ليلة طويلة عاشتها المملكة العربية السعودية، بَل عاشتها المنطقة وكأنّها تُشاهد عرضاً سينمائياً لآخر إنتاج في (سينما الآكشن).. ولي العهد مُحمّد بن سلمان يُنفِّذ حملة اعتقالات واسعة ضد أمراء ورجال أعمال بارزين، بينهم الأمير الوليد بن طلال، بتهم فساد أو هكذا كان الغطاء. قبيل ترفيع مُحمّد بن سلمان إلى منصب ولي العهد، تداولت بعض المواقع نقلاً عن مصادر، أنّ عدداً من الأمراء دفعوا بعريضة إلى الملك سلمان بعدما تسرّب إليهم أن مُحمّد بن سلمان اقترب من كرسي ولي العهد، تلك العريضة، التي وقّع عليها نحو (21) من أمراء الأسرة الحاكمة رفضت عزل مُحمّد بن نايف وترفيع مُحمّد بن سلمان مكانه، ثُمّ حذّر المُوقِّعون على العريضة من تداعيات تسمية بن سلمان ولياً للعهد واعتبروا أن هذه الخطوة من شأنها تفكيك لحمة الأسرة، وجلب مُستقبلٍ غامضٍ. ومن بين المُوقِّعين على هذه العريضة، متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني، والأمير الوليد بن طلال... الآن الأول تمت إقالته، والثاني مُعتقل. يبدو واضحاً أنّ عبارة (مُكافحة الفساد) تَمّ اختيارها بعناية، فهذا هو الوتر الذي سيُمكِّن من الالتفاف أكثر ويحشد الرأي العام بشكلٍ أكبر، ليبارك الحَملة، لكن باطن الحملة الشّرسة هو مُوالون ومناوئون تحت غطاء مكافحة الفساد. الملك مُحمّد بن سلمان، مع وقف التنفيذ، بدأ فعلياً في إحكام قبضته على المملكة بمباركة دولية منقطعة النظير، فلم يفق العالم من صدمة الاعتقالات الواسعة التي نفّذها ضد دُعاة، من بينهم الداعية المعروف سلمان العودة، وها هو العالم كله يتابع إلى أين يقود بن سلمان المملكة. الملك الشاب، يسير في طَريقٍ مَحفوفٍ بالمخاطر، فحرب اليمن تُحاصره وتُلاحقه داخل الرياض التي باتت هدفاً مُباشراً، ثُمّ السيطرة المُطلقة على مقاليد الأمور داخل المملكة وضرب كل مناوئيه تمهيداً لإحكام قبضته، ثم الاقتصاد الذي ينتظر البحث عن بدائل النفط، مع استمرار الحُرُوب التي تقودها المملكة وتصرف عليها المليارات. لكن اللافت أنّ ما فعله بن سلمان ابتداءً من قرار قيادة المرأة للسيارة وليس انتهاءً بحملة الاعتقالات ضد الأمراء والوزراء السَّابقين، لم يُواجه بمُقاومة تُذكر، رغم أنّ التّداعيات ليست هيِّنة.. فلم يجد إلاّ المُباركة والتأييد. الطريق الآن أمام الملك الشاب مليءٌ بالحفر، لكن يبدو أنّ بن سلمان غير آبهٍ كثيراً طالما أنّ كل شيءٍ تحت سَيطرته، فهو يَعلم تماماً ماذا يفعل، وإن كان ثمة أشواك فالأمر يتصل مُباشرةً بالداخل أكثر ممّا يتصل بما هو خارج المملكة.. لكن الواضح أنّه سوف يمضي في الطريق حتى نهايته. التيار