وافق المجلس الوطني امس الأربعاء على اسقاط الجنسية عن الجنوبيين بالشمال بعد أقل من اسبوع من اعلان استقلال الجنوب. واوردت وكالة السودان للانباء (سونا) انه بموجب مشروع القانون الذي يحتاج الى قراءة أخيرة من جانب المجلس الوطني فإن الجنوبيين في الشمال ستسقط عنه الجنسية السودانية. وسيحرم هذا الاجراء اكثر من مليون جنوبي، ولد غالبهم بالشمال، وبعضهم يقيمون به لعقود طويلة، يحرمهم من حقوق المواطنة. وسبق ونشر الدكتور امين مكي مدني – القانوني البارز والمدافع عن حقوق الإنسان – دراسة عن مثل هذا الاجراء، ووصفه بأنه اجراء غير دستوري وغير قانوني وغير اخلاقي، ويشبه ممارسات النازية. واوضح الدكتور امين انه على صعيد القانون الدولى فقد اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة فى 4 ديسمبر 1954 الإتفاقية الخاصة بخفض حالات إنعدام الجنسية، وتلزم الدول الأطراف بمنح جنسيتها للشخص الذى يولد فى إقليمها، أو يكون أحد أبويه بتاريخ ولادته متمتعاً بتلك الجنسية، كما تحظر تلك الإتفاقية تجريد اى شخص أو أى مجموعة من الأشخاص من جنسيتهم لأسباب عنصرية أو اثنية أو سياسية . واضاف الدكتور امين بأن قانون الجنسية السوداني لسنة 1994م، يعرف (السوداني) فى مادته (4) أن يكون سودانياً بالميلاد : كل من حصل على جنسيته بالميلاد، ولد فى السودان أو أن يكون والده قد ولد فى السودان، أو كان مقيماُ بالسودان عند بدء سريان القانون، أو كان هو أو أصوله من جهة الأب مقيمين بالسودان منذ 1/1/1956م. أما الشخص الذى يولد فى السودان بعد سريان القانون فيكون سودانياُ بالميلاد، جنوبيا كان أم شرقيا أو غيرهم . مما يؤكد بجلاء تام ماهية الجنسية أو الهوية السودانية وانطباقها، دون شك، على كل أو معظم أبناء الجنوب الموجودين حالياً فى شمال البلاد ولا سبيل لحرمانهم منها سوى بموجب القانون. أما فقدان أو نزع الجنسية فتنظمه المادة (10) من القانون والتى تجيز اسقاط الجنسية عن السوداني بواسطة رئيس الجمهورية فى حال تنازل الشخص طوعاُ عن جنسيته أو بثبوت إلتحاقه بخدمة دولة أجنبية بمخالفة أي حكم صريح فى أي قانون يجرم ذلك الفعل، وهذا أمر غير وارد بالنسبة لتلك المجموعات. آخيراً، يجوز لرئيس الجمهورية سحب الجنسية من السوداني ( بالتجنس ) إذا كان قد حصل عليها عن طريق الغش، أو إتصل أو تاجر مع العدو أثناء الحرب أو عاونه، أو تجسس لصالح دولة أجنبية، أو أعلن عن عدم ولائه للسودان خارج البلاد، أو أدين بجريمة تنطوي على عدم ولائه للسودان، أو أدين فى أي بلد بجريمة وحكم عليه بالسجن لفترة لا تقل عن خمس سنوات فى جريمة سلوك أخلاقى مشين، وهو كذلك امر غير وارد. كما ان قانون الجنسية السودانى يسمح بإزدواجية الجنسية، بمعنى حق أبناء الجنوب أو غيرهم الإحتفاظ بالجنسية السودانية فى ذات الوقت الذى يحملون جنسية دولة آخرى، هذا أمر يدركه تماماً عدد من وزراء الحكومة الحالية، جنوبيين وشماليين، عادوا من المهجر وهم يحملون جنسيات دول آخرى بخلاف السودان! واكد الدكتور امين ان إنسلاخ اقليم أو جزء من البلاد كجنوب السودان أو غربه أو أية جهة أخرى، شأنه شأن أية دولة أجنبية قائمة، أو بصدد القيام، لن يحرم المواطن السوداني، جنوبي الإنتماء أو شمالي الأصل كان، افريقياً كان أو عربياً، أو تركي أو شامي أو مصري الأصل، من جنسيته السودانية، ولا يخول اى سلطة كانت أن تقدم على إرغامه على الخروج من بلد جنسيته السودانية.