"أكد رئيس المجلس العلمي لجماعة أنصار السنة د. حسن الهواري الحرص على محاربة الغلو والتطرف، وتعضيد العمل على إرساء دعائم الوحدة، والتعايش الديني، ونبذ الخلاف". هذا الخبر منشور على شبكة الشروق.. وأنصار السنة، وبعض الجماعات من ذات المرجعية – حينما – تُرسل دعوة لحضور ندوة أو ما شابه تُذيّل دعوتها ب (للنساء مكان)، وكأن الأصل ألّا يكون لهن مكان. غير أنصار السنة، هناك العديد من الجماعات والتيارات والدعاة الذين أعلنوا موقفهم ضد التطرف، في أعقاب موجة الحرب المفتوحة على الإرهاب، بل، أصبح الأمر مثل السباق، الكل يهرول لتبرئة ساحته من تُهم التطرف. وما أن يصدر اتهام من جهة ما يأتي وابل البيانات الرافضة لهذه التهم، وتمضي في سرد المواقف المُعتدلة لهذه الجماعات، أو تلك التيارات. هذا – في جوهره – موقف إيجابي وتوجه مطلوب، نبذ التطرف، وقبول الآخر، ما يقود إلى حالة التعايش السلمي المثلى، التي توصلنا إلى حالة الأمن والطمأنينة المنشودة هدفاً لكل الإنسانية. لكن، هل هذه المواقف حقيقية، بل هل – فعلاً – التخلي عن التطرف بهذه الدرجة من اليسر، وهل هو قول والسلام أم فعل؟. قبل أيام، قادتني مهمة صحفية إلى إحدى المؤسسات الدينية التي تمثل المرجعية الدينية للدولة، بينما كنت واقفة بالقرب من أحد المكاتب في انتظار أن يُسمح لي بالدخول، فإذا بشيخ يحدق في وجهي من على بُعد أمتار، وما أن اقترب، أشار لي بيديه على رأسه، ثم تحدث بصوت جهور، ما معناه، أن عليّ تغطية رأسي بالكامل في مثل هذه الأمكنة. بصراحة، بدا واضحاً بالنسبة لي من حديث ذلك الرجل أن القضية ليست حجاباً أو غطاء رأس؛ لأن الوضع لم يكن فيه ما يُلفته بتاتاً. القضية بالنسبة له أن امرأة واقفة في هذا المكان المقدس.. لاحقاً علمت أنه نائب رئيس مجمع الفقه الإسلامي، عبد الله الزبير، وهو أحد الشيوخ الذين يقودون مراجعات فكرية مع الشباب الذين اعتنقوا المناهج المتطرفة فتعجّبت، كيف تكون المراجعات؟، ولو لم يكن من الذين يقودون مثل هذه المشاريع التي تحارب التطرف؛ لكان الأمر في حدوده الطبيعية. من السهولة جداً أن تعلن جماعة ما، أو تيار ما موقفه القاطع والرافض للتطرف والغلو، ومن الممكن جداً أن يكون صادقاً في إعلان الموقف، لكنه في الواقع غير ذلك.. في أقرب محك تأتيك البينة، وتتأكّد أن الموقف ضد التطرف ما هو إلا كلام. قضية التطرف لن تنتهي بين ليلة وضحاها، ولن تُنهيها بيانات مكتوبة تدعو إلى الحوار وقبول الآخر، وما أسهل الكتابة، والتنديد والإدانة.. التطرف هو حصاد لخطاب تراكم لعقود من الزمان، محاربته، أو إرجاع الوضع على ما كان عليه ليس أمراً بهذه السهولة إلا إن كان هناك تعريف آخر للتطرف. التيار