انتهيت لتوي من قراءة الطبعة الانجليزية من كتاب افجيني بريماكوف ( روسيا والعرب ) . وأفترض انك سمعت بكاتبه بريماكوف , الصحفي الروسي المرموق الذي اصبح سياسيأ , ثم رئيسأ لجهاز المخابرات الروسي ال كي . جي . بي . , ثم وزيرأ للخارجية الروسية, قبل ان يصبح رئيسأ لوزراء روسيا . بريماكوف يمثل الطبعة الروسية لهنري كيسنجر ومحمد حسنين هيكل ! بل هو أقرب الي محمد حسنين هيكل منه الي هنري كيسنجر ! كان بريماكوف صديقأ للرئيس صدام . وربما لهذا السبب طلب الرئيس بوتين من بريماكوف السفر الي بغداد في اواخر فبراير 2003 لمقابلة صدام , علي أنفراد , وتسليمه الرسالة الاخيرة من الدب الروسي . قبل أن تهب العجاجة ؟ امتطي بريماكوف صهوة طائرة حربية اقلته الي طهران . ومن طهران واصل في راحلة رباعية ( كان يحملها معه في طائرته الحربية ) , برا , الي بلد الرشيد . لم يكن بوسعه وقتها السفر جوأ من موسكو مباشرة الي بغداد . وصل بريماكوف مجهدا متعبأ الي بغداد , وسار براحلته مباشرة الي قصر صدام . طير الابابيل ؟ كان الجو ملتهبأ . الاساطيل الحربية تحيط بالعراق أحاطة السوار بالمعصم . طير الابابيل تنتظر علي البوارج الحربية لترمي بغداد بحجارة من سجيل ! ومئات الالاف من الجنود المدججين باحدث ما انتجته المصانع الامريكية من اسلحة دمار شامل يقفون علي اهبة الاستعداد من داخل دباباتهم ومجنزراتهم لاقتحام العراق من الجو والبر والبحر , من الجنوب والشمال والغرب , من اليمين ومن الشمال . من فوق ومن تحت ! من عاليها ومن سافلها ! كان بريماكوف اخر زعيم أجنبي يقابل صدام قبل سقوطه الكارثي في يوم الخميس 20 مارس 2003 , والقبض عليه في ليلة السبت 13 ديسمبر 2003 , وشنقه الذئبي , في فجر يوم السبت 30 ديسمبر 2006 ! صدام الحربائي ؟ وجد بريماكوف في صدام , وهو في غروب ايام جبروته ومجده , رجلأ حربائيأ ومداهنأ , وافتقد فيه الرجل الذي يجسد الذئبية والبطش للعالم الغربي . في السبعينيات , ايام كفاحه ضد الامبريالية وتحالفه مع الاتحاد السوفيتي , أمم صدام شركة البترول العراقية المملوكة للغرب , تمامأ كما أمم جمال عبدالناصر قنال السويس , من قبله . وخاطب صدام السوفيت قائلا : العراق بلد غني . لا نحتاج لدعمكم المادي . وأنما لدعمكم السياسي والتقني . ارسلوا لنا خيرة علمائكم وفنييكم لبناء العراق الجديد . كل ابواب العراق مفتوحة امامكم . مرحبأ بالأستعمار السوفيتي للعراق ! نحن في اياديكم الكريمة ! الا تذكرك هذه الكلمات بكلمات الرئيس سلفاكير للامريكان , ونحن علي اعتاب الاشهر الحرم قبل يوم الأستفتاء … يوم التغابن ؟ واتبع صدام القول بالفعل . واصبح العراق , في غضون سنوات معدودة , شبه مستعمرة سوفيتية . كان الاتحاد السوفيتي يعتبر صدام الصديق الاوحد, الصديق القوي الامين في العالم العربي ! التحالف الصدامي – الامريكي ؟ ويتابع بريماكوف ذكرياته فيقول : ولكن كم كانت دهشتنا كبيرة , عندما هاجم صدام ايران في عام 1980؟ ليس فقط لانه لم يخطرنا مسبقأ , بل لانه اكد لنا , في مرات عديدة , بأنه لا ينوي مهاجمة أيران علي الاطلاق ؟ وبدأنا نلاحظ تعاونه المغتغت مع الرئيس الامريكي ريغان , الذي كان يحرش صدام ضد ايران الخوميني , التي كانت تعادي اسرائيل ومن ورائها امريكا . بعد عدوانه علي ايران , اصبح صدام الطفل المدلل للامريكان والاسرائيليين , والاروبيين وملوك وامراء العرب , الذين أغدقوا علي صدام السلاح , والمعلومات الاستخبارية والمال . كانت اسرائيل تسعي لكسر شوكة ايران المؤيدة للقضية الفلسطينية , وكسر شوكة عراق صدام في ذات الوقت , بدعم الاثنين سرأ وفي ان واحد , حتي يقضيا علي بعضهما البعض , فتستريح منهما اسرائيل معأ , وتضمن سلامة حدودها الشرقية . بعدوانه علي ايران المعادية للامريكان , صدق صدام انه قد وضع العم سام في جيبه الشمال , ومعه كل الرؤساء العرب ! واسكرته نشوة الانتصارات الاولية علي ايران . ومن يومها اصبح لا يري , ولا يسمع , ولا يحس بما حوله من مخاطر . في 20 ديسمبر 1983 ( في اوج عدوان صدام علي ايران ) زار صدام في بغداد دونالد رامسفيلد , المبعوث الرئاسي الخاص للرئيس الامريكي ريغان , ( دونالد رامسفيلد الذي اصبح فيما بعد وزير الدفاع الامريكي في عهد بوش الابن ) , واعلن من بغداد ميلاد التحالف الامريكي – الصدامي ضد ايران وسوريا ؟ أنظر صورة دونالد رامسفيلد يصافح صدام في بغداد في 20 ديسمبر 1983 ! صدام … الحليف الاستراتيجي لامريكا في عام 1983 اصبح العدو الاستراتيجي لامريكا بعد اقل من ستة سنوات في عام 1989 ؟ ماذا حدث لينقلب الشربات الي فسيخ , ياتري ؟ السبب الحصري هو ان صدام بدأ يبرر أعمال المقاومة الفلسطينية للعدوان الاستيطاني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين ! استفز صدام القوي الصهيونية , بالأخص في امريكا , بدعمه الذي اصبح مكشوفأ , وبالقول المتبوع بالفعل , للمقاومة الفلسطينية , وبالاخص بدفعه عشرين الف دولار لعائلة كل استشهادي فلسطيني يفجر نفسه في اسرائيل , دفاعأ عن قضية فلسطين ! حينها , في عام 1989 , أصبح صدام ( وليس ايران ) العدو نمرة واحد , لأسرائيل , وبالتالي لامريكا ( والمجتمع الدولي ) ! وفي نفس عام 1989 , قبر الامريكان التحالف الامريكي – الصدامي ضد ايران وسوريا , الذي أعلنه رامسفيلد في بغداد في 20 ديسمبر من عام 1983؟ حقأ وصدقأ يمكننا أعتبار صدام ضحية القضية الفلسطينية لانه حاول تبرير ودعم أعمال المقاومة الفلسطينية ضد العدوان الاستيطاني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين ؟ وانقلب بتبريراته تلك من خانة الحليف الاستراتيجي الي خانة العدو الاستراتيجي لامريكا ( المجتمع الدولي ) ! صدام والسيد الامام ؟ أصبح الكل يغني أغاني صدام , الأ زولنا المشاتر ؟ مشاتر … حسب مسطرة الأعراب ؟ كان زولنا المشاتر , وقتها , رئيس وزراء بلاد السودان . وقف السيد الإمام , السني المذهب , مع الحق , ومع شيعة إيران في مجلس السلطان السني الجائر صدام عندما كان في أوج مجده , وكان الجبابرة يرتعدون في مجلسه . ألم يجادله السيد الإمام بالتي هي أحسن ؟ ألم يقل له قولاً ليناً ، رغم أنه طغى . ألم يجاهد السيد الامام الجهاد الأكبر بقول الحق عند سلطان جائر ؟ في ذلك الوقت والحرب العراقية ضد ايران علي اشدها ( يوليو 1987) كان العرب كافة وراء صدام وضد الجمهورية الاسلامية الايرانية . كان العرب , الإ السيد الامام , ينصرون صدام في ظلمه . ولكن السيد الامام كان ( ولايزال ) واثقاً بالله . مستمسكأ بمبادئه وقيمه ومثله , وبالعروة الوثقي . وثقة السيد الامام المطلقة في الله تعالي جعلته دوماً مع الحق , وضد الباطل ( إن الباطل كان زهوقا ً) . وأن كانت مواقفه المبدائية غالبأ ما تكون علي حساب مصالحه الذاتية الانية ! قال السيد الامام لصدام , وهو محاط بجنده , في مجلسه في بغداد : ان ايران الخميني التي دمرت نظام الشاه الموالي للغرب , والذي طمس الهوية الاسلامية لايران , ترغب في التحرر من التبعية الغربية والعودة الي رحاب الاسلام , وتاييد القضية الفلسطينية . وتتعرض لذلك للهجوم من القوى الغربية التى تسعي لاحتواء ايران . ويجب علي العراق ان لا يكون مخلب قط للقوى الغربية , التى تسعى لاضعاف ايران . بل علي العكس يجب علي العراق ان يتفاوض مع ايران , ويتحاور معها حتي لا ترجع ايران الي الغرب واسرائيل , كما في عهد الشاه , وعلي حساب الوطن العربي . حاول السيد الامام ان يبرهن لصدام بان ايران الاسلامية رصيد للعراق وسند له , وليس العكس . ويجب علي العراق عدم الانسياق وراء المخطط الغربي ومعاداة ايران . نعم ….. كلمة حق صدع بها السيد الإمام في يوليو 1987 في وجه سلطان جائر , وفي معقل داره في بغداد . ولكن بالرغم من , وربما بسبب كلام السيد الأمام , فأن صدام ، ومن خلفه الدول العربية ، أخذتهم العزة بالإثم ، ومضوا يحاربون طواحين الهواء في إيران ، داعين للسلم مع إسرائيل . وكل ذلك بضغط أمريكي / إسرائيلي . في بيانه امام الجمعية التأسيسية في 15 يوليو 1987 , قال السيد الامام ان السودان يوظف علاقاته مع ايران لأنهاء الحرب العراقية – الايرانية , واستطرد قائلأ : ( … ولتحقيق إخاء إسلامي يقوم على ما يوحد أهل القبلة ليتحدوا حوله . بينما يعذرون بعضهم بعضا حول الاختلافات الاجتهادية ! فوحدة المسلمين رغم الخلافات المذهبية , وتعايش العرب والفرس السامي على شاطئ الخليج , أمران مطلوبان لمصلحة الجميع ! لقد صور بعض الناس هذا الاجتهاد السوداني انحيازا ؟ فأوضحنا لاخوتنا في العراق : نعم هو انحياز ! ولكن لا لمذهب ! ولا لموقف ! ولكن للسلام , ولإنهاء الحرب , على أساس عادلة , ولقيام حسن العلاقات بين الطرفين المتحاربين ! إن للسودان علاقات طبيعية مع طرفي النزاع وانه يوظف تلك العلاقات لانتهاز كل فرصة لإنهاء الحرب , وتحقيق السلام ! والسودان في موقع يمكنه من النظر في مصلحة المدى الأبعد … ) ! انتهي بيان السيد الامام في 15 يوليو 1987 في الخرطوم . النظر في مصلحة المدى الأبعد … هذا ما لم يره صدام في يوليو 1987 , وراه زرقاء يمامة السودان … رأي العين ؟ المقاومة الفلسطينية وصدام ! ثم وفي نزوة مميتة حسب الأمريكان , ولحظة صحيان حسب الفلسطينيين , بدأ صدام ( 1989 ) يبرر أعمال المقاومة الفلسطينية , ويجهر بدعمه للقضية الفلسطينية , بعد أن كان دعمأ مغتغتأ , وعلي أستحياْء! وبعدها ( 1989 ) وبسبب تبريره للمقاومة الفلسطينية , دارت عليه الدوائر ! حصريأ لانه لم يعد يحترم التحالف الصدامي – الامريكي – الاسرائيلي ضد ايران وسوريا , ومع اسرائيل . لم يعد ( 1989 ) صدام يسمع الكلام ! قال الامريكان لزعماء الاعراب ان