: ماكبث بطل مسرحية الاديب الانجليزي الاشهر وليام شكسبير يمثل قمة الطموح الزائد والمُهلك لصاحبه . يحدثنا الكاتب شكسبير عن ماكبث بطل الرواية وكيف انه لم يولد مجرماً او شريراً ، كما لم يكن فاضلاً او خيراً، ولكن الطموح الزائد الذي زرعته فيه زوجته جعله لا ينظر سوى للسلطة مهما كلفه ذلك ، ولو اعدم كل سكان اسكتلندا . تصف لنا الرواية الشيًقة حكاية ماكبث الشجاع وكيف انه قد التقى بثلاث ساحرات وهو في طريق عودته من معركة من المعارك برفقة صديقه بانكو ، وقد أخبرنه بنبوءات قلبت بعدها حياته رأساً على عقب ، حيث نادت عليه الاولى باسمه واسم ابيه فتملكته الدهشة ، ونادته الثانية بلقب (كاودور) وهي رتبة عسكرية عالية لم يكن قد بلغها بعد ، اما الثالثة فقد رمته بالمفاجأة عندما حييته قائلة : مرحبا بصاحب الجلالة الملك المنتظر. بعد فترة قليلة من اختفاء الساحرات فوجيء ماكبث بمرسوم من الملك يرقيه الى رتبة (كاودور)، اندهش ماكبث وتذكر ما قالته الساحرات فاصبح يفكر بما هو اعلى من رتبة (كاودور) التي منحها اليه الملك . اصبح يفكر في العرش الملكي نفسه حتى اصبح يتخيل نفسه و التاج الملكي على رأسه . نسى المسكين (الدبابير) التي على كتفه . خشى بانكو على صديقه ماكبث من الشبق السلطوي الذي اجتاحه فجأة بفعل نبوءة الساحرات وقال له محذرا: إياك يا ماكبث اياك ان تصدق قصص الساحرات (!) انك لو سرت خلف الساحرات سترتكب الكثير من الشر ولن تتحقق نبؤاتهن في النهاية، لم يستمع لنصيحة صديقه فتحول ماكبث الى انسان متوحش يقتل اقرب الاقربين ، لم يسلم من شره احد ، حتى زوجته وأصدقاءه. فعل كل ذلك في طريقه لكي تتحقق نبوءة الساحرات وما زرعنه من طموح مدمر في دواخله . لا تقلقوا على ماكبث فما هو الا بطل من ابطال الروايات وكتب المطالعة التي لا تموت اذ تموت ، ودعونا نتأمل في سيرة اناس هم من لحم ودم مثلنا ، ياكلون ويشربون ويتناسلون ولله عاقبة الامور . وتذكرنا رواية شكسبير ب (ماكبث) المؤتمر الوطني عمر البشير والسحرة الذين يقفون من خلفه امثال نافع ومصطفي عثمان اسماعيل وصلاح قوش ، الذين يوحون اليه بالطموح المُهلك فيرتكب الشرور والآثام الكبيرة حتى يحقق نبوءة السحرة المُهلكين وتشجيع المُنتفعين والمرجفين والمنافقين ..! الرئيس غير الشرعي للبلاد و مرشح المؤتمر الوطني الحالي لرئاسة الجمهورية عمر البشير تضخم طموحه فجاءة لدرجة انه اصبح يرى كل العالم تحت حذائه كل ذلك تم بسبب نبوءات السحرة والساحرات الكذوبة . قبل فترة صرح لصحيفة الشرق الاوسط قائلا : (لن يخرجنا من الحكم إلاّ الله مقسم الأرزاق ) ونحن بدورنا نحمد الله ان (حاكمنا!!) وهو في قمة تكبره وجبروته قد استثنى الله المتكبر الجبار ،وهذه من الامور غير المعهودة لديكتاتور وصل الى الحكم بالدبابة وحكم شعبه لعقدين من الزمان بالكبت والقهر والقبضة الامنية ، فعادة عندما يترقى الديكتاتور ينصب نفسه اله على شعبه ، ولكن يبدوا من لطف الله علينا انه برغم استفحال حالة مرشح المؤتمر الوطني المرضية الا انه يمكن علاجها ولو بالكي. وقول الجنرال المرشح ان الله مقسم الارزاق سيخرجه من الحكم يمكن اعتبارها بارقة امل فقط نرجو ان يكون مؤمن بما قاله ،كما نتمنى الا يتراجع عن هذا القول كما تراجع عن اقوال كثيرة سبقتها ..!! في احتفال اقامه والي البحر الاحمر