منع قناة تلفزيونية شهيرة في السودان    وزارة الصحة تلتقي الشركة المصرية السودانية لترتيب مشروعات صحية مشتركة    ماذا قال ياسر العطا لجنود المدرعات ومتحركات العمليات؟! شاهد الفيديو    تم مراجعة حسابات (398) وحدة حكومية، و (18) بنكاً.. رئيس مجلس السيادة يلتقي المراجع العام    انطلاق مناورات التمرين البحري المختلط «الموج الأحمر 8» في قاعدة الملك فيصل البحرية بالأسطول الغربي    شاهد بالصور.. ما هي حقيقة ظهور المذيعة تسابيح خاطر في أحضان إعلامي الدعم السريع "ود ملاح".. تعرف على القصة كاملة!!    تقارير صادمة عن أوضاع المدنيين المحتجزين داخل الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة (6) أطفال حديثي الولادة بمستشفى رفاعة بسبب (250) جنيه!!
نشر في حريات يوم 15 - 06 - 2011

توفي ستة أطفال في مستشفى رفاعة مؤخرا بسبب عطب في جهاز الأكسجين، يحتاج إصلاحه لمبلغ 250 جنيها فقط، من بينهم تاليا ابنة الصحفي علاء الدين دفع الله الدفينة والتي فتح والدها بلاغا جنائيا ضد سلطات الصحة بالولاية والمستشفى، الشيء الذي قرع الأجراس حول أحداث الوفاة المتكررة في مستشفى رفاعة. وقادت حادثة وفاة أم في ولادة قيصرية بمستشفى الحصاحيصا إلى مواضع خلل فيها، مما يدمغ المسئولين في المستشفيين وفي ولاية الجزيرة وفي البلاد بالتهاون في أرواح الأطفال والتقاعس واللامبالاة، وقادت التحقيقات الصحفية في المسألة إلى كشف فساد.
ونشرت صحيفة (السوداني) تحقيقا حول تردي الأوضاع في مستشفى رفاعة أمس بعنوان (مستشفى رفاعة.. الأطفال من العنابر إلى المقابر!)، أشار للقضية الجنائية التي يرفعها الدفينة في مواجهة وزير الصحة بولاية الجزيرة ومعتمد محلية شرق الجزيرة وإدارة المستشفي وعدد من الأطباء العاملين فيها يؤكد فيه أن ابنته قد لقيت حتفها نتيجة إهمال طبي. ووصف التحقيق –الذي نشرت حلقته الأولى- بأن بحثهم قادهم لوجود فساد في المستشفى، وذكر التحقيق إن (السوداني) التي سبقت بكشف أبعاد القضية بالذهاب للمستشفى الأسبوع الماضي وجدت فرصة أكبر، إذ أن الصحفية الأستاذة صفية الصديق بصحيفة (الأخبار) واجهت في المقابل معاملة سيئة حينما ذهبت الأحد 12 يونيو، حيث تم احتجازها لفترة، وهددت بمسح الصور التي التقطتها داخل المستشفى أو في المقابل عدم السماح لها بالمغادرة، وكانت صفية أنجزت تحقيقا صحفيا في قضية طفل حديث الولادة كاد أن يتعرض لإهمال طبي بإعطائه جرعة أكبر بكثير من الدواء حتى نبهت والدته للخطأ، عوملت صفية بفظاظة و(هدّد أحد الممرضين بفتح بلاغ ضدها بعد أن قام (بملاواتها) محاولا اقتلاع الكاميرا. وتم استقدام المدير الطبي لاحقا ليطلب منها محو الصور التي قامت بالتقاطها متخذا من ذلك شرطا لمغادرتها المستشفى).
ونشرت صحيفة (الأخبار) أول أمس الاثنين تحقيقا حول سوء الحال في كل من مستشفى رفاعة والحصاحيصا بعنوان (مآس بسبب أخطاء طبية بمستشفيات رفاعة والحصاحيصا) ذكر حادثة وفاة امرأة داخل غرفة عمليات الولادة القيصرية في مستشفى الحصاحيصا بسبب خطأ في جرعة التخدير وأن (المستشفى بكامله لا يوجد به إختصاصي تخدير فيما عدا الفنيين). وفي مستشفى رفاعة كشف عبد اللطيف كامل (والد طفل حديث الولادة) ل (الأخبار) أن ابنه كاد أن يتعرض لخطأ طبي هناك بسبب جرعة خاطئة إلا أن الله سلم بتنبه والدته في آخر لحظة، وكانت الجرعة التي أزمع إعطاؤها للطفل سوف تؤدي للفشل الكلوي ومضاعفات أخرى.
