سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    images (21)    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب علي ياسين..والإسقاط الأدبي السياسي على الواقع!! 1-2
نشر في حريات يوم 20 - 08 - 2011

نزولا لرغبة القارئ هشام نكتب هذه المقالة، ولكن…نقول له بلطف نحن لا نؤيد كائنا من كان يترك عصافير سعد أحمد سعد وغيره من جامعي العصافير وينشغل نفسه بقضية الكاتب الكبير علي ياسين التي أثارها المسرور سعد أحمد سعد لحرف قضية الشعب السوداني الرئيسية، فإدمان صيد العصافير الخليجية من قبل الإسلاميين في تقديرنا هي الكارثة التي أصابت شعب السودان في مقتل، وليس ما كتبه الكاتب المخضرم علي ياسين!!
....ولكي يرسل صيادو العصافير الخليجيية رسالة تطمينية أنهم يعملون بهمة ونشاط في الدفاع عن عقيدة الأمة – يكفروننا ويصدعون رؤوسنا بالهراءات التكفيرية!! ولقد أعترف بذلك أحد الصحفيين الذين يعملون بالمقاولة الحرة، ترسله منظمات الإغاثات الإسلامية لغرب السودان لكي يعد لها تقريرا صحفيا مدفوع الثمن ويقولون له همسا –: لكي يعرف أصحاب العصافير الخليجيون أنهم يصرفون العصافير على مستحقيها الفقراء!! لا فرق إذن ما بين شقشقة منظمة إغاثية أو شقشقة هيئة علماء السودان – فهم دوما مطالبين بعمل ما، شقشقة ما، كجردة حساب لأرباب نعمتهم الخليجيين، بل يتسابقون لإرضائهم على حساب كرامة وعقيدة الشعب السوداني!!
فسعد أحمد سعد أعتقلناه في رمضان يدلس على الإمام علي ابن أبي طالب ويلصق بلسانه قولة لم يقلها لصالح الأيديولوجية السلفية الحشوية التكفيرية – وهي قولة قالها عثمان ابن عفان حبا في قومه بني أمية وغيظا في الطاعنين في قومه من صحابة رسول الله (ص)، قال عثمان لصحابة رسول الله (ص): (لقد أكثرتم على بني أمية..ووالله لو كانت مفاتيح الجنة في يدي لأدخلت إليها بني أمية)!! أقد أوقع صبيان الشات الخليجيين سعد في شرك التدليس -سقطة لا يفعلها يزعم أنه عالم، ودبج هؤلاء الصبية قولة عثمان ووضعوها في فم الإمام علي ابن أبي طالب كيدا في بعضهم، فألتقطها سعد احمد سعد بعماء وكتب عليها مقالة كاملة: بين علي وبني أمية والإنقاذ!! وطار سعد بالقولة كل مطار!!
عموما، كيف نقيم ما كتبه علي ياسين في إبليس في الشهر الرمضاني: “حوار مع المناضل «إبليس» في سجنه!! ولماذا هاجمه سعد أحمد سعد وكأنه نقطة القياس والمرجعية في الدين؟؟ وهل جدف علي ياسين في حق ذات الله كما أدعى سعد؟
قبل أن نجيب على هذه الأسئلة وما يستجد منها نؤكد أن سعد أحمد سعد دافع عن إبليس هكذا:
(قرأت بمزيد من الحسرة والأسف والألم ما قاءَه (من التقيؤ!!) قلم الكاتب الصحفي على يسٍ على صفحات «الإنتباهة» في عموده اليومي بعنوان «حوار مع المناضل إبليس في سجنه». لو كان الكاتب هو علي يس آخر غير الذي نعرف أنه ظل يكتب منذ حوالي ثلاثين عاماً.. ربما قلنا إنها مراهقة صحفية..لأن الأسلوب فعلاً كان أسلوب مراهقين.. بل الفكرة ذاتها فكرة صحفي مراهق لا علم له بالصحافة ولا بالكتابة دعك من علمه بالأصول الحاكمة من كتاب وسنة. والذين يقرؤون كتاب الله ويتدارسون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمون علم اليقين أن الصورة التي رسمها علي يسين لإبليس لا تنطبق عليه ولا تشبهه فهذه القحة والصفاقة وسوء الأدب ليست من أدوات صناعة إبليس.. بل إن إبليس لم يظهر قط في صورة المستهزئ بالله أو المتمرد على ربوبيته أو الساخر منه..إن أدوات الصناعة الإبليسية هي وسوس وزين وسول ومكر وغرى وأغوى ووعد – ومنّى وخنس وهكذا. فصناعة إبليس في الإغواء والإضلال لا تحتمل هذه الصفاقة وهذا البؤس واللؤم وهذه الوقاحة التي تصدم النفس ولو كانت نفس كافر.. ويقيني أنني لم أعهد مثل هذه الوقاحة والصفاقة إلا في أمثال الرافضة..هم وحدهم الذين يجترئون على مثل هذه العبارات ومثل هذه الكفريات).
