذه المدرسة الإعلامية ، كان غوبلز يقدس فكرة القائد المقدس (الفوهرر ) او الشيخ تميم كما يحدث في قطر مع اعتبار الفارق الكبير بين الرجلين ، هذا الإيمان دفعه بالتضحية بأسرته ، لأن المانيا بدون الإشتراكية الوطنية لا توفر مستقبلاً مأموناً لأسرة السيد/غوبلز ، لذلك قامت السيدة/ماجدة غزبلز بتسميم أطفالها الستة بسم الساينايد ، بينما اختار الزوجان الموت بالرصاص ، ولا أظن أن الحالة القطرية تتناسق مع اللوحة الجدارية لألمانيا النازية في عهد هتلر ، فنحن أمام إمارة يتناسل ملوكها من بعضهم البعض ، لا يخوضون حرباً إلا إذا توفر من يحميهم ، ولا يملكون بضاعة فكرية غير المال ، لم تكن المانيا النازية هي مجرد دعاية بدون وجود في الأرض ، وليست كقطر التي عانى سكانها من نقص الحليب والماء بمجرد أن أغلقت بعض الدول حدودها البرية معها ، اجتاح هتلر في يوم واحد ثمان دول ، قصف لندن ثم غزا روسيا ، احتل فرنسا ،و لا تكفي الدعاية فقط لصنع أسطورة الامبراطورية ، كانت المانيا تعتز فقط بالالمان من الأصول الأرية ، بينما تجد في قناة الجزيرة كيف يختلط حابل المغربي بنابل الشامي ، ولو سألت عن سكان هذه الجزيرة لا تجد لهم أثراً في مساحة الإعلام ، ولا نعرف عنهم شعراء او فنانين أو كتاب للقصة والمسرح ، ولذلك كان كل مدير مكتب لقناة الجزيرة هو سفير فوق العادة في البلدان التي ترعاها قطر ، وتقلص نفوذ هؤلاء السفراء الساميين بعد سقوط الإخوان في ليبيا ومصر وتونس ، فلم تعد للأخوان جزيرة ناجية في هذا البحر المتلاطم الأمواج سوى السودان ، فكان سفيرها في السودان المسلمي البشير الكباشي ، فالرجل يحمل الشهادات للمنصب المطلوب ، مر بكل المراحل من يرقة وشرنقة ، جبهة إسلامية ، ثم مؤتمر شعبي ، ثم منشق عن الاثنين كما يزعم ، وغير كل ذلك، فإن المسلمي الكباشي كان كاتب السيناريو في برنامج من ساحات الفداء ،لذلك لن تجد أخلص منه للمصالح القطرية في السودان ، وهو يلعب دور رقيب وعتيد ويعد للحكومة انفاسها ويحصي لها الكلمات التي تخرج من وزرائها ، حدث أزمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقناة سي إن إن الاخبارية ، لكن إدارة هذه القناة تعاملت مع هذه الأزمة بكل هدوء ، لأن المهم هو صوت المشاهد وليس مزاج الرئيس الذي يمكن أن يتغير ، وقد لاحظت ان قناة سي إن إن على الرغم من الهجوم الذي مارسها عليها دونالد ترامب لم تنحرف عن رسالتها الإعلامية فتخرج من جعبتها كل ما يناسب المعركة من سلاح ، وهذا حتى لا تفقد الموضوعية أمام المشاهدين ، هذا النوع من المعارك الإعلامية يحتاج للنفس الطويل والمرونة ، ولا أظن أن قناة الجزيرة يمكن بأن تقبل بأقل من المدح والثناء ، كما تصف نفسها بأنها الصوت الحر في زمن الطغيان ، وتكذب في رسالتها الإعلامية لأنها تهتم فقط بحرية الإخوان المسلمين دون سواهم من البشر ، كما أن المشيخة الصغيرة التي يتوارث فيها الابناء الحكم لا تصلح أن تقدم دروساً في الحرية والديمقراطية وتبادل السلطة . حديث وزير الإعلام السوداني الدكتور أحمد بلال حول دور قناة الجزيرة في إحداث الفوضى في مصر ، فقد صدق أحمد بلال هذه المرة وهو كذوب ، قطر وصنيعتها الاخبارية قناة الجزرية لم تحتملا التغيير الذي حدث في مصر ، فقطر تعتقد انها سوف تحدث دراما في المشهد السياسي المصري كما حدث في 25 يناير ، وتقتلها الأماني (العذبة ) بأن مرسي سوف يخرج من السجن عن طريق ثورة شعبية عارمة ، بعدها يقوم مرسي بالإنتقام من خصومه ويقتلهم ويعلقهم على أعمدة الإنارة ، ثم يخطب في التلفاز ويقول : شكراً قطر ، هذا الحلم لن يحدث في مصر ، ولا تستطيع جزيرة صغيرة تحمي نفسها من الأعداء بواسطة ثلاث قواعد عسكرية أجنبية ، لا تستطيع ان تضع النموذج السياسي الأمثل لحكم مصر ، نجا الإخوان المسلمون من مذبحة جمال عبد الناصر لأنهم لم يخرجوا عن مصر ، ولم تكن تقف من خلفهم دولة كما تفعل ل من قطر وتركيا الأن ، فتاريخ الدولة في مصر ضارب في القدم وعميق في جذور التاريخ . ونحن نتصفح وقائع تصريح الوزير أحمد بلال نجد أن أعضاء المجلس الوطني للحزب الحاكم لم يقوموا باستجواب وزير الداخلية بخصوص حوادث الخطف المرتبطة بتجارة الأعضاء البشرية في الخرطوم ، كما لم يقوموا بإستجواب وزير الصحة وسؤاله عن الفرق بين مرضي الكوليرا والإسهال المائي ، لكن هذا البرلمان المعين تجاوب مع المندوب السامي لقناة الجزيرة في الخرطوم وعقد جلسة محاسبة على وجه السرعة ، تراجع الوزير عن تصريحاته وهو الرجل الذي إشتهر بحدة وطول اللسان ، لكن الدرس الذي تعلمه النظام من حادثة الفريق طه حسين أنه لم يتم عزل بلال عن منصبه ، لأنهم لو فعلوا ذلك سوف ينتقل السيد/بلال بكل ما يعرفه من معلومات لحلف السعودية والامارات ومصر ، وسوف يعري ويكشف سواءة النظام أمام هذه الدول حول موقفه من الأزمة الخليجية ، أزمة النظام في هذه المرحلة الحساسة أنه لا يضمن ولاء رموزه المنقسمين بين الرياض والدوحة ولذلك يسعى للحفاظ عليهم في الوقت الحالي ، وربما يكون الوزير بلال يعرف حجم المخاطرة التي أقدم عليها ، فهو بذلك التصريح قد دخل جحر الحيات التي تبطن خلاف ما تظهر بخصوص أزمة قطر مع دول المقاطعة ، فأي إجراء تعسفي ضد الدكتور أحمد بلال سوف يضمن له وظيفة مستقبلية في الدول التي تواجه قطر ، ودول المقاطعة تراقب الموقف السوداني عن كثب ، ولا تجهل عودة الحرس القديم للمشهد السياسي من أمثال ابراهيم السنوسي والطيب مصطفى ، وما يقوم به الخال الرئاسي الطيب مصطفى من نشاط حول ضرورة طرد السفير السعودي من الخرطوم كمن ينطبق عليه المثل : حجر يرمي به مجنون يرهق مائة عاقل د.سارة عيسي [email protected]