وروى التحقيق كذلك احتجاز المحررة الصحفية التي قامت بالتحقيق (صفية الصديق) ومحاولة اقتلاع الكاميرا بحوزتها لمسح الصور (واقتادت الشرطة المحررة لمكتب المدير الطبي لمعرفة رأيه، ومن ثم اللجوء لقسم الشرطة إلا أن المدير الطبي اشترط مسح الصور، من جهته هدد المدير الطبي والموجودون بمكتبه الصحفية من تكرار الزيارة، مشيراً إلى أنه لا يعلم شيئا حول حادثة الطفل قائلاً: (الحصل شنو أنا ذاتي ما عارف) فيما رفض التصريح إلا بإذن من وزارة الصحة بولاية الجزيرة).
هذا، وكتب إسماعيل التاج بعنوان (أيُّ وطنٍ هذا؟ وفاة 6 أطفال حديثي الولادة بمستشفى رفاعة بسبب 250 جنيه): مستنكرا وفاة الأطفال المتكررة في مستشفى رفاعة بسبب عطب بجهاز الأوكسجين يكلف إصلاحه 250 جنيها فقط ووجه عتابا للمسئولين بالمستشفى وبالولاية باعتبار ذلك سببه التقاعس واللا مبالاة.
وكانت دراسة حول الغضب التراكمي في السودان أشارت لها (حريات) مؤخرا ذكرت الشكاوى من سوء حالة المستشفيات والإهمال وتدهور الخدمات الصحية من أهم أسباب التذمر والغضب الشعبي في ولاية الجزيرة التي قدرت الدراسة نسبة الغضب التراكمي فيها ب85%.
ويشكل ضعف المخصص للصحة في الميزانية الحكومية السبب الرئيسي في تدهور الصحة وتدهور أوضاع العاملين بالحقل الصحي ، حيث تخصص الميزانية 2.9 % للصحة ، بينما تحوذ الاجهزة الامنية والعسكرية على ما يزيد عن 70% من الميزانية .
** (أدناه التحقيقات الصحفية والمادة المصاحبة)
مستشفى رفاعة.. الأطفال من العنابر إلى المقابر!
السوداني- 14 يونيو
تحقيق: حنان كشة
من قتل تاليا؟
حاولنا إزالة الغشاوة عن معلومات استقيناها من مصادر مختلفة عملا بضرورة الحياد في إجراء التحقيق الصحفي لكن رشحت تأكيدات هنا وهناك عن وجود فساد مالي وإداري داخل المستشفى وللحق فقد كان رأس الخيط الذي قاد خطانا للطرق على مداخل المدينة واقعة وفاة الطفلة (تاليا) التي أطلت على الفانية وقدرها أن تفارقها بعد بلوغها شهرها الثالث لا غير لتمضي في هدوء وتترك خلفها تساؤلات استودعتها الذمم وهي تدعوها للبحث لها عن إجابات مقنعة حيث شكك والدها في وجود إهمال طبي أدى لوفاتها ليصبح بذلك مؤثرا فاعلا ولتنتقل إثره الطفلة للرفيق الأعلى فبدأنا البحث في أضابير الملف انطلاقا من الواجب الذي تحتمه علينا المهنة إلا أن جلوسنا لعدد من الأشخاص الذين يرتبطون بشكل مباشر بالقضية فجّر مفاجآت عديدة لم تكن بالحسبان وهم يشيرون إلى أن الإهمال نجم عن سيناريوهات فساد ظلت تتكرر في ذلك الحيّز ولم يتركوا الأمر هكذا حيث أنهم دللوا على قولهم ذاك بالمستندات.
خيوط المعاناة..
قبل الخوض في تفاصيل التحقيق الصحفي الذي قمنا بإجرائه كذلك لابد من التنبيه إلى أننا لم نشأ نشر التحقيق قبل استكمال حلقاته حيث كانت البداية بإتصال هاتفي نقل إلى أسماعنا معلومات عامة تتعلق بوجود إهمال داخل مستشفى رفاعة بشكل عام وقسم الأطفال الذي يطلق عليه اسم رجل الخير فريد أحمد نصرالله بشكل خاص.
