(1) أصدر رئيس القضاء البروفسور حيدر أحمد دفع الله قراراً أمس الأول بتأسيس محكمة جنايات تختص بمكافحة جرائم الفساد ومخالفات المال العام . وحدد قرار رئيس القضاء مهام المحكمة بنظر الدعاوى الخاصة بقضايا الفساد وإستغلال النفوذ والتعدي على المال العام وتخريب الاقتصاد الوطني ، والتي تحال اليها من النيابات المتخصصة كما تختص المحكمة بنظر الدعاوى التي يحيلها إليها رئيس القضاء . وأوضح القرار أن مقر المحكمة بولاية الخرطوم ، ويجوز لها أن تنعقد في أي ولاية من ولايات السودان على أن تشكل دوائر خاصة بمحكمة الاستئناف والمحكمة القومية العليا لنظر الاستئنافات والطعون في الأحكام الصادرة من محكمة جنايات مكافحة الفساد ومخالفات المال العام . وكانت الهيئة التشريعية القومية قد أجازت في يناير عام 2016م ، مشروع قانون المفوضية القومية للشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد .وأودع القانون لدى رئيس الجمهورية منذ أكتوبر 2017م للمصادقة عليه حتى يصبح سارياً وتشكل بموجبه مفوضية مكافحة الفساد التي لم يتم تكوينها حتي الآن . ما يجب الوقوف عنده هو الجهات التي تحيل القضايا إلى محكمة الفساد ، وهي حسب القرار النيابات المختصة و السيد رئيس القضاء نفسه ، وبذلك ربما وضع مولانا رئيس القضاء رأس الهرم القضائي طرفاً في التقاضي، بإحالة قضايا من سلطة عليا إلى سلطة أدنى وفي محكمة خاصة، وليس هناك أمراً في القضايا قيد النظر في المحاكم العامة أو الخاصة ، وهل ستحال إلى هذه المحكمة أم لا ؟ كما لا أمر بخصوص الطريقة المتبعة في إحالة القضايا للمحاكم من قبل الجهات المتضررة ، أو القضايا طرف ديوان الحسبة؟ و عما إذا كان التحلل والتسويات أحد آليات المحكمة ، لم هذه الخطوة هي الأولى من نوعها في مجال مكافحة الفساد، فسبق وأصدر رئيس الجمهورية في يناير من العام 2012م قراراً جمهورياً بتكوين آلية لمكافحة الفساد، قضى القرار بتعين الطيب أبوقناية رئيساً لها، بيد أن أبوقناية لم يعمر طويلاً في منصبه، كما لم تدم المفوضية نفسها طويلاً، إذ أقيل أبوقناية من منصبه بعد عام فقط من توليه رئاسة الآلية، لتندثر بعدها سيرة محاربة الفساد، وكان أبوقناية قبيل إقالته قد كشف عن حصول الآلية على ملفات مهمة تحتوي على مخالفات واعتداء على المال العام والعقارات والاراضي الحكومية، وأن خمسة من تلك الحالات تم التثبت فيها تهم حقيقية لقضايا الفساد، وأن الآلية قد وضعت يدها عليها تماماً، وأن التحقيق في بعضها إكتمل، إلا أن أي من هذه القضايا لم تظهر حتى الآن. و بعد ذلك قامت وزارة العدل بتشكيل لجنة مختصة لوضع مسودة قانون لمفوضية مكافحة الفساد، ترأسها المستشار العام بالوزارة بابكر أحمد قشي، ورئيس إدارة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه مبارك محمود مقرراً للجنة، وعضوية كل من السلطة القضائية، ونقابة المحامين، ومعهد التدريب القضائي وديوان المراجعة القومي. وحدد قرار إنشاء اللجنة مرجعيات عمل اللجنة، مع مراعاة الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي وقع عليها السودان، والاستهداء يتجارب الدول الأخرى. وقبل أن تنهي اللجنة المهام الموكلة إليها، من إعداد مسودة للقانون الذي تعمل به هيئة مكافحة الفساد، فاجأ رئيس اللجنة بابكر قشي الأوساط بتصريحات تعتبر أن الفساد عميق فى البلاد، قال ( إن الأمن القومي للبلاد مهدد بالفساد )، وقال : ( إن اللجنة اقترحت محاسبة أصحاب الحصانات بدون إلغائها، لكنه أشار الى أن الدولة عازمة وجادة في مكافحة الظاهرة). و لم يودع القانون المشار إليه و لم ينفذ. ما يخشى منه ان تكون هذه الخطوة سبباً في تباطؤ مواجهة الفساد ،و ربما أفلت الفاسدون بسبب الإجراءات التي تأخذ احياناً مساراً بروقراطياً. و تفسح وقتا للجناة لترتيب أوضاعهم . صحيح أن مواجهة الفساد تتطلب أن تكون هناك جهات عدلية و نيابات مدربة على العمل في قضايا الفساد، ونظراً لأن المحكمة جديدة فربما انهالت عليها آلاف القضايا و أغرقتها..هناك ملفات فساد كبيرة ... و مخالفات حددتها تقارير المراجع العام.. و يشمل ذلك أطراف حكومية و جهات شبه حكومية و الشركات الرمادية و الحكومية. و شركات تساهم فيها الحكومة دون منطق واضح.. و لعل أكبر القضايا هي التي تتعلق بخصخصة المرافق العامة.. و العقود الحكومية و مشتروات الدولة. نواصل