السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الازمة الاقتصادية في السودان وافاق الحلول
نشر في حريات يوم 23 - 11 - 2017

في علم الاقتصاد تعرف المشكلة الاقتصادية في ندرة الموارد او عدم قدرتها لتلبية حاجات الفرد او المجتمع وبما ان حاجات الفرد او المجتمع غير محدودة مقارنة مع الموارد المتاحة ياتي علم الاقتصاد في التنسيق واختيار الاولويات بين هذه الاحتياجات حسب الاهميه.
ومن خلال هذا التعريف نجد ان السودان لا يعاني من مشكلة اقتصادية بالمفهوم العلمي ولكن مشكلة سلوكية من صنع النظام الحاكم تتلخص في نهب الموارد وتبديدها في فساد لم يشهده التاريخ الحديث للبشرية.
الافراط في الاستهلاك والصرف البذخي وسيادة ثقافة الطبقة الطفيلية الحاكمة، فأصبح المجتمع اسير ثقافة استهلاكية مدمرة. فشل الدولة في تفجير طاقات المجتمع لطبيعته الطفيليه.تفشي ظواهر الانشطة الطفيلية غير المنتجة واصبح الشباب اما عاطلا تماما او يعمل في انشطة طفيلية تدر عائدا سريعا او متعاطيا للمخدرات.
اساس المشكلة الاقتصادية في السودان
مما سبق اتضح جليا ان السودان لايعاني مشكلة اقتصادية بمفهوم ندرة الموارد وعدم امكانيتها في تلبية الحاجات اذا كانت هذه الحاجات مرشدة حسب الاولويات ولكن يمكن ان نلخص الازمة الاقتصادية في السودان علي النحو التالي:
اولاً: المشكلة السياسية وتتلخص وباختصار شديد في وجود هذا النظام الطفيلي الفاسد والذي ظل محتكرا الحكم والملك العضوض لمدة تقارب الثلاث عقودا حسوما ذاق فيه شعبنا الطابر ويلات الحروب والقتل والتشريد والتجويع والافقار والتهميش واصبح غالبية الشعب السوداني تحت خط الفقر او علي حافة القبر ونفد بجلده من هرب واغترب او تكوزن ونهب.فالنظام متمثلا في البشير وزمرته واسرتة مارس نهبا مسلحا لم يشهد في تاريخ السودان القديم والحديث وبكل اختصاراصبح السودان وبكل قوة عين ملكا حرا لهولاء القتلة.ولتمكين انفسهم تمت اكبر عملية فساد وافساد باسم تمكين دولة الشريعة .
ثانياً: مشكلة فنية وادارية وهي بالطبع مرتبطة ايضا بالنظام فسياسة التمكين ادت لتشريد خيرة ابناء هذا الشعب من كفاءات وخبرات متراكمة تلقت مستويات عالية من التدريب طوال العقود السابقة. وكان مبداء الولاء قبل الكفاءة والكوزنة قبل الخبرة هو السائد فاصبحت الوزارات والمصالح الحكومية عبارة عن جوامع وخلاوي لايذكر فيها اسم الله ولكن تحاك فيها الدسائس والمؤامرات وتعقد فيها الصفات وترفع فيها التقارير الامنية وغالبا مايكون ائمة هذه الجوامع من اتباع جهاز الامن برتبة امام عريف او امام وكيل عريف.وسياسة التعليم العالي والتوسع الكمي في الجامعات فرخت ارتال من انصاف المتعلمين من من لا يعرفون اساسيات تخصصهم واصبحت الشهادات والدرجات العلمية تباع وتشتري وفي الماضي عندما كان التعليم يحترم والشهادات تقيم كان من النادر ان تجد شخصا يحمل درجة رفيعة وغالبا ماتكون منحت له بكل جدارة وتفوق وغالبا مايكون لمثل هذا الشخص تاريخ مشهودا له بالاداء الاكاديمي الممتاز اما الان فتجد في اي بيت سوداني اكثر من شخص من حملة هذه الشهادات العليا وخير مثال لذلك عائلة المجرم الكبير عمر البشير نفسه والذي منح درجة الماجستير وزوجته درجة الدكتوراة كذلك اخيه وزوجة اخيه. وفي ظل هذه الفوضي اصبح السودان يعاني من نقص حاد في الكفاءا ت العلمية لتسيير دولاب العمل اليومي فسادت الفوضي والرشوة والاخطاء القاتلة في المجال الطبي والهندسي.