رأس الخيط الذي تتبعناه بدأ وأوصلنا إلى حقيقة بائنة مفادها أن ذات السيناريوهات التي كانت تدور خلال عامي 2006م و2007م متواصلة حتى الآن وذلك ما أكدته مستندات رسمية صادرة عن إدارة المستشفى وذلك ما سنفصّل فيه لاحقا .. البداية كانت معلومة وردت إلينا مفادها أن الصحفي علاء الدين دفع الله الدفينة والد الطفلة تاليا التي توفيت في الفاتح من مايو الماضي قد فتح بلاغا جنائيا ضد كل من وزير الصحة بولاية الجزيرة ومعتمد محلية شرق الجزيرة وإدارة المستشفي وعدد من الأطباء العاملين فيها يؤكد فيه أن ابنته قد لقيت حتفها نتيجة إهمال طبي سبقت ذلك فما كان منا إلا أن ذهبنا لنجلس إليه ونستمع للرواية كاملة من الرجل فلم يمانع وبدأ يحكي والأسى يرتسم على ملامحه يقول “كنت أقضي حاجاتي العملية كالمعتاد في ولاية الخرطوم حتى وردني اتصال هاتفي في التاسع والعشرين من مايو الماضي من أسرتي توضح فيه أن تاليا ذات الثلاثة أشهر قد أصيبت ب(نزلة) وأنهم بصدد نقلها لمستشفى فريد نصرالله وقد فعلوا وهناك طلب منهم القيام بفحص ليتأكدوا إن كانت مصابة بملاريا أم لا لتظهر إصابتها بالمرض وليطالب طبيبها المعالج بضرورة بقائها بالمستشفى لتتلقى العلاج. وفي اتجاه آخر كانت الطفلة محتاجة لجرعة أوكسجين فتم إعطاؤها إياها كاملة دون أن يتم تخفيفها وكان ذلك سببا (حسب قوله) في دخولها في حالة تشنج وأثناء معاناتها تلك قدمت طبيبة ونبهت الطبيب إلى أنه كان من المفترض أن يتم إعطاؤها الجرعة مخفضة وبدأت تسوق إلى الطبيب نصائح وتم حقنها بعد ذلك ببنسلين مائي لتبدأ حالتها في الاستقرار نسبيا.
يواصل علاء والد الطفلة تاليا سرد فصول المعاناة التي واجهتهم والتي انتهت بوفاة فلذة كبده وهو يشير إلى أنه في الثلاثين من مايو تم نقل ابنته التي كانت قابعة بقسم الحوادث في المشفى إلى أحد العنابر لكنه لفت إلى معلومة عدها محورية ارتكز عليها بأن قسم الحوادث يبعد عن مستشفى فريد نصرالله مسافة تقدر بما بين (400 450) متر ليتواصل العلاج هناك، مضيفا “وكنت وقتها قدمت من الخرطوم لأتابع حالتها عن كثب”. ومضي يصف حال العنابر هناك وهو يقول أنه لا يوجد زجاج خارجي يمنع دخول التراب للعنابر كما أن الأرضية في أجزاء من المبني حل فيها الطين بديلا للسيراميك مما يوفر بيئة خصبة لتوالد الحشرات. أما الأسرة داخل العنابر فأقرب إلى أن تصبح مخازن من قربها لدور تلقي علاج ويفتقر الفرش فيها للنظافة وفيما يتعلق بالأدراج التي كان من المفترض أن توضع عليها الأدوية فقد حلّت الأوساخ بديلا لها وذلك ما يؤكده واقع الحال داخل المشفي أثناء زيارتنا لها أما المواسير فقد تم عصبها كأنها تعاني من صداع مزمن لتبقى ساكنة جبرا ولا تجود بالمياه.
تساؤلات منطقية..
هنا صمت علاء الدين لينتقل بالحديث إلى منحى آخر وهو يقول يوم ثلاثين شهدت مدينة رفاعة موجة تراب كثيفة وكان من المستحيل استمرار بقائنا في الصالة الخارجية التي لجأنا إليها بعد عدم توفر الجو المطلوب لراحة المريضة داخل العنبر فهو يفتقر لوجود مروحة هواء فاعلة فاضطررنا للدخول بعد ذلك لكننا قمنا بإغلاق الشبابيك لإتقاء ذرات التراب التي كانت تنهال بكثافة. وهكذا مضى الوضع من السيء للأسوأ حيث انعدمت التهوية نهائية وبدأنا التحايل على الأمر بقيامنا بالعملية بأيادينا حتى لا تتأثر الطفلة بعد قليل إنقطعت الكهرباء لتزيد معدلات المعاناة وبدأت هنا خيوط المعاناة تتشابك.
