من التأثيرات الاقتصادية الهامة في المجتمع ظاهرة الفقر ويعرف علماء الاجتماع الفقر عن طريق تطبيق مفهومي الفقر المطلق والفقر النسبي ويرتبط مفهوم الفقر النسبي اساسا بفكرة العيش الكفاف اي الشروط الاساسية التي ينبغي توافرها ليظل المرء على قيد الحياة في وضع صحي معقول، وتتضمن هذه الشروط الغذاء الكافي والمأوى والكساء (علم الاجتماع – انتوني غوتز ص373) وعليه فان نوعية الحياة في البلد ترتبط ارتباطا وثيقا بدخل الفرد وكلما قل الدخل كلما ارتفعت نسبة الفقر ووجد الانسان نفسه امام صعوبة سد حاجاته وهذا ما يلجئه في كثير من الاحيان الى امتهان الجريمة ليكون عامل تهديم بدل البناء وتخريب للحياة فالحرمان يولد لدى الناس الاحساس بالمظلومية والتي من شأنها ان تزيد من حدة التناقضات الاجتماعية وتؤثر في عملية التطور والنمو في المجتمع ويقف الافراد عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. (ومن المستحيل رسم صورة تصف الفقراء نظرا لاختلاف الملامح والمتغيرات في وجه الفقر في مختلف المجتمعات) (علم الاجتماع.. المصدر نفسه ص382)، وبنائها وهذا ما يجعل لكل بلد خصوصية مختلفة عن الاخر. ان زيادة الفقر في اي بلد تعني زيادة الطبقات المهمشة اجتماعيا وهذا القياس اقتصادي بحت يؤشر خللاً اجتماعيا، يمكن في بعض الاحيان خلق فوضى اجتماعية يكون الانسان ضحيتها والمجتمع، بشكل عام، مما يعكس التدهور الكبير في الجانب الانساني عموما يرتبط العامل الاقتصادي باهم ثالوث اجتماعي وهو الفقر والجهل والتخلف. ان العمل والحياة الاقتصادية تشكل مساحة واسعة من نشاط الاغلبية الساحقة من الناس وتعد من اكبر الاهتمامات لما للعمل من طابع القداسة، وفقدانه ذو تأثير نفسي كبير يؤدي بالكثير الى الهروب والنكوص ويجعل من الحياة عبئا لايطاق. والعمل يسبغ على شخصية الفرد طابعا جديا وهوية اجتماعية واعتدادا بالنفس وهذا كثيرا ما يرتبط بالاسهام الاقتصادي في تلبية احتياجات الاسرة و(تمثل الطبيعة المعقدة المركبة لتقسيم العمل واحدة من السمات المميزة للاتساق الاقتصادي في المجتمعات الحديثة) انتهى . هذه المقدمه اقتبست لتوضيح ما يعانيه الشعب السودانى بصورة خاصه لكى يعيش كما يعيش البشر كادنى حد للعيش الكريم وإلا (فالموت بشرف ) لقد جُبِل الانسان السودانى على عزة النفس وعدم التنازل عن كرامته مهما بلغت به الحوجة والعوذ وهذا ما تربينا عليه ونحاول تربية ابنائنا عليها لكى يكونوا فعالين غير اتكاليين فى انتظار العون والمساعدة وتوزيع الهبات الحكوميه بالمن والاذى والاعلام الكثيف . الانتاج والانتاجيه والدعم الاسرى والرتق الاجتماعى والدعم السريع وتخفيف اعباء المعيشه والتامين الصحى المجانى وفطور التلاميذ (الغذاء مقابل التعليم ) إصلاح الدوله ومحاربة الفساد والاسر المتعففه ومنظمة الشهيد وأم الشهيد وصندوق التسليف للمشاريع والاسكان الشعبى وصندوق دعم العاملين وخراف الاضحيه وكرتونة الصايم وشنطة المدرسه والاجلاس الفاخر (على الارض ) واعياد الحصاد وحصاد المياه وكهربة المشاريع وتنفيذ مخرجات الحوار الوطنى ومعاش الناس , كلها مشاريع للمؤتمر الوطنى . اذن ماذا تبقى للشعب السودانى اذا توافرت كل هذه الامور وعلى حسب الترويج الاعلامى بكل وسائله وبتغطية تفوق الحد والوصف ؟ أليس هذا من المن والاذى ؟ فى هذه الايام العصيبه تجد كل المسئولين والمتنفذين يركزون فى خطبهم على بعض الجمل المركبه مثل الانتاج والانتاجيه ومعاش الناس ومخرجات الحوار الوطنى وكالعاده كلها كلمات وجُمل للخطب وإلهاء الناس عن ما يهمهم الى حين انتهاء اجل المسئول بالنقل او الخروج الى حيث التجاره الداخليه والخارجيه ولا تنتهى تلك الخطب لانها تورث لمن يأتى من بعد , فلا القديم انجز ماوعد ولا الجديد بنى على اساس قديم وتدور الوعود فى حلقات فارغات . لم نسمع بصحفى او حتى مواطن عادى استوقف مسئولا وسأله عن ماهية تلك الخطب وماهى الانتاج والانتاجيه ومعاش الناس واصلاح الدوله . ان آفة الآفات ما ابتدعه الحزب الحاكم وحكومة الحزب والمتوالين فى الترويج والتبشير بانشاء مراكز البيع المخفض وتخفيف اعباء المعيشه ودعم الاسر المتعففه وهذه الاسر تعففت وربطة على بطونها الصخر لكى لا يسألوا الناس فيأتوا بهم على الملأ لكى توزع عليهم الاطعمه والملابس وخلافها فماذا بقى من التعفف ؟ أليس هذا من الاذى والمن ؟ تتوالى زيارات الولاة والمعتمدين لمراكز البيع المخفض وتوزيع السلع الضروريه على العاملين بالدوله وتتبعها اجهزة الاعلام لتغطية تلك المناسبات والمهرجانات , والسؤال المحير هو لماذا يكون الدعم موجها ومخصصا , فاين بقية الشعب السودانى الذى لم تستوعبه الحكومه ولا المؤسسات الشبه الحكوميه والقطاع الخاص , اين العاطلين عن العمل والذين يمارسون مهنا هامشيه لا تَمُت لخبراتهم وشهاداتهم الدراسيه بصلة , أليسوا فى دائرة المحتاجين الذين تجب مراعاة ظروفهم ولو مناً واذى ؟ هنالك بعض الحلول والانظمه المتبعه فى بلاد الله الواسعه لمعالجة مسألة الدعم للمستحقين من كافة افراد الشعب وفى مصر القريبه هنالك نظام البطاقات الذكيه التى تستخدم لصرف السلع الاساسيه كالخبزوالسكر والزيت واخرى وبالتالى يتم ايصال الدعم للمستحقين ويتم استخدام البطاقات دونما من ولا اذى ولا حتى صفوف يتم تصويرها وترويجها , اما تصوير جوالات الدقيق والسكر والملح والكراتين والعاملين عليها من الموظفين والعمال وسائقى السيارات الناقله وسيارات المسئولين وتركيز التصوير على المحتاجين المصطفين والمتزاحمين حول المسئول ومعهم اسرهم واطفالهم , فهذا لا يخرج عن كونه دعايه وترويج للمسئول والحكومه وحزب الحكومه وهى بدعة سيئه سوف يحاسب عليها من سنها ومن عمل بها الى يوم القيامه . لقد اراقت الحكومه آخر ما تبقى من ماء وجه الشعب السودانى واغتالت الشخصيه السودانيه بدم بارد ونزعت منهم كل دسم المروءة والتعفف , ان محاربة الانسان فى قوته ومعاشه وسد ابواب العيش الكريم امامه بالمحاباة والتمكين تعتبر من ابشع انواع الحروب , قد يصبر البعض على الجوع والحرمان ولكن عندما تتعدى الامور وتصل للابناء تكون المصيبه وتخور القوى وتتم التنازلات والرضا بما تجود به الحكومه وباى شكل وطريقه . ان الهم الاوحد لحزب الحكومه الاستقطاب والترويج واستغلال حوجة الناس لتحقيق التبعيه والاتباع بالاشباع . لا حول ولا قوة الا بالله . من لا يحمل هم الوطن —- فهو هم على الوطن . اللهم يا حنان ويا منان ألطف بشعب السودان —- آمين