خصيصا لمرشح المؤتمر الوطني وخصصت له كل موارد الدولة الاسبوع الماضى قال مرشح المؤتمر الوطني بعد ان نزع (طاقية!) المرشح ووضع (طاقية) الرئاسة : سنطرد اية منظمة أو مؤسسة اجنبية تتدخل في شؤون الانتخابات ، وقال : نحن نرحب بكل المنظمات التي جاءت لتراقب الانتخابات ،وسنحترم من يحترمنا ،ولكن التي تدس انفها وتطالب بالتأجيل ستطرد اليوم قبل الغد، لاننا لانقبل توجيها من احد ،واية منظمة أو اجنبي يتدخل في شؤوننا (حندوسها بحذائنا) – يا ترى كم مقاس حذاءه حتى يوطأ به كل هذه الجموع من اوكامبو حتى الخونة المارقين من معارضي نظامه - وتابع : من يحاول التدخل في شؤوننا الداخلية بانفه سنقطعها ، وبيده سنقطعها ، وبرقبته سنقطعها.. نحن لا كبير لدينا الا الله ولن نركع او نسجد الا له – انظروا كيف يُحشر الله عزّ وجلّ حشرا كلما احسوا بخطر زوال السلطة -لم يمض على تهديد قطع الانف واليد والرقبه والسجود والركوع لله سوى مقدار الوقت الذي قطعته طائرته للوصول الى الخرطوم قادمة من بورتسودان حتى صرح في احتفال اقيم لقدامى المحاربين بالخرطوم انه اذا ما تأجلت الانتخابات (لا قدر الله) – مقولة لا قدر الله منه وليست مني- فان الحكومة الحالية ستكون كما هي (!) والعبد لله يستعجب لماذا اذن قطع الرقاب والانف واليد ؟ لماذا لم ينتظرقدر الله الذى بيده تأجيل الانتخابات؟ ولماذا كل هذا .. لماذا ؟ ام ان المرشح الحاكم قد ترقى جراحاً في بتر الاعضاء بعد فصله للاطباء كما ترقى ماكبث لرتبة (كاودور) .. !! من يتابع حديث مرشح المؤتمر الوطنى سيجد الفعل وضده (!) ولا علينا ودعونا نذهب لاحد السحرة المهرة . وصلاح قوش مدير مخابراته السابق وعينه التي يتجسس بها على معارضي نظامه خرج هذا الاخير بتصريحه الاشهر طوال فترة عمله مديرا للامن ، وذلك عندما اعلن انه سيقطع راس كل من يساند المحكمة الجنائية الدولية في ادعاءتها ضد رئيسه البشير ؟ يا سبحان الله ماذا حدث بعد ذلك ؟ .. لم يسعف الوقت مدير الامن ليقطع رقاب معارضى نظامه ومؤيدي المحكمة الجنائية ؟ كما لم تسعفه موالسته لرئيسه . فقد اطاح الرئيس برقبة مدير الامن نفسه, ذهبت رقبة مدير الامن ولم يأسى عليه احد ، كما لم يبكي على فراقه احد ،كان لسان حال الشعب ما قاله الشاعر الألمعي احمد مطر عندما سقطت رقبة ديكتاتور آخر تلذذ بقطع رقاب معارضيه : وهل نبكي كلب الصيد .. ان اودى به الصياد ولان (ماكبث) الانقاذ وصيادها المتضخم الطموح تشابه عليه البقر فقد اصبح لا يفرق بين الولاء له والتآمر عليه ! كيف يعرف وقد اصبحت في عهده وسائل التآمر والولاء واحدة ! كيف يعرف و قد قال له سحرته انه الوطن والوطن هو ؟ تحول بفعل نبوءات السحرة الكذوبة حتى اصبح لا يميز بين الحق والباطل فقد تحول كما (ماكبث) بطل رواية شكسبير همه السلطة لا يرى غيرها ولا يسمع يطيح برأس اقرب الاقربين له من اجل الظفر بها ولو ادى ذلك لقتل ساحر من السحرة الذين زرعوا الوهم بدواخله ..!! في نهاية مسرحية شكسبير دمر ماكبث نفسه والمحيطين من حوله وهو يلهث خلف شهوة السلطة لانه لم يستمع لنصيحة صديقه بانكو .. يا ترى متى يستمع عمر حسن البشير ل (بانكو) المعارضة قبل ان يدمر نفسه والبلاد ؟؟ هذا سؤال استعيض بالاجابة عنه بالدعاء (اللهم احفظ البلاد) فان (ماكبثنا) ليس لا يستجيب وحسب بل حتى لا يسمع .