تتواصلُ على نحو أسبوعي اجتماعات رفيعة أُختير لها مسمى "اجتماعات ضبط سعر الصرف"، وهي جاءت نتاج إجراءات متصلة منذ التفجر الأخير للأزمة الاقتصادية الذي انعكس مباشرة في ضعف حاد في السيولة، في أعقاب انهيار متلاحق للعملة الوطنية. في عام 2006م قال الرئيس إنَّ دارفور تزخر بأكبر مخزون لليورانيوم في العالم، واليورانيوم معدن نفيس مرتبط بإنتاج الطاقة، ثم أشار إلى أنَّ الصراع الدائر في الإقليم دوافعه هذه الثروة. لكن في عام 2016م صدر تقرير عن احتياطات اليورانيوم في العالم، جاءت استراليا الأولى بينما حلت الأردن في المرتبة ال(16) والأخيرة. شهر ديسمبر الماضي، وقع السودان عدداً من الاتفاقيات مع روسيا على رأسها الاتفاق الذي تم على بناء محطة نووية. الاجتماع الأخير الخاص ب"ضبط سعر الصرف" أقر فتح باب الاستثمار في معدن اليورانيوم بعد التشاور مع الجهات الأمنية. معلوم حجم المخاطر البيئية المرتبطة بإنتاج هذا المعدن، ومعلوم أكثر القيود الدولية المفروضة على أنشطة اليورانيوم. لكن أليس لافتاً للنظر أن يقر فتح باب الاستثمار في المعدن النفيس، اجتماع عنوانه "ضبط سعر الصرف"، الاجتماع الدوري هو أشبه باجتماعات إدارة الأزمة، أو هو كذلك، ما يشير إلى أن إقرار فتح الاستثمار في اليورانيوم جاء نتاج بحث عن مورد يجلب للبلاد النقد الأجنبي، جلب النقد الأجنبي بعيداً عن السؤال كيف؟. أخشى أن تتدفق الأخبار على شاكلة، توقيع عقد ملياري بضمان اليورانيوم الموجود في باطن الأرض، هذا قبل التوقيع على عقود وهمية تجعل الدولار يساوي جنيهاً واحداً، ويكتشف الناس أن نافذين وراء مثل هذه العقود ثم يغلق الملف ضد مجهول. فتح الاستثمار في اليورانيوم بعد اجتماع محدد ل "ضبط سعر الصرف" يشبه المثل الشعبي الذي يقول "سيد الرايحة"..الاستثمار لن يصبح استثماراً إذا اعتمد على مثل هذه السياسات الانفعالية اللحظية، التي تبحث عن حل اليوم، بل حل لأزمة الساعات القادمة وإلى أن يأتي الغد "يحلها ألف حلال". وفقاً للأرقام الرسمية فإنَّ السودان يملك من الذهب ما يقيه تماماً فجوة النفط التي خلفها انفصال جنوب السودان، لكن الذهب لا يذهب إلى خزينة الدولة، بل يخرج عبر بوابات المطار. قبل منح المهربين المزيد من المعادن النفيسة، نحتاج أن نعرف كم تبقى من ذهب السودان في باطن الأرض، وكم خرج منه. التيار