علينا أن ننتبه أولا وأخيرا أن سعد أحمد سعد، بوعيه أو بغيره، يدافع عن حقيقة ذات إبليس وليس عن ذات الله، ولا يفعل سعد أحمد سعد ولا يحرك ساكنا للمرة الثانية عندما نرى رجلا آخر يستهزئ بالله!! يقول شيخ سعد وقدوته ابن تيمية الحراني بالنص الحرفي مستهزئا: (ولو شاء الله لاستقرّ على ظهر بعوضة، فاستقلت بقدرته، فكيف على عرش عظيم!!).
وقد ينخدع البعض بهذه العبارة الغريبة الفاسدة – يستقر على ظهر بعوضة!! وتتم الخدعة في العقول لأننا نفهم بالفطرة أن الله قادر على كل شيء، ولكن ينسى المخدوعون بشيخ حران لعنها الله، ابن تيمية الحشوي، أن الله تعالى يتنزه عن مجانسة مخلوقاته وبالمثل يجل بكيفياته عن ملاءمة مخلوقاته. فمن قال بقولة أبن تيمية أو أعتقد فيها ليس فقط يسقط في الشرك بالله تعالى، بل أيضا يثبت جهله بمعرفة الله سبحانه المتنزه عن مخلوقاته. يقول الإمام علي في “دعاء الصباح” – ولاحظ هذا فقط دعاء وتجده في الأنترنيت كاملا:
(..يامن دل على ذاته بذاته، وتنزه عن مجانسة مخلوقاته، وجل عن ملاءمة كيفياته، يامن قرب من خطرات الظنون، وبعد عن لحظات العيون، وعلم بما كان قبل أن يكون..).
إذن تعكس عقيدة ابن تيمية وخرافاته محدودية عقليته، وهي عقيدة يعتنقها السلفيون الحشويون ويعتنقها كل أضرابهم أمثال السروريين، ومنهم سعد أحمد سعد والطيب مصطفى الذي يصف عقيدة ابن تيمية في عموده بعنوان (درر أبني تيمية)، وتصر عقلية ابن تيمية الفاسدة أن لله سبحانه وتعالى جسم ويد ووجه، ويجلس ويتكلم وله صوت، واثبت ابن تيمية أيضا لله الجهة كالحركة والصعود والهبوط والاستقرار، وكذلك في عقيدته الفاسدة أن الله تعالى سيجلس النبي (ص) إلى جانبه على عرشه في يوم الحساب كما يفعل الملوك، وربما كملوك بني أمية الذين يدافع عنهم ابن تيمية بأسنانه الخ نزل ابن تيمية درجتين على منبر جامع دمشق وقال للمصلين: هكذا ينزل الله من السماء العليا إلى السماء الدنيا!! فأوجعه المصلون ضربا وقذفوه بالأحذية وجرجروه للسلطان لاستتابته وحذر سلطان زمانه جمهور العامة المسلمين في نشرة عامة من عقيدته!! فإذا كان الطيب مصطفى وسعد أحمد سعد وأمثالهما لا يدركون بعد عقيدة ابن تيمية هذه الحشوية في التجسيم والتجديف في الذات الإلهية فهي طامة سوداء كبرى قادمة على السودان!!
هذا هو ابن تيمية المستهزئ بالله – شيخ سعد أحمد سعد..فلم نجد لا من سعد أحمد سعد ولا من غيره مثل عبد الحي يوسف وغيره من السلفيين والسروريين ينزهون الله بفضح خرافات ابن تيمية رأس الكفر ومفتاح الفتنة، فهل يعقل أن نساوي جرم الكاتب علي ياسين بجرم ابن تيمية؟ والكاتب الأديب علي ياسين لم يتطرق مطلقا لذات الله!!