ثالثاً: فساد اخلاقي وفوضي عارمة ايضا يرتبط ذلك بفساد النظام وتفشي ثقافة الطبقة الطفيلية الحاكمة واصبح المجتمع لايحترم الامانة وتغيرت لغة الشباب فاصبح الحرامي "تفتيحة" والشخص الامين "داقس او فارة " والملتزم "خلف لله اي متخلف" وسادت ثقافة الاستهلاك والصرف البذخي واصحت الخرطوم عبارة عن مطعم كبير وانشرت محلات السمك والفراخ واللحوم والشيات سوق الناقة وعوضية سمك واوزون وغيرهم من بؤر الاستهلاك الطفيلي فتفشت ظواهر السرقة والاحتيال وغالبا مايتم استخدام فتيات جميلات في عمليات الاحتيال واصبح الحصول علي المال وباي طريقة لتمويل هذا النمط من الاستهلاك.فاصبح هم شباب هذه الايام الحصول علي موبايل وبعض الكاش وسك الحفلات والاعراس وديل الكويسين اما شلل الدمار غارقين في السكر والمخدرات نتيجة احباط مدمر من قهر وظلم النظام وضياع احلامهم الصغيرة الكبيرة…
رابعاً:
مشكلة اولويات واسبقيات منذ يومه الاول ركز هذا النظام علي التمكين فكانت كل اولويات النظام منصبة علي تمكين النظام واحكام قبضته فكانت حروب الجهاد لسحق الكفار في الجنوب والقضاء عليهم وفي النهاية فصل الجنوب والتخلص من صداع غير المسلمين والذي يضعهم في مواجهه وصدام مع الغرب المسيحي متمثلا في الولايات المتحدة وبالفعل تم فصل الجنوب ونجحوا في تحقيق اغلي الاولويات
كان استخراج البترول واستخدامه في تمويل التنظيم وتمكين النظام الاولوية الثانية ونجح النظام في استخراج البترول وحقق النظام فن استخراج البترول عدة اهداف منها:
1. مهد لفصل الجنوب اذ اصبح للجنوبين دافعا ماديا للانفصال
2. مكن النظام من تسليح نفسه حتي النخاح لقمع اي تحرك ضده
3. ساعد النظام في خلق علاقات دبلوماسية رغم ستار العزلة فاتجه شرقا نحو الصين والهند وماليزيا وتركيا وايران وافريقيا نحو اثيوبيا واريتريا وتشاد ويوغندا وجنوب افريقيا.وعربيا نحو دول الخليج وسوريا والاردن
4. اموال البترول ساعدت النظام في شراء الذمم والولاءات والكل يذكر حادثة مبارك الفاضل مع عراب البترول ابوالجاز عندما سال مبارك الفاضل ابوالجاز "قروش البترول دي بتودوها وين" فكان الرد "بنشتري بيها الزيك ديل".
5. اموال البترول كرست للنمط الاستهلاكي للمجتمع فاصبح قطاع كبير من المجتمع اما ان يكون عاملا في قطاع البترول او يخدم من يعملون في قطاع البترول فانتعش قطاع الخدمات والقطاع غير الرسمي.