صدام قد خرق أتفاقه معهم ضد ايران وسوريا ( 1983 ) , بتائيده وتبريره للارهاب الفلسطيني في اسرائيل ( 1989 ) ! وان صدام , الذي أنقلب من العلمانية الي الاسلام ( 1989 ) , بدأ يطعن ( 1989 ) في صحة أسلام زعماء الاعراب , الذين أتهمهم صدام بالتنكر لقضية فلسطين , وبخذلانه في حربه الجهادية السنية علي شيعة الفرس المارقين ! وعليه , وحسب تبرير الامريكان , وجبت محاربته لانه اصبح من أَئِمَّةَ الْكُفْرِ , كما قالت بذلك الاية 12 في سورة التوبة : وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ . ( 12 – التوبة ) وأتخذ الامريكان غزوة صدام للكويت ( 2 أغسطس 1990 ) سبوبة للانتقام منه لتبريره للمقاومة الفلسطينية , ودعمه , الذي أصبح مكشوفأ , للقضية الفلسطينية ! في أغسطس 1990 , في حرب الخليج الثانية ( الكويت ) ضد العراق ، إنقلب السحر على الساحر ، تماماً كما تنبأ بذلك السيد الأمام في عام 1987 في مجلس الرئيس صدام . وشن العرب الحرب على العراق ، بواجهة أمريكية / دولية . ولم يجد صدام من يستجير به ، سوى إيران ، التي أرسل إليها معظم أسطوله الجوي خوفاً من تدميره بواسطة آلة الحرب الأمريكية . مسرحية عبثية في مسرح الامعقول ؟ تفاصيل اخر لقاء بين صدام وبريماكوف مباشرة قبل هبوب العجاجة في مارس 2003؟ كتاب افجيني بريماكوف ( روسيا والعرب ) انتهيت لتوي من قراءة الطبعة الانجليزية من كتاب افجيني بريماكوف ( روسيا والعرب ) . وأفترض انك سمعت بكاتبه بريماكوف , الصحفي الروسي المرموق الذي اصبح سياسيأ , ثم رئيسأ لجهاز المخابرات الروسي ال كي . جي . بي . , ثم وزيرأ للخارجية الروسية, قبل ان يصبح رئيسأ لوزراء روسيا . بريماكوف يمثل الطبعة الروسية لهنري كيسنجر ومحمد حسنين هيكل ! بل هو أقرب الي محمد حسنين هيكل منه الي هنري كيسنجر ! كان بريماكوف صديقأ للرئيس صدام . وربما لهذا السبب طلب الرئيس بوتين من بريماكوف السفر الي بغداد في اواخر فبراير 2003 لمقابلة صدام , علي أنفراد , وتسليمه الرسالة الاخيرة من الدب الروسي . قبل أن تهب العجاجة ؟ امتطي بريماكوف صهوة طائرة حربية اقلته الي طهران . ومن طهران واصل في راحلة رباعية ( كان يحملها معه في طائرته الحربية ) , برا , الي بلد الرشيد . لم يكن بوسعه وقتها السفر جوأ من موسكو مباشرة الي بغداد . وصل بريماكوف مجهدا متعبأ الي بغداد , وسار براحلته مباشرة الي قصر صدام . طير الابابيل ؟ كان الجو ملتهبأ . الاساطيل الحربية تحيط بالعراق أحاطة السوار بالمعصم . طير الابابيل تنتظر علي البوارج الحربية لترمي بغداد بحجارة من سجيل ! ومئات الالاف من الجنود المدججين باحدث ما انتجته المصانع الامريكية من اسلحة دمار شامل يقفون علي اهبة الاستعداد من داخل دباباتهم ومجنزراتهم لاقتحام العراق من الجو والبر والبحر , من الجنوب والشمال والغرب , من اليمين ومن الشمال . من فوق ومن تحت ! من عاليها ومن سافلها ! كان بريماكوف اخر زعيم أجنبي يقابل صدام قبل سقوطه الكارثي في يوم الخميس 20 مارس 2003 , والقبض عليه في ليلة السبت 13 ديسمبر 2003 , وشنقه الذئبي , في فجر يوم السبت 30 ديسمبر 2006 ! صدام الحربائي ؟ وجد بريماكوف في صدام , وهو في غروب ايام جبروته ومجده , رجلأ حربائيأ ومداهنأ , وافتقد فيه الرجل الذي يجسد الذئبية والبطش للعالم الغربي . في السبعينيات , ايام كفاحه ضد الامبريالية وتحالفه مع الاتحاد السوفيتي , أمم صدام شركة البترول العراقية المملوكة للغرب , تمامأ كما أمم جمال عبدالناصر قنال السويس , من قبله . وخاطب صدام السوفيت قائلا : العراق بلد غني . لا نحتاج لدعمكم المادي . وأنما لدعمكم السياسي والتقني . ارسلوا لنا خيرة علمائكم وفنييكم لبناء العراق الجديد . كل ابواب العراق مفتوحة امامكم . مرحبأ بالأستعمار السوفيتي للعراق ! نحن في اياديكم الكريمة ! الا تذكرك هذه الكلمات بكلمات الرئيس سلفاكير للامريكان , ونحن علي اعتاب الاشهر الحرم قبل يوم الأستفتاء … يوم التغابن ؟ واتبع صدام القول بالفعل . واصبح العراق , في غضون سنوات معدودة , شبه مستعمرة سوفيتية . كان الاتحاد السوفيتي يعتبر صدام الصديق الاوحد, الصديق القوي الامين في العالم العربي ! التحالف الصدامي – الامريكي ؟ ويتابع بريماكوف ذكرياته فيقول : ولكن كم كانت دهشتنا كبيرة , عندما هاجم صدام ايران في عام 1980؟ ليس فقط لانه لم يخطرنا مسبقأ , بل لانه اكد لنا , في مرات عديدة , بأنه لا ينوي مهاجمة أيران علي الاطلاق ؟ وبدأنا نلاحظ تعاونه المغتغت مع الرئيس الامريكي ريغان , الذي كان يحرش صدام ضد ايران الخوميني , التي كانت تعادي اسرائيل ومن ورائها امريكا . بعد عدوانه علي ايران , اصبح صدام الطفل المدلل للامريكان والاسرائيليين , والاروبيين وملوك وامراء العرب , الذين أغدقوا علي صدام السلاح , والمعلومات الاستخبارية والمال . كانت اسرائيل تسعي لكسر شوكة ايران المؤيدة للقضية الفلسطينية , وكسر شوكة عراق صدام في ذات الوقت , بدعم الاثنين سرأ وفي ان واحد , حتي يقضيا علي بعضهما البعض , فتستريح منهما اسرائيل معأ , وتضمن سلامة حدودها الشرقية . بعدوانه علي ايران المعادية للامريكان , صدق صدام انه قد وضع العم سام في جيبه الشمال , ومعه كل الرؤساء العرب ! واسكرته نشوة الانتصارات الاولية علي ايران . ومن يومها اصبح لا يري , ولا يسمع , ولا يحس بما حوله من مخاطر . في 20 ديسمبر 1983 ( في اوج عدوان صدام علي ايران ) زار صدام في بغداد دونالد رامسفيلد , المبعوث الرئاسي الخاص للرئيس الامريكي ريغان , ( دونالد رامسفيلد الذي اصبح فيما بعد وزير الدفاع الامريكي في عهد بوش الابن ) , واعلن من بغداد ميلاد التحالف الامريكي – الصدامي ضد ايران وسوريا ؟ أنظر صورة دونالد رامسفيلد يصافح صدام في بغداد في 20 ديسمبر 1983 ! صدام … الحليف الاستراتيجي لامريكا في عام 1983 اصبح العدو الاستراتيجي لامريكا بعد اقل من ستة سنوات في عام 1989 ؟ ماذا حدث لينقلب الشربات الي فسيخ , ياتري ؟ السبب الحصري هو ان صدام بدأ يبرر أعمال المقاومة الفلسطينية للعدوان الاستيطاني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين ! استفز صدام القوي الصهيونية , بالأخص في امريكا , بدعمه الذي اصبح مكشوفأ , وبالقول المتبوع بالفعل , للمقاومة الفلسطينية , وبالاخص بدفعه عشرين الف دولار لعائلة كل استشهادي فلسطيني يفجر نفسه في اسرائيل , دفاعأ عن قضية فلسطين ! حينها , في عام 1989 , أصبح صدام ( وليس ايران ) العدو نمرة واحد , لأسرائيل , وبالتالي لامريكا ( والمجتمع الدولي ) ! وفي نفس عام 1989 , قبر الامريكان التحالف الامريكي – الصدامي ضد ايران وسوريا , الذي أعلنه رامسفيلد في بغداد في 20 ديسمبر من عام 1983؟ حقأ وصدقأ يمكننا أعتبار صدام ضحية القضية الفلسطينية لانه حاول تبرير ودعم أعمال المقاومة الفلسطينية ضد العدوان الاستيطاني والاحتلال الاسرائيلي لأرض فلسطين ؟ وانقلب بتبريراته تلك من خانة الحليف الاستراتيجي الي خانة العدو الاستراتيجي لامريكا ( المجتمع الدولي ) ! صدام والسيد الامام ؟ أصبح الكل يغني أغاني صدام , الأ زولنا المشاتر ؟ مشاتر … حسب مسطرة الأعراب ؟ كان زولنا المشاتر , وقتها , رئيس وزراء بلاد السودان . وقف السيد الإمام , السني المذهب , مع الحق , ومع شيعة إيران في مجلس السلطان السني الجائر صدام عندما كان في أوج مجده , وكان الجبابرة يرتعدون في مجلسه . ألم يجادله السيد الإمام بالتي هي أحسن ؟ ألم يقل له قولاً ليناً ، رغم أنه طغى . ألم يجاهد السيد الامام الجهاد الأكبر بقول الحق عند سلطان جائر ؟ في ذلك الوقت والحرب العراقية ضد ايران علي اشدها ( يوليو 1987) كان العرب كافة وراء صدام وضد الجمهورية الاسلامية الايرانية . كان العرب , الإ السيد الامام , ينصرون صدام في ظلمه . ولكن السيد الامام كان ( ولايزال ) واثقاً بالله . مستمسكأ بمبادئه وقيمه ومثله , وبالعروة الوثقي . وثقة السيد الامام المطلقة في الله تعالي جعلته دوماً مع الحق , وضد الباطل ( إن الباطل كان زهوقا ً) . وأن كانت مواقفه المبدائية غالبأ ما تكون علي حساب مصالحه الذاتية الانية ! قال السيد الامام لصدام , وهو محاط بجنده , في مجلسه في بغداد : ان ايران الخميني التي دمرت نظام الشاه الموالي للغرب , والذي طمس الهوية الاسلامية لايران , ترغب في التحرر من التبعية الغربية والعودة الي رحاب الاسلام , وتاييد القضية الفلسطينية . وتتعرض لذلك للهجوم من القوى الغربية التى تسعي لاحتواء ايران . ويجب علي العراق ان لا يكون مخلب قط للقوى الغربية , التى تسعى لاضعاف ايران . بل علي العكس يجب علي العراق ان يتفاوض مع ايران , ويتحاور معها حتي لا ترجع ايران الي الغرب واسرائيل , كما في عهد الشاه , وعلي حساب الوطن العربي . حاول السيد الامام ان يبرهن لصدام بان ايران الاسلامية رصيد للعراق وسند له , وليس العكس . ويجب علي العراق عدم الانسياق وراء المخطط الغربي ومعاداة ايران . نعم ….. كلمة حق صدع بها السيد الإمام في يوليو 1987 في وجه سلطان جائر , وفي معقل داره في بغداد . ولكن بالرغم من , وربما بسبب كلام السيد الأمام , فأن صدام ، ومن خلفه الدول العربية ، أخذتهم العزة بالإثم ، ومضوا يحاربون طواحين الهواء في إيران ، داعين للسلم مع إسرائيل . وكل ذلك بضغط أمريكي / إسرائيلي . في بيانه امام الجمعية التأسيسية في 15 يوليو 1987 , قال السيد الامام ان السودان يوظف علاقاته مع ايران لأنهاء الحرب العراقية – الايرانية , واستطرد قائلأ : ( … ولتحقيق إخاء إسلامي يقوم على ما يوحد أهل القبلة ليتحدوا حوله . بينما يعذرون بعضهم بعضا حول الاختلافات الاجتهادية ! فوحدة المسلمين رغم الخلافات المذهبية , وتعايش العرب والفرس السامي على شاطئ الخليج , أمران مطلوبان لمصلحة الجميع ! لقد صور بعض الناس هذا الاجتهاد السوداني انحيازا ؟ فأوضحنا لاخوتنا في العراق : نعم هو انحياز ! ولكن لا لمذهب ! ولا لموقف ! ولكن للسلام , ولإنهاء الحرب , على أساس عادلة , ولقيام حسن العلاقات بين الطرفين المتحاربين ! إن للسودان علاقات طبيعية مع طرفي النزاع وانه يوظف تلك العلاقات لانتهاز كل فرصة لإنهاء الحرب , وتحقيق السلام ! والسودان في موقع يمكنه من النظر في مصلحة المدى الأبعد … ) ! انتهي بيان السيد الامام في 15 يوليو 1987 في الخرطوم . النظر في مصلحة المدى الأبعد … هذا ما لم يره صدام في يوليو 1987 , وراه زرقاء يمامة السودان … رأي العين ؟ المقاومة الفلسطينية وصدام ! ثم وفي نزوة مميتة حسب الأمريكان , ولحظة صحيان حسب الفلسطينيين , بدأ صدام ( 1989 ) يبرر أعمال المقاومة الفلسطينية , ويجهر بدعمه للقضية الفلسطينية , بعد أن كان دعمأ مغتغتأ , وعلي أستحياْء! وبعدها ( 1989 ) وبسبب تبريره للمقاومة الفلسطينية , دارت عليه الدوائر ! حصريأ لانه لم يعد يحترم التحالف الصدامي – الامريكي – الاسرائيلي ضد ايران وسوريا , ومع اسرائيل . لم يعد ( 1989 ) صدام يسمع الكلام ! قال الامريكان لزعماء الاعراب ان صدام قد خرق أتفاقه معهم ضد ايران وسوريا ( 1983 ) , بتائيده وتبريره للارهاب الفلسطيني في اسرائيل ( 1989 ) ! وان صدام , الذي أنقلب من العلمانية الي الاسلام ( 1989 ) , بدأ يطعن ( 1989 ) في صحة أسلام زعماء الاعراب , الذين أتهمهم صدام بالتنكر لقضية فلسطين , وبخذلانه في حربه الجهادية السنية علي شيعة الفرس المارقين ! وعليه , وحسب تبرير الامريكان , وجبت محاربته لانه اصبح من أَئِمَّةَ الْكُفْرِ , كما قالت بذلك الاية 12 في سورة التوبة : وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ . ( 12 – التوبة ) وأتخذ الامريكان غزوة صدام للكويت ( 2 أغسطس 1990 ) سبوبة للانتقام منه لتبريره للمقاومة الفلسطينية , ودعمه , الذي أصبح مكشوفأ , للقضية الفلسطينية ! في أغسطس 1990 , في حرب الخليج الثانية ( الكويت ) ضد العراق ، إنقلب السحر على الساحر ، تماماً كما تنبأ بذلك السيد الأمام في عام 1987 في مجلس الرئيس صدام . وشن العرب الحرب على العراق ، بواجهة أمريكية / دولية . ولم يجد صدام من يستجير به ، سوى إيران ، التي أرسل إليها معظم أسطوله الجوي خوفاً من تدميره بواسطة آلة الحرب الأمريكية . مسرحية عبثية في مسرح الامعقول ؟ ماذا كان يمكن ان يكون مصير صدام , لو سمع ووعى كلام السيد الإمام في عام 1987 ؟ أفأنت تسمع الصم او تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ؟ ﴿ 40 – الزخرف ﴾ يتبع في الحلقة القادمة تفاصيل ما قاله صدام لبريماكوف مباشرة قبل هبوب العجاجة في 21 مارس 2003 ؟ ماذا كان يمكن ان يكون مصير صدام , لو سمع ووعى كلام السيد الإمام في عام 1987 ؟ أفأنت تسمع الصم او تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ؟ ﴿ 40 – الزخرف ﴾ يتبع في الحلقة القادمة تفاصيل ما قاله صدام لبريماكوف مباشرة قبل هبوب العجاجة في 21 مارس 2003 ؟