غياب الكفاءة – الحروب – الفساد الكفاءة المهنية : الأزمة الاقتصادية الحالية في السودان تعود في الأساس إلي أسباب سياسية قائمة على سياسة التمكين والإقصاء التي انتهجتها دولة الإنقاذ ، أي تمكين المنتمين للحزب الحاكم في تولي الوظيفة العامة والتحكم في مفاصل الإقتصاد دون إعتبار للكفاءة واقصاء الآخرين بسياسة الإحالة للصالح العام ، فأصبح غياب التخطيط وسوء الادارة سمة بارزة منذ تولي الجبهة الإسلامية السلطة بأنقلاب عسكري في 1989 . يظهر جليا سوء التخطيط الإقتصادي في الاعتماد على تصدير النفط وعدم توجيه عائداته في مشاريع البنية التحتية الإنتاجية والتعليم والصحة وعدم التحوط لانفصال الجنوب الذي افقد الخزينة العامة 50% من مواردها ، مما يؤكد أن القائمين بادارة الشأن الاقتصادي ليس بالكفاءة المهنية المطلوبة ، وبتدمير المشاريع إلانتاجية بتشريد العاملين أوالخصخصة و الإهمال المتعمد أدى إلي تدنى الإنتاج وتقلص الصادر وخاصة في المنتوجات التي يتمتع بها السودان بميزة نسبية كالصمغ العربي والثروة الحيوانية مما زاد العجز في الميزان التجاري حتى بلغ 4,5 مليار دولار حسب ميزانية 2018 . تشريد الكفاءات كنهج اقصائي يكشف قصر نظر الاسلاميين في إدارة الدولة فكان نتيجته غياب التخطيط وسوء الادارة والتخبط في معالجة آثار الأزمة حتى أضحى الجوع والفقر والمرض عنوان حكمهم . الحروب : ثم توالت الكوارث في إدارة الشأن العام بانتهاج الإنقاذ سياسة أمنية تعويضا عن شرعية شعبية مفقودة بدعم مجموعات قبلية على حساب مجموعات قبلية أخرى فخلق بؤر توتر في الاقاليم الطرفية وإشعال صراعات عرقيةانتشرت بسببها السلاح وهيأت تلك الاقاليم في أن تتمرد على السلطة فإزداد الصرف الأمني على تلك الحروب على حساب مشاريع التنمية . تعامل نظام الإسلاميين مع الاشكالات الداخلية والحروب والصراعات العرقية التي صنعتها بنفسها بالعقلية الأمنية حيث أدخلت البلاد في أزمة دولية فرضت بموجبها عقوبات إقتصادية وملاحقات من المحكمة الجنائية الدولية لقادة النظام ، أضف الي ذلك إيواء ودعم العناصر الإرهابية قاد إلي ادراج السودان في قآئمة الدول الراعية للارهاب ترتب على ذلك فرض عقوبات إقتصادية على السودان من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لها أيضا تأثيراتها على الاقتصاد . الفساد : هناك استحالة في محاربة المفسدين في دولة الإنقاذ مع الانتشار الواسع للفساد والمحمي بالمؤسسات والحصانات والتوظيف السياسي للمال العام نتيجة لغياب الرقابة البرلمانية وتسييس القضاء وتكميم الافواه بمصادرة الصحف وقمع الحريات كل ذلك يجعل الفساد والمفسدين بمنأى عن المراقبة والكشف والمحاسبة . انتشار الفساد بأنواعه المختلفة يعتبر السبب الرئيس والجوهري في تدمير الإقتصاد السوداني ، فالحديث عن إي إصلاح لن يكون ذو جدوى مالم يجتث جزور الفساد التي تتمثل في النظام نفسه ، النظام الاخواني القائم لا تسنده شرعية دستورية ولا قبول شعبي ، بنيته قائمة على التمكين والمحاصصة القبلية والجهوية مع غياب أدوات الرقابة البرلمانية والإعلام الحر والقضاء المستقل ، ومع غياب الإرادة السياسية لن يبقى أي أمل في محاربة الفساد أو إصلاح الدولة . ونواصل . مها الهادي طبيق