حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (موت الشهيد مهند لن يشفي غليلنا حتى لو انتهوا الدعامة كلهم وهذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعوضنا ونقدمه له)    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    ماذا حدث للتحليل الاقتصادي الموجه للراي العام بلا مقابل؟    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    ((أحذروا الجاموس))    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    تعليق صادم لمستشار ترامب تّجاه السودان    ميليشيا تستولي على مقرّ..تطوّرات في جنوب السودان    مهاجم جنوب أفريقيا إلى نادي العدالة السعودي    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    شاهد.. الفنانة إيمان الشريف تفاجئ جمهورها وتطرح فيديو كليب أغنيتها الجديدة والترند "منعوني ديارك" بتوزيع موسيقي جديد ومدهش    التغير المناخي تسبب في وفاة أكثر من 15 ألف شخص بأوروبا هذا الصيف    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. في مشهد مؤثر.. خريج سوداني يجري نحو والده بحب كبير في ليلة تخرجه من الجامعة والأب يعانقه ويشاركه الرقص بطريقة جميلة وملفتة    شاهد.. الفنانة إيمان الشريف تفاجئ جمهورها وتطرح فيديو كليب أغنيتها الجديدة والترند "منعوني ديارك" بتوزيع موسيقي جديد ومدهش    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تحوّل (الحسد) من حيوان مستأنس إلى وحشٍ كاسر؟

الحسد إحساسٌ قاتل يقتل النفس والروح معاً .. هذا الداء إذا تمكّن من الإنسان فإنه يسلبه النوم ويحرمه راحة البال. وأتخيّلأيضاً أن أذرع ذلك الأخطبوط قد تمتد لتطال الجسد، حينها يرتفع الضغط والسكري لدى المصابين بأحدهما أو كليهما .. وقد تزداد وتيرة آلام البطن لأصحاب القولون العصبي .. وغيرها من الأمراض التي يفاقم منها بالتأكيد الانفعال والتوتر.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن وجود الشخص "الحاسد" بوجهه "المكفهر" وسط أي مجموعة، يصدّر إحساساً سلبياً "للقعدة" ويحُد من "انسيابية الونسة".
في زمان مضى كان المجتمع بسيطاً وكانت الطبقة الوسطى هي الغالبة وتشمل الموظفين وصغار التجار والمزارعين، وأصحاب المهن الحرفية. أما الطبقة الفقيرة فقد ذابت في الطبقة الوسطى،أولاً لروح التكافل التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وثانياً لأن أي مواطن وقتهاكان يتمتع بأسباب العيش من مأوىًومأكلٍ ومشرب.
أما طبقة التجار ورجال الأعمال فقد كانوا من القِلّة بمكان بحيث لا يشكّلون رقماً يُذكَر. وحتى أولئك الأغنياء لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من الغنى (بمفهوم زمان)، إلا بعد جهدٍ جهيد، ذلك أن أموالهم جاءت بوسائل شريفة، فلم تشبها شائبة من سرقةٍ وفساد، ولم تدنِّسها عمليات غسيل أموالٍ أو تجارة مخدرات وغيرها من وسائل الكسب الغير مشروعة.
وحتى أولئك الشرفاء ممّن حباهم الله بنعمة المال، لم يتوانوا يوماً عن إقالة عثرة الفقير والمحتاج، ولم تكِلّ أياديهم عن فعل الخير وكل ما من شأنه أن يفيد مجتمعهم. كان أولئك النفر الكرام يقدمون ما يقدمونه فيهدوء ومن غيررياء.. ودون جلبةٍأو زخمٍ إعلامي.
في زمان مضى، كانت المدارس الحكومية على مستوىً أكاديمي رفيع ورسومها معقولة بالنسبة للقادرين. أما الفقراء فقد كانت الدولة تتكفّل بتعليمهم. كان المواطن يومها يتعالج ويتداوى بالمجان في مستشفياتٍ حكومية مزوّدة بأحدث الأجهزة والمُعِدّات وتحت رعاية أطباء مؤهلين ومن جميع التخصصات.
وهكذا في ذلك الجو الصحي العام، تجد بأن "الحسد" قد يغشى نفس "الحاسد" مثل غمامةٍ تمر مر الخاطر ولا تبقى طويلاً،وإن بقيت فإنها لا تسيطر على الإنسان بذلك الشكل "المرَضي"، فسرعان ما يجرفها سيل المناسبات من أعراسٍ..وولادات.. ومآتم، حيث تجد الكل يساعد الكل .. والكل يُعاضد الكل فيختفي ذلك الشعور السيء مع تلك المشاركة الوجدانية ويذوب في وسط تلك الحميمية الجميلة التي كانت تميز مجتمعنا.
وهكذا كان الحسد وقتها أشبه بحيوان مستأنس لا يؤذي نفسية "الحاسد" ولا ينغِّص على "المحسود".