يواصل والد الطفلة تاليا سرد تفاصيل ما جرى وقتها وهو يضيف القول بأنه اتصل بالمدير العام للمستشفى مستنجدا به بعدما حاصرته الظروف التي مضت في غير اتجاه مصلحة ابنته بسبب عدم توفر البيئة المناسبة لبقائها في سلام بعد أن انقطع التيار الكهربائي وعدم توفر مولد كهرباء يقوم بالمهمة لحين عودة التيار المنقطع لكن الأخير لم يقم باللازم في التو لكنه عاد ليحادثه لاحقا ليطرح عليه مقترحا يكمن في أنه يمكن نقل ابنته إلى إحدي غرف الجناح الخاص لتبقى هناك دون مقابل مادي لكن ذلك لم يحدث حيث أنه لم يحضر ولم يبعث بمن ينفذ مقترحه ذاك فطرأت هنا تساؤلات عديد على مخيلة محدثنا تساؤلات منطقية تجاهلها وقتها بسبب حالة طفلته الصحية السيئة لكنها استأثرت لنفسها بجزء من حيز ذاكرته استرجعها هنا بقوله “إنه طالما أن جناحا خاصا مهيأ لماذا يتم إغلاقه بالرغم من خلوه من المرضى؟ وما هو مصير من جاء برفقة طفل مريض يريد إنقاذ حياته ولا يملك تكلفة بقائه فيها حيث تصل التكلفة إلى مائة جنيه في اليوم الواحد؟ ولماذا ابنتي بالذات التي تنقل في حين أن هناك مجموعة من الأطفال كانوا يعانون من وطأة الظروف عليهم؟!.
إعتقال صاحبة الجلالة..
زميلتنا صفية الصديق المحررة الصحفية بقسم التحقيقات بصحيفة الأخبار حملت جهاز تسجيلها وكاميرتها أمس الأول وتوجهت صوب مدينة رفاعة وهي تتبع حسها الصحفي ويدفعها حماسها للجري في دروب صاحبة الجلالة فقد قامت إدارة مستشفى رفاعة التعليمي أمس الأول باحتجاز الزميلة صفية الصديق المحررة الصحفية بصحيفة الأخبار في أحد عنابر مستشفى فريد أحمد نصرالله (قسم الأطفال) لمدة تجاوزت ثلث الساعة أثناء قيامها بمهمة صحفية أوكلت لها تتعلق بإنجاز تحقيق صحفي في قضية طفل حديث الولادة كاد أن يتعرض لإهمال طبي صباح أمس بعد أن قرر معالجوه حقنه بجرعة (7) خطوط مجزأة من السيسي بعد تعبئتها من قبل الممرضة المتابعة لحالته الصحية و التي شرعت في إعطائه إياها مما دعا والدته التي كانت تراقب ما يجري عن كثب لتنبيهها فتوقفت لتراجع الجرعة المقررة لتكتشف وقوعها في الخطأ ويتم إعطاؤه الجرعة الحقيقية إثر ذلك وهدّد أحد الممرضين بفتح بلاغ ضدها بعد أن قام (بملاواتها) محاولا اقتلاع الكاميرا.
وتم استقدام المدير الطبي لاحقا ليطلب منها محو الصور التي قامت بالتقاطها متخذا من ذلك شرطا لمغادرتها المستشفى.
زميلتنا صفية توجهت صوب مستشفى رفاعة ويحدوها أمل كبير في البحث خلف المعلومات التي تم تمليكها إياها لكن يبدو أن الحظ لم يحالفها مثلما حالفنا فقد قمنا بذات الرحلة الأسبوع الماضي ويبدو أن إدارة المستشفى تحاول التكتم على ما يجري خلف أسوارها بسعيها جاهدة لمنع أي متسلل يبحث عن الحقيقة داخل المبنى ..تلك مقدمة كان لابد من التعرض إليها لربط القارئ الكريم بما يدور بين ظهراني الملف المفتوح والذي بدأ الأسبوع الماضي كما سقنا ذلك آنفا .
