محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر ….) فى البدء أتقدم بالتهنئة الحارة لكل السودانيين بمناسبة تحرير ثلث وطن المليون ميل مربع, وتهنئة خاصة لجمهورية السودان الجنوبى شعباً وحكومةً بميلاد الدولة الإفريقية الجديدة , ولا أنسى أولئك الذين قدموا أرواحهم فداءً لهذا اليوم السعيد طوال مسيرة النضال منذ , إبتداءً من الأنانيا (1) عام 1955م إلى الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان 1983م. إن ميلاد جمهورية السودان الجنوبى جاء عبر نضالات وتضحيات جسام ليس من ابناء الجنوب وحدهم وإن كانوا على رأس الثورة , لذا هذا الفرح الكبير ليس لهم وحدهم أيضاً , فيشاركهم فى الفرحة كل الذين طحنتهم سياسة دولة الجلابة بمختلف إنتماءتهم السياسية والجهوية والإثنية والعرقية وكل تواق للحرية والعدالة, فكل يعبر عن سعادته بهذا اليوم بطريقته الخاصة. إن إنفصال الجنوب لم يات إعتباطاً أو إنفصالاً من أجل الإنفصال ولكنه جاء بعد أن أوصدت فى وجه الجنوبيين كل الطرق المؤدية للوحدة الجاذبة وأجبروا على تبنى خيار الإنفصال. إن إنفصال الجنوب درساً ورسالةً لكل النظم الديكتاتورية والإستبدادية , وخاصةً نظام الجبهة الإسلاموية فى الخرطوم , وهذا السيناريو الذى يتباكون عليه زوراً وبهتاناً سوف يتكرر فى جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور و مناطق أخرى من السودان الشمالى المتبقى إذا لم يغير نظام الإنقاذ نهجه فى التعامل مع الأحداث عبر فرض الحلول الأمنية وتجزئة القضايا , فلا بد من التعامل بموضوعية فى حل القضايا وإرساء قيم العدالة والمساواة الديمقراطية فعلاً وممارسةً مع الإقرار بالتداول السلمى للسلطة وتكون صناديق الإقتراع هى السبيل الوحيد للسلطة وليس صناديق الذخيرة. إن ما نشهده من مجازر بشعة فى جبال النوبة ودارفور وأبيى ضد الأبرياء العزل , والقصف عبر طائرات الإنتنوف وراجمات الصواريخ لا يجدى نفعاً ولا يخيف الشعوب الحرة وإلا لما نال شعب جنوب السودان إستقلاله بعد 50 عاماً من الإبادة والتشرد والمعاناة بل سيقود حتماً إلى ما وصل إليه جنوبنا الحبيب. إن عمر البشير المطالب دولياً وزمرته الحاكمة المستحكمة فى السودان الشمالى سيشهد لهم التأريخ بأنهم فرطوا فى وحدة السودان مقابل التشبث بكراسى السلطة , ولا يهمهم من تجزئة للوطن طالما هم فى السلطة ولو تبقى لهم من الأرض (حوش بانقا). الآن السودان الشمالى (الفضل) أمام خيارين لا ثالث لهما: إما إزالة هذا النظام العنصرى والتأسيس لوحدة طوعية تحترم التنوع والتعدد أو التشظى إلى دويلات , لأن إنفصال الجنوب أرسى سابقة لبقية الأقاليم التى تمر بنفس الظروف التى مر بها الجنوب من قبل وبعد أن ثبت حق تقرير المصير فعلاً وممارسة , فأمام عمر البشير وبطانته تجربة الإتحاد السوفيتى وتشرذمه إلى دويلات حين إنعدمت الحرية والعدالة وتجربة الولاية المتحدةالأمريكية الماثلة الآن فليختار من يشاء. لشعب جنوب السودان أقول: إن يوم 9 يوليو ليس يوماً للإحتفلات وحسب بل يوماً للتحدى وإثبات الذات , فالطريق لا يزال صعباً ووعر المسالك , فبناء الأمم العظيمة لا يبنى بالأمانى العريضة بل بالكد والجهد والمثابرة , وإن هذا اليوم هو ميلاد جمهورية المهمشين والمستضعفين من كل أرجاء أرض المليون ميل , ولعمرى إذا كان الإستفتاء لتقرير المصير حق لكل السودانيين لاتى بنفس النتيجة التى قاربت ال 100%. ولدت جمهورية السودان الجنوبى وفى معيتها الكثير من قضايا التنمية وإعادة التعمير والأمن ومثلها من التحديات والصعاب , فبناء الدولة وتوفير الخدمات والمحافظة عليها ليس من إختصاص الحكومة وحسب بل لكل من الشعب والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى دوراً ينبغى أن يلعبه على الوجه الأكمل. ولحكومة جمهورية السودان الجنوبى أصرخ: إن جنوب السودان ذاخر بالموارد الطبيعية والبشرية التى تحتاج الإستغلال الأمثل والرشيد , ولا أشك فى قدرات القائد/ سلفا كير وحكومته فى تجاوز هذه المرحلة وبناء دولة عملاقة رائدة , وهم يعلمون جيداً الأسباب التى جعلتهم يحملون السلاح والإنفصال , فبسط الحريات والعدالة الإجتماعية والتساوى أمام القانون حاكمين ومحكومين وإرساء قيم الديمقراطية والمساءلة وإجتثاث الفساد والمفسدين وفتح باب الحوار هو الطريق الوحيد لبناء الأمم العظيمة. لا تخفى على أحد أفعال نظام الخرطوم ضد الجنوب والشامتين أمثال الطيب مصطفى الذى بدلاً عن شكر الجيش الشعبى بحجز مقعد (لإبنه) فى الجنة وشفاعته لسبعين من أقاربه يطلق حمماً من الحقد الأعمى على الذين قالوا لا للإستعباد والمواطنة من الدرجة (العاشرة) , كل هؤلاء وأولئك يتمنون ويفعلون من أجل الحرب الأهلية فى الجنوب ليكون دولة فاشلة تضاف إلى مصاف الدول الفاشلة , ولكن يقينى دوماً إن شعب قاتل لمدة 50 عاماً من الدماء والدموع وقدم أكثر من 2 مليون ونصف شهيد , وأضعاف مضاعفة من الجرحى والمعاقين والمشردين لا يمكن أن يكون فاشلاً. شعبى الجنوبى المعلم: مبروك ليتكم…سيروا إلى الأمام …تمنياتنا بميلاد دولة إفريقية عملاقة تسودها قيم الحرية والعدالة والديمقراطية , لتكون نبراساً لكل الشعوب التواقة للحرية , وإن إستقلال الجنوب إستقلالاً للسودان الكبير. ودمتم سالمين