لم تكن التنمية الاقتصادية والاجتماعية من اولويات النظام اطلاقا بل على العكس كان الهدف الأوحد خلق نوعين من الناس كوز رسمي اوموالي وتسخر له كل ثروات الارض ما ظهر منها وما بطن. وغير كوز او معارض وهذا يفصل من العمل ويشرد ويلاحق من الأمن وربما يعتقل ويجبر من الخروج من البلاد او الخروج من الدنيا عن طريق الموت الطبيعي جوعا اومرضا او الموت تصفية حسب خطورة الشخص وتهديدة لوجودهم.
اما الغالبية الصامتة فخلقت لهم وزارات ومؤسسات لاعادة صياغتهم وتوليفهم ليكونوا في خط النظام خير مثال لذلك وزارة التخطيط الاجتماعي والتي تولى رئاستها علي عثمان شخصياً. والبنوك الاسلامية تستخدم في هذا الاطار عن طريق منحها للقروض الحسنة غير واجبة السداد للمؤلفة قلبوهم ضمانا لولائهم للنظام.
المشاكل الهيكلية للاقتصاد السوداني
يعاني الاقتصاد السوداني من خلل هيكلي واضح ومزمن ادي لتفاقم الازمات واستفحالها وابرز مظاهر هذا الخلل حدوث عدة اختلالات علي مستوي الاقتصاد الكلي تتمثل في عدم التوازن في
1/ عجز مزمن في الميزانية لاننا نستهلك اكثر مما ننتج (عجز داخلي)
2/ عجز في الميزان التجاري نستورد اكثر مما نصدر(عجز خارجي)
3/افراط في السيولة النقدية عن طريق طباعة النقود (تضخم عالي)
4/عطالة بنسب عالية جدا خاصة وسط الشباب والخريجين
وهناك مشاكل هيكلية اخري في مجالات التعليم والصحة والبنيات الاساسية والطاقة.
اسباب الاختلالات الهيكلية في ظل نظام الاسلامييين الطفيلي
الاقتصاد الريعي
يعرف الدكتور محمد الجواهرة علي النحو التالي:
" اقتصاد الريع هو نمط اقتصادي يعتمد على الموارد الطبيعيّة دون الحاجة إلى الاهتمام بتطويرها، ومن الأمثلة على هذه الموارد: المعادن، والمياه، والنفط، والغاز"(1)
وبعد اكتشاف البترول والذهب اتجه اقتصاد دولة المتاسلمين كليا نحو نهب هذه الموارد واستخدامها لمصلحة النظام وترك غالبية الشعب يجرون وراء السراب.وخطورة هذا النمط الاقتصادي تجاهل كل الانشطة الانتاجية الاخري كالزراعة والصناعة ويخلق نمط استهلاكي وتفاخري مرتبط بالاستيراد وغير منتج اطلاقا.ومن اكبر الانشطة الريعية الان بيع العقارات والسمسرة فيها وريع استخدام جهاز الدولة والامن والمضاربة في البنوك الاسلامية وتجارة العملة.
الاقتصاد الاستهلاكي
وتعني هذه الظاهرة تزايد نمط الاستهلاك الترفي والصرف البذخي علي السيارات والشقق والعمارات الفاخرة وانتشرت ظاهرة المولات (عفراء مول) واصبح هذه المولات اماكن للشراء والترفيه وعرض احدث صيحات الموضة وساعد في ذلك اموال الحقبة النفطية والتي تضاعفت بفضل ارتفاع اسعار البترول واصبح مصطلح "السياحي" علامة للتميز الاجتماعي فنجد هناك الشقق السياحية والفلل السياحية والنقل السياحي والمطاعم السياحية واخيرا الحج لبيت الله لمن استطاع اليه سبيلا اصبح سياحيا ايضا.
وتتزايد هذه الحالة الإستهلاكية في الوقت الذي لا يتجاوز فيه متوسط دخل الفرد في السودان حاجز ال 1200 دولار سنوياً ، وهي ظاهرة تعبر عن مدى سوء توزيع الدخل وتفشي الظلم الإجتماعي .