وبالعودة لقضية الفساد المالي والإداري الذي تعاني منه مستشفى رفاعة التعليمي نجد أن الأمر قديم حيث قام زميلنا الصحفي الطيب محمد خير بإجراء تحقيق صحفي تم نشره في الحادي عشر من عام 2007م جاء فيه أن شح التمويل والعجز الذي تعاني منه المرافق الصحية بمدينة رفاعة في محلية شرق الجزيرة دفعا إدارة الشؤون الصحية فيها لابتكار وسائل مختلفة لسد العجز بحيث يتحمل التبعات المواطن الذي يطرق أبوابها طلبا للشفاء بجانب العاملين بالمرافق الصحية وبين تلك الأساليب حسبما جاء في التحقيق إلغاء مجانية الشهادة المرضية وإلزام المتعاملين بدفع 16 جنيها. وطبقا للمستندات التي تحصلت عليها صحيفة (رأي الشعب) وقتها فقد لجأت لزيادة رسوم استخراج شهادة الميلاد من سبعة جنيهات ونصف الجنيه إلى ثلاثة عشر جنيها بعد أن حصرت عملية إستخراجها في المستشفى العام برعاية من إدارة القمسيون الطبي بالمحلية مخالفة بذلك ما هو معمول به في تحصيل رسوم شهادات الميلاد في بقية محليات ولاية الجزيرة ذلك مجرد نموذج اقتبسناه من التحقيق ليكون أرضية ننطلق منها بعد أن تأكد لنا أن تلك السيناريوهات ما زالت مستمرة حتى الآن وفقا للمستندات المتوفرة أمامنا.
***
مآس بسبب أخطاء طبية بمستشفيات رفاعة والحصاحيصا
صحيفة الأخبار السودانية
رفاعة- الحصاحيصا: صفية الصديق :
علِمت (الأخبار) من مصادر طبية موثوقة بوفاة امرأة داخل غرفة عملية الولادة القيصرية بمستشفى الحصاحيصا للولادة، فيما رجحت ذات المصادر أن تكون أسباب الوفاة خطأ في جرعة التخدير، وأشارت المصادر إلى أن زوج المتوفاة أصرّ على تشريح الجثة لمعرفة أسباب الوفاة، وتمّ نقل الجثة لمشرحة مستشفى مدني لجهة عدم وجود مشرحة بالحصاحيصا، فيما كشف مصدر من داخل المستشفى (فضّل حجب اسمه) أن المستشفى بكامله لا يوجد به إختصاصي تخدير فيما عدا الفنيين، من جهته قال إن وفاة المرأة داخل غرفة العمليات في الساعة الأولى من الولادة يعزى في الغالب لخطأ في التخدير.
وفي سياقٍ مُتصِل كشف عبد اللطيف كامل (والد طفل حديث الولادة) ل (الأخبار) أن ابنه كاد أن يتعرض لخطأ طبي بمستشفى أحمد نصر الله للأطفال برفاعة لجهة إقدام المُمرضة على إعطائه حقنة (7 سيسي) من عقار المضاد الحيوي، مشيراً إلى أن والدته تنبهت في آخر لحظة ليتضح أن الجرعة المُخصصة للطفل (عمره ثلاث أيام) هي سبع خطوط فقط، فيما أشار مصدر صيدلاني إلى أن الجرعة (7 سيسي) لطفل عمره (13) عاماً موضحاً أن الجرعة الزائدة من المضاد الحيوي (جوتومايسين) تؤدي للفشل الكلوي ومضاعفات أخرى..
