حكتْ لي إحدى طبيبات الجلدية، أنَّ بعض المرضى في الآونة الأخيرة ومع ارتفاع أسعار وندرة الأدوية، أصبحوا يطلبون من الطبيب أن يكتب لهم فقط الدواء المهم والذي لا يُمكن الاستغناء عنه، يعني بدلاً من صرف عدد (3) أدوية، يصرف المريض دواءً واحداً فقط، لأنَّ الأسعار أصبحت لا تُحتمل. قبل أيام قليلة، شكا وزير الصحة الاتحادي بحر إدريس أبو قردة من أزمة حادة في الدواء تنتظر المواطنين، بعد خروج الوزير أكثر من "5" شركات أجنبية كبرى تعمل في استيراد الأدوية، الشركات التي تزود الإمدادات الطبية بالأدوية المنقذة للحياة، توقفتْ بسبب تراكم الديون بعدما تجاوزت "32" مليون يورو، والتراكم سببه شح أو انعدام النقد الأجنبي وفشل البنك المركزي في توفيره. تخيلوا أن يصل الشح في النقد الأجنبي مرحلة أن يعجز المركزي عن توفير "32" مليون يورو.! أمس نقلتْ الأخبار أنَّ المجلس القومي للأدوية والسموم يتجه إلى مراجعة أسعار الأدوية بعد إجراءات المركزي الأخيرة وتحرك سعر الدولار في السوقين الرسمي والموازي، وذات الأخبار تتحدث عن حملة على الصيدليات للمراقبة والضبط، بعد الارتفاع اللافت في الأسعار عقب إجراءات المركزي الأخيرة. ذات الإجراءات أعلنتها السلطات قبل تحرير سعر "دولار" الدواء، وكررت كثيراً أنَّ الدواء لن يمسسه شرر انهيار العملة الوطنية، لكن الذي حدث أن انتهى الأمر بتحرير "دولار" الدواء. الآن، الإجراءات التي يتحدث عنها مجلس الأدوية تشبه لحد كبير الإجراءات التي اتخذتها السلطات قبل فترة إزاء تجار العملة بهدف وقف انهيار العملة الوطنية، وهي إجراءات أمنية لا علاقة لها بحل الأزمة في الواقع. الوضع الدوائي لا ينتظر حلولاً أمنية ولا إجراءات ضبط ومراقبة، لأنَّ الأمر يتعلق بحياة الناس التي لا تنتظر.. الأسعار تتحرك وفقاً لتحرك "الدولار" ولن يفيد الحل بالتجزئة لهذه الأزمة.. بل لن تفيد مثل هذه الإجراءات التي ربما تعقد الوضع وتُجبر أصحاب الصيدليات للتوقف، لأنَّ الأمر هو حساب خسارة وربح وليس عملاً خيرياً. التيار