لا توجد قبيلة اسمها “البديات ” ولا توجد أمارة باسمها فى شمال دار فور ….. الصافى النور عرجا ……طالعتنا جريدة ” آخر لحظة “ بتاريخ 7 يونيو 2011 م العدد رقم 1733 بحوارمع من سمى نفسه اميرا لامارة مجهولة بشمال دار فور “امارة البديات ” ، وقد قَصدتْه الجريدة لهذا الحوار حسب زعمها ، باعتباره ( احد قادة ابرز القبائل بدا فور) وذلك لاستطلاع رأيه (حول دور الادارات الاهلية خلال الفترة المقبلة من عمر قضية دار فور حيال الاطراف المتنازعة واهالى المنطقة ….) رغم ان اهل شمال دار فور يعلمون تمام العلم عن حقيقة القبائل هناك واداراتها الاهلية ، الا ان هذا الحوار قد اثار عدة اسئلة وتخمينات عديدة من المعنيين عن هذا الموضوع ، عن مغزى اجراء مثل هذا الحوار مع شخص مغمور غير معروف يدعى بجملة امور غير موجودة على الارض وبالتالى غير معروفة على اهل دار فور واداراتها الاهلية ، وان اول هذه الاشياء الغير معروفة هو شخصه المغمور . قبل توضيح الامور التى اثارها هذا الشخص ، يجدر بنا طرح تساؤل مُلَح على جريدة آخر لحظة ، وهو ما هى “القيمة المضافة ” لحوار شخصية تقصدها الجريدة لاهميتها وتأتى منه بمادة غثة لا قيمة لها البتة ، كمثل الحوار الذى شغلت مادته صفحات عزيزة من الجريدة كانت يمكن ان يستفاد منها لاى مادة اخرى ؟ مثل هذا التساؤل ، ربما تراه الجريدة - واى جريدة - غير لائق على اعتبار ان هذا الموضوع من صميم اختصاصاتها الداخلية (تقدير اهمية الحوار من عدمه ) لانها ادرى بالتأكيد بمصالحها وربما بمصالح قراءها ايضا اكثر من اى شخص آخر مثلى ، الا ان حكمى على عدم اهمية مادة الحوار ينبع من احتواء جملة الحوار على معلومات غير صحيحة اولا ، بما فى ذلك الشخصية موضوع الحوار كما اسلفنا ، والذى اختصر حتى اسمه ، فقط ب ” ابوعشة ” ، علاوة على ان افادات الرجل فى هذا الحوار بعيدة كل البعد عن فهم قضية مثل قضية دار فور ، ناهيك عن طرح مبادرات جادة لحلها ، كالذى سماها ب (حسن الحوار وحسن الجوار ) ، واخيرا لمعرفتى الاكيدة لخط الجريدة ، والتى تجنح دائما لمسار اخواتها الاخريات فى “المهنة ” ، مثل الانتباهة والرائد والوفاق ، وخاصة عندما يصب الموضوع فى خانة عدم وفاق اهل دار فور ، اى تنفيذ سياسة “فرق تسد ” و التى يديرها المؤتمر الوطنى فى دار فور بجدارة المعلومات الخاطئة فى هذا الحوار وتصحيحها تتلخص فى الاتى : اولا : لا توجد قبيلة محددة بشمال دار فور اسمها ” البديات ” ، ولكن هنالك ما يعرف ب “مجموعة البديات” ضمن المجموعات المكونة لقبيلة الزغاوة العريضة . قبيلة الزغاوة تتكون من ثلاث فروع رئيسية هى : الوقى ، الكوبى والبديات . لكل مجموعة من هذه المجموعات الثلاث تضم بداخلها فروع عديدة (خشم بيوت ) ، وقد توجد نفس خشم البيت فى اكثر من مجموعة ، ولكن ما يميزها من هنا وهناك الفروقات الطفيفة فى لغة الزغاوة التى يتحدث بها كل مجموعة ، تلك الفروقات التى لا تستعصى فهمها على المجموعات الاخرى . اما مجموعة البديات فتوجد ثقلها فى تشاد ببطونها المختلفة كما توجد بعض بطون هذه المجموعة فى شمال دار فور مستقرة وسط مجموعة “الوقى ” ولكن ما يميزها من مجموعة الوقى انها تتحدث بشكل خاص لغة الزغاوة بلكنة