وترتبط بهذه النزعة الإستهلاكية مشكلة ضعف الإدخار والإستثمار المحلي بالتالي ، وهو ما يمنع أي إمكانية لتنمية القوى الإنتاجية وإستخدام الموارد الإقتصادية المتوافرة ، ومكافحة البطالة المُستشرية في المجتمع .وفي النهاية يودي ذلك لتفاقم الخلل الهيكلي.
إزدواجية الإقتصاد
وتعني وجود قطاعين داخل الإقتصاد الوطني مختلفي مستوى التطور ، يرتبط أحدهما بالإحتياجات المحلية والآخر بإحتياجات الخارج(2).وبعد اكتشاف النفط ارتبط الاقتصاد السوداني تماما بالصين وماليزيا وتركيا وروسيا واثيوبيا ودول الخليج خاصة قطر.
وحتي الاقتصاد المحلي جله نشاط طفيلي موجه لخدمة الطبقة الحاكمة.
وهنا تجدر الاشارة لاستمرار ارتباط النظام بموسسات التمويل الدولية وخاصة صندوق النقد الدولي ورغم حرمانه من القروض ولكن ظل النظام ومازال منصاعا وملتزما بكل توصيات الصندوق وحريصا علي دفع فوائد الديون القديمة وذلك حرصا علي تحسين صورته امام المجتمع الدولي.
الفساد الهيكلي والمؤسسي
اصبحت ظاهرة الفساد عاملا من عوامل الانتاج كما وصف بواسطة استاذي الجليل د.تيسير محمد احمد واصفا فساد نظام مايو والذي يعتبر ذرة في محيط فساد الانقاذ ولاادري ماذا يقول استاذي الجليل في فساد هذا النظام والذي اصبح حديث القاصي والداني.والفساد اصبح موسسا وسلوكا مجتمعيا غير مستهجن بل بالعكس اصبح تصرفا يدل علي الذكاء واقتناص الفرص وشمل قطاعات كبيرة من افراد الشعب بكل اسف فتجد الشبابوالشيب والنساء ايضا ضالعين في عمليات فساد كبير..
ضعف البنية الإنتاجية
ونتج عن كل ماذكر اعلاه ضعف البنيات الاساسية للانتاج الحقيقي فاهملت الزراعة ودمر مشروع الجزيرة وبيعت معظم الموسسات الحكومية بفضل سياسة الخصخصة كالسكة حديد والخطوط الجوية والبحرية والبنوك الحكومية والاتصالات والمواصلات والمدابغ الحكومية وشركة الكهرباء والمياه وبيعت كل هذه الموسسات بثمن بخس لاشخاص موالين للنظام او لاجانب من التنظيم العالمي للاخوان المسلمين.وشرد الالاف من خيرة ابناء السودان من الكفاءات والخبرات النادرة بفضل سياسة التمكين.
افاق الحلول لمشكلة السودان الاقتصادية
من كل السرد السابق يتضح تماما ان جل المشكلات الاقتصادية كانت وماتزال مرتبطة بوجود هذا النظام.وهذا في حد ذاته يدعو للتفاؤل فبزوال النظام يمكن ان يكون بداية جيدة نحو الحل.وفي هذا الاطار لايعني زوال هذا النظام العصا السحرية لحل مشاكل السودان ولكن علي الجميع النهوض والتكاتف وبذل المزيد من اجل الخروج من عنق الزجاجة.
ويمكن تلخيص الحلول علي هذا النحو:
حلول عاجلة مرتبطة بزوال النظام مباشرة
1/ استعادة الاموال المنهوبة وهي مبالغ طائلة في اقل التقديرات تتجاوز المئة مليار دولار غير الاصول الثابتة في الخارج من فلل وبيوت وشقق ومزارع وسيارات ومجوهرات وفي داخل السودان يمكن حصر املاك المتاسلمين بكل سهولة والكل يعرف اين كانوا وماذا يمتلكون قبل الانقاذ فمنهم من كان يسكن داخليات البركس حتي بعد التخرج لشدة فقره واصبح الان يسكن الشواهق ويمتطي الفواره وياكل المطايب ويتزوج الجميلات من الارامل..