إذن واحدة بواحدة – تخيل علي ياسين ببنات خياله كيف يكون إبليس وكيف حاله فصنع بخياله الأدبي حوارا طريفا فيه البعد النقدي لسلوك البشر المسلمين في شهر رمضان مقارنة بسلوك إبليس السجين، بينما تخيل ابن تيمية بخياله الأدبي الفاسد أن الله يجلس مثل الملوك ويتحرك، وينزل، ويستقر ويتكلم وله صوت واتسعت قريحته الأدبية الخرقاء وكما قال لو شاء الله بقدرته أن يستقر على ظهر بعوضة!!
كلاهما إذن عمل أدبي مبنى على الظن، فبينما كان إبليس هو موضوع علي ياسين الأدبي، كان الله تعالى موضوع ابن تيمية الأدبي الذي لم ينزهه مطلقا!!
إذا أعترض معارض على هذه المقارنة ما بين علي ياسين وابن تيمية فليسأل المعترض نفسه من أين أعتقد ابن تيمية أن الله تعالى يستقر ويجلس ويتحرك ويتكلم مثل البشر؟ الجواب: هو الظن. ألم يلحق ويجانس ابن تيمية الله تعالى بمخلوقاته؟ – تعالى الله عما يصفه المشركون. هل هنالك أكثر من هذا التناقض والجهل والتهافت والاستهزاء بالله بينما رب العالمين في كتابه المحكم وفي آية محكمة يقول عن نفسه المتعالية: (ليس كمثله شيء) الشورى، 11. إذن ما فهمه ابن تيمية عن أحوال الله تعالى هو فهم ظني، وما كتبه من كتب لشرح عقيدته الباطلة هو عمل أدبي تخيلي – وفي هذا يقول سبحانه وتعالى: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) النجم، 28.
هذه الآية المحكمة (ليس كمثله شيء) تلتقف كل الآيات المشبهة مثل (يد الله فوق أيديهم)، (وقالت اليهود يد الله مغلولة)، (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الخ فلا يد ولا وجه. فالحنبلية الحشوية الأجلاف يؤمنون حقا بعقيدة إن الله تعالى يشبه الإنسان في صفاته الجسدية ولا يتنازلون عنها!! ولكن عموم الحنابلة أنقذهم أبو الحسن الأشعري ت 324ه حين علمهم أن يقولوا: لله يد -كما ذكر الله في قرآنه- ولكن (بلا كيف) – أي (الكيف مجهول) وهي عبارة سعد أحمد سعد التي أستخدمها بفخر عن تصفيد إبليس في شهر رمضان!! لقد علموا سعد أن يقول (بلا كيف) أو (الكيف مجهول). هذه الحذلقة اللغوية سقط فيها أيضا المسيحيون التثليثيون القسطنطينيون حين قالوا إن الله أحد في ثلاثة – ويتشبثون بها اليوم اقتداءا بالسلف الصالح المسيحي!!
وعموما، لم يخطئ علماء المذاهب السنية الأربعة المعاصرين لإبن تيمية بمحاكمته على عقيدته الباطلة المجدفة في الذات الإلهية واستتابته – بل سجن ثلاثة مرات!! فمن باب أحرى إذن أن يحاكم سعد احمد سعد نفسه وأن يتقيأ عقيدة ابن تيمية الفاسدة ويتبرأ منها، وأن ينزه عقيدته من الخرافات، بدلا من التطاول على الكاتب علي ياسين في موضوع أدبي تخيلي عن إبليس. يقول سعد أحمد سعد كاذبا وقد تأله وتلبس بلباس الرهبان النصارى في القرون الوسطى لكي يدين علي ياسين بفجاجة: (لقد أخطأ في حق الواحد الأحد الفرد الصمد..ولم يخطئ في حق أحد من الخلق..فالاعتذار ليس واردًا إذ إن الاعتذار لا يكون إلا من الخطأ العابر غير المقصود أما حالة علي يس فلا يغني..ولا يجدي.. ولا يرد عن صاحبها مستحقها من الإثم ومن العقاب إلا إعلان التوبة..). فشيخه ذو اللوثة ابن تيمية الحراني هو أحق بهذه الكلمات الملتهبة بالتكفير وليس الكاتب الصحفي الأديب علي ياسين!!