مجموعة البديات ، كما تتداخل وتنتقل الافراد من خشم البيوت من مجموعة الى اخرى حسب الاستقرار فى المنطقة الجغرافية التى تكون المجموعة المعينة فيها هى الغالبة . ثانيا : حيث لا توجد قبيلة محددة باسم البديات بشمال دار فور حسب الشرح اعلاه ، ويتبع ذلك عدم وجود امارة لها باسمها ، وبالتالى لا يوجد امير لها ، على الاقل فى شمال دار فور ، وواضح ان المدعو ” ابوعشة” ينتحل صفة غير موجودة على الارض لاسباب يعلمها هو واكيد تعلمها الجريدة من قبله ومن ثم ساقته واستدرجته الى هذا الحوار الغريب . ما يؤكد هذا الاعتقاد ان المذكور لم يذكر حتى اسمه بالكامل ولا مكان امارته بشمال دارفور ولا اسلافه الذين توارثوا الامارة من قبله ، وهو عرف متبع لكل قبائل هذه المنطقة ، والاغرب من ذلك ان الجريدة سكتت عن السؤال عن هذه المعلومات الهامة لرجل اصبغت عليه صفة (احد قادة ابرز القبائل فى دار فور ) ! ثالثا : اراد المدعو ” ابوعشة ” انكار حقائق التاريخ المعروفة للجميع سواء كان فى دار فور او غيرها - ولغرض غير مفهوم للعوام – ان مجموعة البديات هى احدى الفروع الرئيسية المكونة لقبيلة الزغاوة ، وكنت احسب ان جريدة مثل “آخر لحظة ” لن تفوت عليها مثل هذه الحقيقية التاريخية البديهية ، اذا كانت النوايا سليمة وهو امر يشوبه الكثير من الشكوك الكثيفة كما نبين ذلك فى آخر هذا المقال . واخيرا لماذا هذا الحوار فى هذا التوقيت ؟ هذا الحوار ياتى فى اطار تجديد واحياء الظروف المواتية لتضييق الخناق على قبيلة الزغاوة فى دار فور ، حيث يرى امراء حرب دار فور فى المركز واذيالهم فى الاقليم امثال كبر ، ان تطور قضية دار فور سلبا او ايجابا لا بد ان ينعكس ذلك بالمزيد من ممارسات التطهير العرقى والقتل والتشريد ضد هذه القبيلة التى يراها هؤلاء بما فيهم رئيس البلاد ان افرادها فى قيادة الحركات المسلحة فى دار فور هم مسئولون بشكل كبير من اتهام البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية . حتى لا يتهمنى بعض الناس بانى مسكون بنظرية المؤامرة ، فانى اسوق المبررات الاتية : 1\ جاء الحوار بعد ما سمى بمؤتمر (اهل المصلحة بدار فور ) والذى انعقد فى قطر والذى اعترض عليه كل من له مصلحة فى دار فور غير الدكتور التيجانى سيسى وعدد قليل يعد على اصابع اليد كانوا قيادات عسكرية وسياسية لحركات مسلحة فى السابق لفظتهم تنظيماتهم السابقة لاسباب موضوعية مختلفة وجمعهم الدكتور سيسى بعد ذلك ككمبارس ليدخل بهم الخرطوم ، ليس غازيا بل لاستعطاف المؤتمر الوطنى وكسب وده لمنحهم القليل من الوظائف ، وهم الآن فى (زنقة القذافى) فى السعى وراء المؤتمر الوطنى حتى لا تؤول ” وظيفة نائب الرئيس ” لاحد ابناء دار فور من المؤتمر الوطنى ويخرج الدكتور سيسى بخفى حنين كما يلمح الدكتور غازى صلاح الدين والامين حسن عمر من وقت الى آخر الى هذا الاحتمال ، وليتهم فعلوا ذلك . 