وأما الآن فإن العاصمة القومية قد تمدّدت على مستوى الجهات الأربع وأفسحت المجال للأبراج السكنية والفلل الفاخرة..الآن انتشرت شركات كبار رجال الأعمال كانتشار تلك المطاعم التي تضاهي في تجهيزاتها وتصميماتها وتنوع وجباتها،مطاعم كبرى الدول.
الآن السيارات "الآخرموديل"، تتهادىفي شوارع العاصمة،وأرفف المتاجر قد امتلأت بمختلف البضائع العالمية، وصالات الأفراح بأنوارها..وبهرجها..وبخورها..وعطورها، تنقلنا اليوم إلى عوالم ليالي "الف ليلة وليلة".
الآن ظهرت المستشفيات الخاصة..والمدارس الخاصة..وظهر معها "المواطن الخاص".
هذه النقلة الاجتماعية قد قلبت موازين المجتمع وأخلّت بمنظومة طبقاته، فأصبحنا الآن أمام طبقتين.(الطبقة العليا) وهى التي دخلت عالم المال عبر بوابة "السلطة والنفوذ"،ففتحت الباب على مصراعيه للفساد بكل صنوفه وأشكاله وأصبح للمنتمي لتلك الطبقة، الحق في أن يغرف من مواعين الذهب والفضة أمام أعين الكل بلا تهيُّب ولا وجلٍ ولا حياء، وهو موقنٌ تماماً أن لا أحد أياً كان يجرؤ على محاسبته وهل يُحاسَب من بيده القلم؟
الطبقة الثانية وهي الأقل ثراءً "نسبياً"، هي طبقة الموالين والمنتفعين، وأولئك أغدقت عليهم السلطة الأموال بلا حساب وتركت لهم الحبل على الغارب لينهبوا ويسرقوا ما شاء الله لهم من السرقة والنهب، وذلك نظير موالاتهم ومساندتهم ما يضمن للنظام بقاءه.
وبما أن المال الذي يجئ عن ذلك "الطريق"يزغْلِلالعيون-لسهولة كسبه-ويفتح الشهية كلما ارتفعت وتيرة تدفقه،فمن الطبيعي أن يفتح ذلك الباب للمنافساتوالمقارنات وما يستتبعها من"حسد".في وسط تلك الأجواء الملبدة بالصراعات، ظهر نوع جديد من الحسد.."حسد"لا يشبه ذلك الحسد الذي كان مثل حيوان وديع أنيس يغشى النفوس مثل غمامةٍ عابرة لا تلبث أن تنجلي. الآن تحول ذلك الحيوان الوديع إلي وحشٍ كاسر له مخالبوأنيابوأظافر..وحشٌ كاسر يُعْمِل قتلاً وتقتيلاً في نفوس أفراد هاتين المجموعتينويحرمهم فرصة التمتع "بمغنمهم".
وأما الطبقة الثالثة فتشمل الفقراء وهى الطبقة "الغالبة" اليوم، بعد أن إختفت الطبقة الوسطى ودهستها أقدام الغزاة الجدد. هذه الطبقة يكاد داء "الحسد" أن يكون معدوماً عندها، فليس من بين أفرادها من يَحْسِد أو من يملك ما يُحْسَد عليه (إحساس هذه الطبقة تجاه الأغنياء هو شعور "بالغُبن" ولا يرقى لمرتبة الحسد) وهذا شعور طبيعي نحو منإستأثر بكل خيرات بلدك وتركك تعاني الجوع والحرمان وشظف العيش.
بعيداً عن تلك النماذج هناك أشخاصٌ قد تجذّر الحسد وتأصّل في نفوسهم فتراهم يكرِّسون جلَّ وقتهم في التحسّر ومقارنة حالهم بالآخرين(رغم أن حالهم قد يكون أفضل من حال أولئك الآخرين) ولكنه ذلك الداء اللعين "الحسد"،يزيِّن لهم ما عند الغير فيشعل في نفوسهم نيران الحسدوالحقد والبغض،ويزج بهم في خصومات وعداوات لاتنتهي.. قال الإمام الشافعي في شأن "الحسد".
كل العداوات قد تُرْجى مودتها..إلا عداوة من عاداك عن حسدٍ
وإذا كنتُقد ركزتُ على خصلة الحسد في إطار المادة ذلك لأن المادة للأسف قد أصبحت هي اللغة السائدة في عالم اليوم،ومع ذلك فإن المجتمع لا يزال بخير طالما فيه أناسٌ يتقززون وتعاف نفوسهم أموالاً تأتي من حرام.
ومن جانبٍ آخر، فهناك الكثيرون ممن تصالحوا مع أنفسهم وأدركوا أن كل أمرٍ من أمور هذه الدنيا بأمرالله..الرزق..الصحة..الإنجاب..الزواج..وحتى مغادرتنا هذه الفانية قد حدّدها سبحانه وتعالى بميقاتٍ معلوم لا يتأخر ثانية ولا يتقدم..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.