يضرب أطباء السودان ، منذ الأسبوع الماضي ، لأجل تحسين أوضاعهم . …….. ويشكل ذلك احد متطلبات تحسين البيئة الصحية في البلاد ، التي تدهورت بفعل أسبقيات سلطة الإنقاذ المختلة ، حيث تصرف على أمنها وحروبها ودعايتها ومخصصات رئيسها ونخبتها السياسية أكثر مما تصرف على الصحة والتعليم والمياه والرعاية الاجتماعية (ميزانية القصر الجمهوري 235 مليون جنيه (235 مليار بالجنيه القديم) وهي تزيد عن ميزانية رئاسة وزارة الصحة 122 مليون، وعن وزارة التربية والتعليم العام (31مليوناً) ، وعن وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية 6ملايين . وفي ذات الميزانية خصص مبلغ 5 ملايين كميزانية تنمية للقصر الرئاسي، كما خصص 121 مليوناً لإعادة تأهيل مباني وزارة الدفاع، هذا بينما خصص لجملة مشروعات المياه القومية 2.5 مليون (نصف القصر الرئاسي!)، وخصص لجملة مشروعات الملاحة النهرية 8 ملايين! وخصص لجملة مشروعات الصحة65.8 مليون وجملة مشروعات التعليم العالي(39.5) مليون ولجملة مشروعات تنمية القطاع المطري8 ملايين! (حيث النزاعات ونصف سكان السودان)!! بما يعني ان ميزانية القصر الجمهوري، وكذلك إعادة تأهيل مباني وزارة الدفاع، كليهما، يفوقان ميزانية مشاريع المياه والصحة والتعليم العالي والملاحة النهرية وتنمية القطاع المطري، كلها مجتمعة!!) . ومعركة الأطباء يمكن أن تشكل مدخلاً لمعالجة اختلال أسبقيات السلطة ، ولكن ذلك يتطلب تضامناً واسعاً منا جميعاً ، خصوصاً طلاب كليات الطب بشتى الجامعات السودانية ، الذين يمكن أن يضربوا ويتظاهروا دعماً لزملائهم المستقبليين ودعماً بالتالي لأنفسهم ، وكذلك أساتذة كليات الطب ، والمهنيين الآخرين ، ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية . ولكن ترك الأطباء وحدهم ، رغم ما كشفوا عنه من تصميم واستعداد للتضحية ، يجعل السلطة التي لا تتورع عن فعل أي شئ ، تستفرد بهم لقمعهم وهزيمة تحركهم المشروع ، وفي ذلك هزيمة لكل أهل السودان . ولأن معركة الأطباء معركتنا ، فلنساهم فيها جميعاً بكل الوسائل المتاحة والممكنة .