2\جاء الحوار مباشرة بعد مجزرة نفذها القوات المسلحة بالتضامن مع مليشياتها الحليفة ضد افراد عزل من ابناء القبيلة فى مناطق ابى زريقة وشنقل طوباى راح ضحيتها حوالى العشرين شخص تم القبض عليهم اولا ونقلهم بواسطة ثلاث عربات عسكرية ، ووجدوا لاحقا مقتولين رميا بالرصاص . وكدأب الوالى كبر فى التغطية على جرائم المؤتمر الوطنى ، فقد اوفد لجنة على عجل لاخفاء معالم الجريمة وعندما علمت اللجنة بوجود احد الذين نجوا من المذبحة والذى يمثل احد الشهود الرئيسيين الاحياء فقد صدرت التعليمات ، وايضا على عجل ، لاحد ضباط الامن الحاضرين ضمن اللجنة ، وهو فى نفس الوقت يعمل كمعتمد لمنطقة دار السلام ، اوحوا اليه بالتخلص من هذا الشاهد فما كان منه الا ان طالبه شخصيا(الشاهد) لمصاحبته فى سيارته حتى يستعين به كدليل للوصول الى احدى المناطق المجاورة بوصفه من سكان المنطقة العارفين ، وعندما عاد الرجل بسيارته اعاد الرجل معه ولكنه كانت جثة هامدة ، وعند سؤاله عن السبب قال لهم انه واثناء سيره مع الرجل فقد اعترض طريقه مجموعة من الجنجويد واوقفوا سيارته وسحبوا الرجل خارجا واطلقوا عليه النار لسبب مهم وهو انه زغاوى ، والغريب ان هذا الرجل الان حر طليق فى شمال دار فور ولا احد يسأله !ْ 3\ هذه الجريدة يدير مجلس ادارتها احد الذين ابتدروا التطهير العرقى ضد قبيلة الزغاوة عندما كان واليا على ولاية جنوب دار فور وهو المهندس \ الحاج عطاالمنان ، ويذكر الكثيرون قولته الشهيرة قبل توقيع اتفاق ابوجا ، وبمناسبة زيارته الى مدينة شعيرية بعد ضربها من قبل ثوار حركة تحرير السودان انذاك ، قال حينها ان على قبيلة الزغاوة من الان البحث عن كوكب آخر للعيش فيه ، وذلك امعانا للنية المبيتة للتطهير العرقى ضد القبيلة ، وقد صدق الرجل فى غير (الكوكب الجديد) ، فقد تم تهجير قبيلة الزغاوة من المنطقة ومن هذه المدينة بالذات والتى كانت تشكل فيها اغلبية سكانها والآن لا توجد فرد من افراد القبيلة بمدينة شعيرية شرقى نيالا ! 4\ الحوار كان لتذكير الناس بالصورة النمطية لافراد الحركات المسلحة بدار فور والذين يتهمهم السلطة بانتمائهم لقبيلة ” البديات ” وان قادتهم كانوا افرادا او قوادا فى الجيش التشادى وان زيهم المميز (اللثام ) ما هو الا زيا تشاديا لا علاقة له بالسودان ، وقد اكدت هذه الصورة النمطية الجريدة فى سؤالها الاخير للامير “الفالسو” ، حين وجهته اليه السؤال الاخير فى الحوار قائلة : (واخيرا اللثام او لفة العمامة على جزء من الوجه والرأس هى سائدة لدى الحركات المسلحة ؟ ) واخيرا كان الحوار لتذكير الناس ايضا باللغط الذى اثاره الرئيس التشادى فى بدايات التمرد عندما التقى مع البشير فى مدينة الفاشر وقال قولته الغريبة التى اعتبرها الكثيرون بزلة اللسان التى لا تغتفر حين قال فيما معناه انه ينتمى الى “مجموعة البديات ” التشادية ولا علاقة له قبليا مع افراد ابناء الزغاوة الذين يقودون الثورة فى دار فور ، هذا القول قد اغضب ابناء قبيلة الزغاوة فى الجانب التشادى اكثر منه فى الجانب السودانى ، حيث اذكر حكاية رواها احد الاخوان فى هذا الخصوص ، وهو انه كان جالسا يشاهد التلفاز فى منزل احد رجالات الدولة الكبار واحد اعيان قبيلة الزغاوة فى تشاد ، وعندما نقل كلام الرئيس ادريس دبى فى نشرة الاخبار المسائية قام الرجل من مكانه وملأ كلتا يديه بالتراب وقذف بها التلفاز قائلا فيما معناه : يا ليتنى لم اعش الى هذا اليوم حتى اسمع مثل هذا الحديث من الرئيس ! [email protected]