2/وقف الانفاق الحكومي علي الدفاع والامن والتي تستنزف اكثر سبعين في المئة من الميزانية وكذلك الصرف علي جهاز الدولة وعلي جيوش العاطلين من مايسمي بالدستوريين.ويمكن ان يوفر هذا الاجراء مبالغ طائلة من العملات الاجنبية والمحلية.
3/ فتح ملفات الفساد ومحاسبة ومصادرة كل املاك من يدان واستعادتها لخزينة الدولة
4/ وقف الاستيراد وحصره علي الدواء ومدخلات الانتاج فقط.
5/ وقف تسديد فوائد اي ديون واعادة التفاوض حولها وبحث امكانية الغائها كليا تحت مبرر عدم اهلية النظام وشرعيته عند توقيع تلك العقود.وفي هذا الاتجاه يجب استنفارجهود كل الخبرات السودانية المرموقة في المنظمات الدولية والاقليمية.
حلول متوسطة المدي (سنة الي ثلاث سنوات)
اولاً: تاهيل قطاع الصادر وهنا يمكن التركيز علي الثروة الحيوانية وتطويرها وفتح اسواق جديدة وزيادة الكميات والنوعيات المصدرة كذلك الاهتمام بقطاع التعدين وخاصة الذهب وتاهيل قطاع الصمع العربي وبعض المحاصيل الاخري كالسمسمم والكركدي.
ثانياً: جذب مدخرات المغتربين والتي تقدر بحوالي الستة مليار دولار فبزوال النظام يمكن اعادة الثقة بينهم وبين الحكومة وهناك فرصة كبيرة في هذا المصدر الهام للعملات الاجنبية.
ثالثاً: اعادة التوازن للاقتصاد الكلي وتبني سياسات مالية ونقدية فعالة لخلق التوازن بين الطلب الكلي والعرض الكلي للوصول لمستوي التشغيل العام مع الحفاظ علي توازن مابين مستوي التضخم والعمالة
رابعاً: تبني سياسة خارجية متوازنة بعيدة عن الاستقطاب والتبعية وتهدف في المقام الاول نحو تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعاون دولي واقليمي يهدف الي مصلحة السودان العليا.
حلول طويلة المدى (خمس الى عشر سنوات)
وتهدف هذه الحلول الي اعادة تاهيل ماتم تدميره بواسطة هذا النظام المجرم ويكون التركيز علي الانسان والذي يعتبر اهم وسيلة واهم غاية للتنمية المنشودة وفي هذا الاطار يمكن فعل الاتي:
اولاً: قطاع التعليم اعادة النظرفي كل سياسات النظام في مجال التعليم والغاء مايسمي بثورة التعليم واغلاق كافة المتاجر الجامعية (مامون حميدة) ووضع شروط صارمة لفتح جامعة جديدة وتاهيل جامعة الخرطوم باعتبارها الجامعة الام وصاحبة الارث التاريخي العظيم واستعادة دورها الريادي والقيادي في المجتمع.تكريث مبداء مجانية التعليم خاصة في التعليم العام واعادة النظر في المناهج والكتب وتاهيل وتدريب المعلمين وتقيمهم ماديا ومعنويا وانا شخصيا اقترح ان يكون اجر المعلم من اعلا الاجور في المجتمع وان يتم اختيار اميز الخريجين.اعادة تاهيل معاهد تاهيل المعلمين كمعهد بخت الرضا ومعاهدالتاهيل التربوي.كذلك محاربة الامية والتي زادت نسبها في ظل نظام المتاسلمين نتيجة لترك كميات من الشباب للدراسة بحثا عن الرزق ومساعدة اسرهم المسحوقة.
