أنصحك قبل قراءة هذه السطور.. ضع بجانبك من المناديل ما يكفي لمسح الدموع الغالية.. دموع مسفوحة على الوطن الغالي المنكوب.. ليلة أمس الأول تشرفت ومجموعة من الوسط الإعلامي بجلسة مسائية مع سعادة السفير حمد محمد الجنيبي سفير الشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة بمنزله بالخرطوم على شرف الذكرى 46 لتأسيس الاتحاد. في البداية مضى اللقاء ودياً عادياً.. السفير ألقى كلمة معدة بعناية تحدث فيها عن الإمارات والحلم المبهر الذي تحقق بكونها واحدة من أفضل 20 دولة في العالم، وشرح استراتيجية الإمارات حتى العام 2021.. ثم تلاه البروفيسور علي شمو وحكى عن تجربته الشخصية عندما شغل منصب وكيل وزارة الإعلام في الإمارات وكيف كان الخبراء السودانيون يشغلون أرفع المناصب وساهموا بفاعلية في تأسيس أركان دولة الإمارات والنهضة الحديثة فيها. كل ذلك كان مفهوماً وربما معلوماً بالضرورة للجميع، ثم جاءت الطامة الكبرى.. التي تكشف عمق المصيبة التي نكابدها الآن. تحدث مسؤول رفيع في إحدى المؤسسات السودانية المعروفة.. وذكرنا بمناقب دولة الإمارات علينا.. وبمنتهى الفخر قال (دولة الإمارات العربية تكفل 8 آلاف يتيم سوداني..) وإمعاناً في ترسيخ فخامة الكفالة واصل المسؤول شرحه فقال (ترسل لهم المنحة الشهرية عبر تطبيقات الكمبيوتر الحديثة..).. بالله تصوروا هذا الحضيض.. الإمارات بجلالة قدرها وثقلها العالمي والمالي.. وبعد أن تبادلنا معهم أنخاب العرفان.. وهم يحفظون لنا جميل صنائعنا وجذور تعاون عتيق.. الآن كل أحلامنا ورجائنا فيهم أن يكفلوا لنا أيتام السودان!!!! وكأنما السودان بلد اليتامى المكلوم في نفسه. رجل أعمال سوداني واحد فقط لا غير.. هو السيد محمد إسماعيل أسس منظمة خيرية يكفل بها 4 آلاف يتيم سوداني!! هل نحن في حاجة لعون إخواننا العرب أو العالم لكفالة الأيتام؟ ألا يدل ذلك على وضاعة تفكيرنا الحضاري.. أن نفخر ونعتز بحاجتنا لمن يكفل لنا الأيتام؟. هؤلاء الذين سلطهم الله على أقدار مؤسساتنا العامة لو كانوا يدركون ما يملكه الشعب السوداني من موارد وخيرات لعلموا أن السودان قادر على كفالة جميع أيتام أفريقيا والعالم العربي.. فهو البلد المانح عندما كانت البلاد الأخرى متلقية لمنحه وخيراته.. إلى أن جاء اليوم الذي ابتلانا الله بإدارة تفتخر بالصدقات والمنح.. وكفالة المحسنين الآخرين لأيتام السودان.. بلد مثل الإمارات العربية.. كتفاً بكتف.. يجب أن نؤسس معها (شراكة) اقتصادية استثمارية.. ما نملكه في بلادنا من أراض ومراع وثروات طبيعية وفوقها بشرية يصلح منصة لأعظم شراكة اقتصادية حقيقية.. تبادل مصالح لا عواطف وشفقة.. فما تحفظه لنا الإمارات من ود وعرفان من العار أن نصرفه هبات وصدقات وإحسان.. وكفالة أيتام وفي أفضل الأحوال (وديعة دولارية).. صدقوني .. هذه البلاد لن تخرج من أزماتها الاقتصادية – وقبلها السياسية- طالما يحكمها فكر استدرار الصدقات وكفالة الأيتام.. التيار