في القرية التي وُلِدتُ فيها لم يكن هناك بوليس .. مدرسة .. أو أي مَعْلمْ حكومي .. لكن الأمن مستتب تماما و كيف لا وقد تراضى الناس بعمودية العمدة .. وسبب إستتباب الأمن أن السلطة التشريعية و الإجتماعية و القضائية و الدبلوماسية كلها مجموعة بيد العمدة الذي يدين له الكل بالطاعة المطلقة و كان هو من العدل و الإنصاف بحيث لا يستأنف لديه خاسر لقضية و لا يتذمر .. كان يفصل في قضايا القتل .. يصلح بين الزوجين و يعقد المصالحات بين الخصوم و ينظم (النفير) و حفر البير و هذا كله بدون أي مخصصات مالية أو رجال أمن و كلاب حراسة مقابل عموديته. الملفت للأمر أنه و في الحالات النادرة التي يحدث فيها القبض على حرامي وافد من القرى المجاورة يُؤتَي به و يُرْبَط معا مع المسروقات (حلّة مُلاح – غنماية – جدادة الخ …) على ساحة وسط القرية ثم تمر النساء و الفتيات يضحكن عليه و يبصقن في وجهه ثم يرتجلن سطرا أو سطرين يتغنين به لزوم السخرية بينما يلهو به الصبية طوال اليوم بين جلد و رمي بكل ما تقع عليه أيديهم و في صباح الشتاء القارس يسكب عليه ماء باردا .. عندما يطلق سراحه يتبخر في الهواء لأنه يكون عندها عدِم الوجه الذي يقابل به الآخرين و هكذا أمِنَّا تماما إلى أن جاءت حكومات السجم و حقنت سمها السياسي في جسم الإدارة الأهلية المعافى بالفطرة و انفرط حبل كل شيئ. ما رأيكم لو نطبق قانون قريتي اليوم على رموز الإنقاذ؟ العقبة الوحيدة التي ستواجهنا هي أن الساحات صغيرة جدا مقارنة بالسارقين والمسروقات (لزوم العرض) لذا اقترح أن نقوم و نشلع كعبة أم مائة مليون لإفساح المجال لعرض السارقين و السارقات و الحارقين دم الشعب و الحارقات من الوزراء والولاة و المستشارين و القضاة و كلاب الأمن و التابعين من الصحفيين ذوي اللون الأصفر نعلق عليهم مقالاتهم و بقيادة حواء الطقطاقة و بمصاحبة أوركسترا الدلوكة تغني بنات المدارس: وينو السرق الماهية؟ ياهو ده ياهو ده وينو الضوقنا الأذية؟ ياهو ده ياهو ده وينو الجلد البنية؟ ياهو ده ياهو ده و فريق رجالي بإيقاع النوبة يخلخل ضرسك .. يا خالو جهنم حبسك .. يا خالو الزنكي لبسك .. يا خالو و الإنت خالو .. عقبالو مصيرك بردا .. يبقالو و فريق آخر: يا السيد الوزير .. عجبني ليك بكرشك الكبير .. عجبني ليك إنت و البشير .. عجبني ليك ظلمتنا كتير .. عجبني ليك و فريق الشماسة كيف عامل يا فردة تاني مافي ليك طرطيبة لا شردة تعال نقلب الأدوار .. بترضى؟ إنقاذي؟ في الشارع ..و نحنا من كافوري للعرضة يمكن رصد جدوى العقوبة أعلاه في التالي: 1. تناسب الجريمة مع العقاب 2. سد زريعة إحتمالية نقل المجرمين لفنادق خمسة نجوم بدل الزنازين 3. ضمان المحاكمات العلنية بدل الكتامية. 4. إشفاء غليل الشعب المقتول كمد على مدى إثنين وعشرين عاما. 5. قفل باب الفساد أمام من سيأتي للمسؤلية(خوفي من نفس المصير) [email protected]