أما عن إبليس نفسه فكان من الجن وليس من الملائكة، عصى ربه بعد أن عبده 600 ألف سنة، ولهذا وافقه الله تعالى أن ينظره وهو الحكم العدل..ومعنى ذلك أن إبليس لم ينكر حقيقة وجود الله تعالى وربوبيته!! وسقوط إبليس في المعصية مرده أنه قاس الدين برأيه. وعليه كل أمر رباني كأن تسجد الملائكة والجن لآدم هو دين – عليها التعبد بالأمر، وكل ما أتى به النبي (ص) عن ربه، وما قال به وما فعله هو من الدين علينا التعبد به – ولا مجال لوضع الرأي في الدين.
فقد أمر الله تعالى الملائكة والجن أن يسجدوا لآدم سجود احترام وتوقير وليس سجود ربويية – (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك)؟ قاس إبليس الأمر الرباني (الدين) برأيه أي بظنه وقال لربه: (إنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) الأعراف، 12. وهنا وضع إبليس رأيه في الدين وقاس ما بين الطين والنار، وفي ظنه أن النار خير من الطين – لذا أول من قاس الدين برأيه هو إبليس!! يقول الرسول النبي صلى الله عليه وآله: ما قيس الدين إلا محق!!
ما يسمى بالقياس في المذاهب السنية هو محرم حرمة شديدة لدى الشيعة ولا يعملون به مطلقا، فالقياس لا يقوم على حجة أو دلالة نصية – هذه طبيعته، بل يقوم على الظن، وكما عرفنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا، وبالرغم من ذلك لم ينسى السروري سعد أحمد سعد أن يغمز في الرافضة (الشيعة الاثني عشرية) وهو يجاهد الكاتب الأديب علي ياسين: ( ويقيني أنني لم أعهد مثل هذه الوقاحة والصفاقة إلا في أمثال الرافضة..هم وحدهم الذين يجترئون على مثل هذه العبارات ومثل هذه الكفريات). ولعل الجاهل سعد أحمد سعد لا يفقه أن القياس من الكفريات!! وإذا سألت السروري سعد كيف ومن أين تأخذ دينك سيقول لك من الكتاب والسنة والإجماع والقياس – فالقياس يدرسونه لأطفال المدارس كأحد مصادر الدين وعرفنا أصله وفصله أعلاه، بينما الإجماع فيه نظر. أما الكتاب والسنة، فالكتاب لا يفهمونه حق فهمه بشهادة الشيخ حسن الترابي، أما السنة فيكفيك علما أن شيوخ سعد أحمد سعد رفضوها، وقال كبيرهم: حسبنا كتاب الله!! ولم تدون لديهم السنة النبوية إلا في عام 144ه.
وماذا تعني كلمة شيطان – وهذا السؤال مهم جدا؟ الإجابة من الشيخ صالح الكرباسي: الشيطان مُشتق من “الشَطَنْ” ومعناه في الأصل هو البعد، ويطلق الشيطان على كل بعيدٍ عن الخير، وعلى كل من طالَ مكثه في الشر، كما ويُطلق على كل عاتٍ متمردٍ خبيث، سواءً كان من الجن أو الإنس أو الدواب. ولقد تكرر ذكر “الشيطان” بمشتقاته المختلفة في القرآن الكريم 88 مرة. هذا وقد تُستعمل مفردة “الشيطان” في زعيم الشياطين وهو “إبليس”، وقد جاء ذكر الشيطان في القرآن الكريم في آيات عديدة وأراد به إبليس، كما في قول الله عَزَّ وجَلَّ: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) البقرة، 36.
ودعونا نرى هل ما كتبه الكاتب علي ياسين وقاحة وصفاقة ومن الكفريات كما زعم سعد؟ كلا لم تكن. فسعد يخلط الأمر بفجاجة متعمدة ما بين ذلك الفصل الأول حين طلب الله تعالى من الملائكة والجن أن يسجدوا لآدم، وما بين الفصل الثاني حين أنزلهما الله تعالى وذريتهم إلى الأرض عقوبة لهم. وقد حصر سعد أحمد سعد نفسه وحصرنا في الفصل الأول الذي فيه تأدب إبليس الأول أمام ربه – وبالطبع في هذا المشهد لم يقل الزعيم إبليس لربه أنك ديكتاتور (من منظور جبري) لأن معصيته كان أساسها القياس الظني المبني على الجهل وقلة العلم والغرور، وبالرغم من ذلك فقد حاوره ربه وهذا موقف رباني جدير أن نتعلم منه أدب الحوار – وليس كما يتعجل سعد بتكفير علي ياسين.