ثانياً: قطاع الصحة تكريس مبداء مجانية العلاج والدواء وتاهيل المستشفيات العامة والجامعية والغاء المستشفيات الخاصة واعادة فتح بعضها بشروط في صالح المواطن وفرض ضرائب عليهم والزامهم بعلاج الحالات العاجلة ومراقبة نشاطاتهم والتزامهم بالقوانين.
ثالثاً: القطاع الزراعي والحيواني. جعل هذا القطاع قطاعا رائدا كما كان فالسودان بلد زراعي بامتياز لوجود الاراضي الواسعة والخصبة وتوفر المياه والخبرات الزراعية المتراكمة كل المطلوب التركيز علي هذا القطاع واعادة تاهيل مشروع الجزيرة والمشاريع الاخري واعادة النظر في السياسات الزراعية وعلاقات الانتاج.اما القطاع الحيواني كما سبق يمكن التركيز عليه واعادة تاهيلية ليتمكن من زيادة انتاجه كميا ونوعيا.
رابعاً: القطاع الصناعي يتم التركير علي التصنيع المرتبط بالزراعة والثروة الحيوانية لخلق قيمة مضافة وتحسين الميزان التجاري كما يمكن احلال كثير من الواردات بصناعات محلية خاصة في مجال الاغذية والالبان والجلود والاحذية ويمكن تصدير الجيد منها فبدلا من تصدير الماشية يمكن عمل سلخانات ومصانع لحوم والبان ومواد غذائية وبذا يمكن توفير عملات حرة كانت تبدد في الاستيراد جلب عملات حرة من التصدير خلق فرص عمل جديدة خلق قيمة مضافة.
خامساً:الطاقة و التعدين تاهيل قطاع البترول والتوسع في انتاجه علي الاقل للاستهلاك المحلي كذلك فطاع الذهب والمعادن الاخري ومكافحة تهريب الدهب ومنع النشاط العشوائي للذهب.
اما مجال الطاقة العمل علي ادخال الطاقات البديلة والمتجددة كالطاقة الشمسية وطاقات الرياح وخاصة انا هناك اتجاه دولي لدعم الطاقة المتجددة بسبب التغيرات المناخية.
وفي ختام هذا المقال وهو مساهمة متواضعة وجهد المقل وانا لا ادعي امتلاك العصا السحرية لتحليل وايجاد الحلول لمشكلات معقدة ومتشابكة طالت كل مواطنىوشملت كل مناحي الحياة بسبب تفاقم الازمة وطول بقاء النظام في السلطة ممارسا كل اساليب الدمار والخراب واعتبر هذا الجهد قطرة في محيط ضخم..ومشاكل الاقتصاد السوداني وعمقها لايمكن ان تحل بواسطة فرد واحد وعقل واحد اوقلم واحد فتضافر الجهود ومساهمة الجميع كل في مجاله مطلوبة وضرورية.ومن هنا اناشد الجميع في المساهمة بالراي و وتقديم اقتراحات الحلول كلا حسب معرفته ومجاله فالمشكلة كبيرة والخطب جلل فما دمر في ثلاثين عاما تخليلوا كم يحتاح من الوقت لاصلاحه…
محمد محمود الطيب
استاذ الاقتصاد
كلية هوارد الجامعية
الولايات المتحدة
[email protected]
———-
المراجع
د. هاني الجواهرة (15-6-2003)، "الاقتصاد الريعي وتأثيره في الدولة والمجتمع"، صحيفة اليوم، العدد 10957، الموقع الإلكتروني. بتصرّف. د. سلام شهاب، الدولة الريعية وصياغة النظم الإقليمية
أحمد السيد النجار – التبعية الاقتصادية والنهب الإستعماري الراهن لمصر – موقع الأهرام 16 فبراير 2012 م
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=35968


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.