وفي السياق ذاته تعرضت المحررة في أثناء تواجدها مع والد الطفل بمستشفى الأطفال برفاعة للحجز من قبل المُمرض الموجود بعنبر الأطفال محتجاً على تصوير الطفل رغم موافقة أهله، وقام الممرض- يدعى (جمال)- باستدعاء الشرطة بعد إغلاق العنبر؛ ومنعها من الخروج مصراً على اقتلاع الكاميرا ومسح الصور، فيما اشتبك مع المحررة ومرافقيها، إلا أن تمسكها بالكاميرا حال دون اقتلاعها، و اقتادت الشرطة المحررة لمكتب المدير الطبي لمعرفة رأيه، ومن ثم اللجوء لقسم الشرطة إلا أن المدير الطبي اشترط مسح الصور، من جهته هدد المدير الطبي والموجودون بمكتبه الصحفية من تكرار الزيارة، مشيراً إلى أنه لا يعلم شيئا حول حادثة الطفل قائلاً: (الحصل شنو أنا ذاتي ما عارف) فيما رفض التصريح إلا بإذن من وزارة الصحة بولاية الجزيرة..يُذكر أنه حدثت أكثر من (6) حالات وفاة لأطفال حديثي الولادة خلال الأسابيع الماضية نتيجة نقص الأوكسجين من بينها الطفلة تاليا علاء الدين دفع الله الدفينة، وأشار والدها لفتح بلاغ جنائي ضد إدارة المستشفى- معتمد محلية شرق الجزيرة ووزير الصحة بالولاية، مطالباً برفع الحصانة عنهم لتحقيق العدالة؛ وأشارت المصادر إلى تعطل جهاز الأوكسجين، وأنه يحتاج فقط ل (250) جنيها لإصلاحه.. من جانبٍ آخر شكا مصدر طبي من داخل مستشفى الحصاحيصا من وجود نقص في الكوادر الطبية بالمستشفى (اختصاصي تخدير- اختصاصي عظام غير منتظم على الرغم من أن المستشفى يقع على طريق قومي تكثر فيه نسبة الحوادث)، مؤكداً على تحصيل رسوم علاجية من الأطفال دون سن الخامسة؛ لجهة أن المستشفيات تتحجج بعدم وجود ميزانية مخصصة لها من وزارة الصحة الاتحادية مشيراً لوجود مشكلة في أدوية الطوارئ وعدم وجود عناية مكثفة بكل أقسام مستشفى الحصاحيصا. من جهته أقر المدير الطبي لمستشفى الحوادث بالحصاحيصا دكتور عبد الله علي بابكر بعدم وجود أجهزة أشعة مقطعية بالحوادث والمستشفى، مشيراً إلى أنهم يقومون بتحويل الحالات التي تحتاج لأشعة مقطعية لمستشفى مدني، مُقراً بتحصيل رسوم في قسم الحوادث بالنسبة للحالات الباردة و المُقتدرين، وأفاد في تصريحه ل (الأخبار): لدينا عناية مكثفة في طور التأسيس، إضافة لوجود قسم أشعة سينية وموجات فوق الصوتية، إلا أنه لا توجد لدينا أشعة مقطعية ورنين مغناطيسي، فيما نقوم بتحويل هذه الحالات لأقسام متخصصة مثل مرضى القلب الذين يحتاجون لتركيب قسطرة- مرضى نزف الجهاز الهضمي العلوي يتم تحويلهم لعمل مناظير تشخيصية وعلاجية في مراكز متخصصة إضافة لحالات جراحة المخ والأعصاب وحالات العظام المُعقدة، مشيراً أن ما يوجد لديهم بالحوادث هو قسم الجراحة العامة والباطنية العامة وقسم الأنف- الأذن-الحنجرة..
**
أيُّ وطنٍ هذا؟ وفاة 6 أطفال حديثي الولادة بمستشفى رفاعة بسبب 250 جنيه
إسماعيل التاج
كل الكلمات الحلوة في حق الأطفال تضيع وسط عتمة غياب الأولويات. كل كلام محجوب شريف والقدال الحلو عن الأطفال: (أجمل الأطفال قادمون)، و(عشان عيون أطفالنا ما تضوق الهزيمة)، صارت كلمات تذروها رياح العدم. مستقبل الأطفال يُسرق في بلادي بسبب غياب الأولويات وتوجيه الميزانيات للأجهزة الأمنية والسلاح والقتل والدمار والصرف البذخي لبطانة التنفيذيين. ينطفيء بريق أجمل الأطفال بسبب 250 جنيهاً سودانياً ثمن قطعة غيار يحتاجها جهاز الأوكسجين بمستشفى رفاعة ولا يتم توفيرها من أي جهة!! شيء لا يصدقه عقل. وفاة ستة (6) أطفال في مستشفى واحد في فترة وجيزة بسبب عطل أصاب جهاز الأوكسجين يؤدي إلى المساءلة الإدارية والقانونية والأخلاقية في أي مكان متحضر في العالم.
تسجيل صوت عتاب ولوم شديد إلى المدير العام لمستشفى رفاعة الجراح الكبير دكتور الوسيلة.
تسجيل صوت عتاب ولوم شديد جداً جداً جداً إلى معتمد محلية شرق الجزيرة الاستاذ عبد المنعم الترابي لعدم إيلائه الاهتمام اللازم ومتابعته لاحتياجات مستشفى رفاعة. بسبب 250 جنيه سوداني (75 دولار أمريكي) يموت 6 من أطفال بلادي في فترة وجيزة؟ فأي مستقبل ينتظر الوطن؟
تكمن الكارثة في أنَّ تاليا ليست هي الحالة الوحيدة، إنها حلقة من سلسلة من الألم والرحيل المبكر لأطفال بسبب التقاعس واللامبالاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.