وخلافا للفصل الأول الذي حوى طلب السجود لآدم سنجد أن سيرة ذرية آدم وإبليس في الفصل الثاني على الأرض ليست مستقيمة – فحال هذه الذرية يتراوح ما بين الكفر والإيمان!!
فهذه الذرية من الجنسين على الأرض في دوراتها المتتالية المتلاحقة وبعدها الزمني عن المشهد الأول فيها المؤمن والكافر، وبلا شك أن النص الأدبي للكاتب علي ياسين يحصر نفسه في الفصل الثاني وليس الأول. فإذا كان إبليس الجد الأول وزعيم الأبالسة سقط في موبقة القياس في المشهد الأول سنجد أن ذرية آدم فعلت لاحقا نفس الشيء على الأرض، وبينما البعض من ذرية آدم سقط في عقيدة الجبرية (ديكتاتورية الله) بطوال أربعة عشرة قرنا – والجبرية هي عقيدة فاسدة تصور الله تعالى ضمنيا بديكتاتور ظالم يجبر عباده على المعصية ثم لا يتردد بمعاقبتهم، سنجد أحد ذرية إبليس عام 2011م يتلفظ في رواية علي ياسين الأدبية واصفا الله تعالى بالديكتاتور الظالم – وهي نفسها الجبرية التي أعتنقها بعض ذراري آدم!! إذن فعلام التعجب أن يعتقد أحد ذراري إبليس بالجبرية – والجن فيهم المسلم وفيهم الكافر بالإسلام رغم معصية وكفر جدهم الكبير الذي عاصر آدم في بداية خلقه، ولقد دعا نبينا الكريم (ص) الجن إلى الإسلام وبشرهم وأنذرهم فأستجاب منهم من أستجاب وكفر من كفر.
وفي تحليلنا المتعمق لمقالتي الرجلين نكتشف أن سعد احمد سعد مارس النفاق، فثورته على الكاتب علي ياسين ودفاعه عن تأدب إبليس أمام ربه هي معركة في غير معترك – لأن علي ياسين لم يقل أن إبليس الأول أي الجد قاوح ربه على أنه ديكتاتور في ذلك المشهد الرهيب بطلب السجود لآدم، لأن إبليس الذي عناه الكاتب علي ياسين ربما هو من مواليد 1948م أو قل عام 1955م، وثورة سعد ليس مردها الغيرة والحمية في الدفاع عن المقدسات الربانية – بل لأن الرواية فيها إسقاطات سياسية عديدة وكلها تشير إلى نفاق رجال الدين السياسيين المعاصرين في أيامنا هذه – وبشكل عام قصد الأديب علي ياسين السلفيين ومنهم شيوخ هيئة علماء السودان ولكن ربما بشكل خاص قصد الأديب منبر السلام العادل!!
لقد بدأ الكاتب علي ياسين مقدمة مقالته الأدبية بصفعة قوية لهؤلاء السياسيين المتأسلمين في أيامنا هذه عبر الإسقاطات الأدبية، حين صور اختباء إبليس في البطين الأيسر في قلب أحد المتأسلمين المنافقين (ولعله أحد لصوص المال العام) وقد ظن إبليس باختفائه في قلب هذا المنافق أنه ناجى من قبضة الملائكة في شهر رمضان المأمورين بسحبه للسجن – لأنه لن يستطيع الاختباء في قلب أحد المؤمنين الصادقين!! ولم يكن في خلد إبليس ابتداءً أن هذا السياسي المتأسلم المنافق يصوم رمضان – ومقصد المؤلف من هذا الاستدراك أن هذا المتأسلم المنافق يفعل كل الكبائر في أحد عشرة شهرا قمريا، ثم يصوم في شهر رمضان، وحين ينقضي رمضان يرجع السياسي اللص المنافق إلى سيرته الأولى – لم يكن في خلد إبليس أن هذا الإنسي المنافق لص المال العام مرتكب كل الكبائر يصوم رمضان فعرفت الملائكة مكانه فاعتقلته – لقد شرب إبليس المقلب!!
هذه المقدمة فهمها سعد أحمد سعد جيدا! ونواصل…
شوقي إبراهيم عثمان
(كاتب) و (محلل سياسي)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.