نورالدين محمد عثمان نورالدين.. نحن هنا فى السودان حالة خاصة جدا وإستثنائية جدا فى طريقة تلاحم الشعب بكل فئاته والوان طيفه الاجتماعى والثقافى عندما نتغنى للوطن ..السودان وطن طيفى اللون والهوية تنظر إليه من كل جانب ترى كل الألوان.. نتماسك جميعنا عندما يغنى الخليل ..لعزة ..نتمايل طرباً وحبا عندما نسمع الحان الوطن عبر ألاثير الوطن المتمثل فى العمال والزراع والطلاب ..الوطن المتمثل فى الجندى المجهول وشهداء الأمة ..الوطن الذى يتألم من اجله كل مبدع بطريقته فيتدفق شعراً ورسماً وتلويناً وغناءً وعلماً ..جميعنا ننحنى فى حضرته ويطيب لنا الجلوس أمام جلالته ..نفرح دون إستثناء عندما نسمع عن سودانياً تفوق فى اى من ضروب الإبداع رياضياً كان أو ثقافى ..نبتسم ونبتهج فخراً وإعتزازاً بالوطن عندما نرى ونقرأ إسم السودان فى المحافل الدوليه ..كل هذه الاحاسيس ماهى إلا عبارة عن نبض الوطنية والولاء للوطن ..جميعنا كتبنا شعراً للسودان كل بطريقته الكثير من هذا الشعر سمعناه وحفظناه والكثير لم يرى النور وربما لن يرى ايضا فكلنا يعشق الوطن كذلك العشق السرى الممنوع من الإعلان ..ونرى وجوماً عاماً فى الشارع ومكان العمل فى كل بقعة عندما نسمع ان سوداننا جريح يتقطر دماً ويقتل أبنائه بعضهم بعضأ..عندما نرى فريقنا القومى يخسر ..عندما نرى بلادنا تتأخر عن التقدم…كلنا متفقون فى الحب ..والعشق كل بطريقته …ولكن رغم كل هذا ترانا مختلفين متشاكسين ومتحاربين ..وما هذا الإختلاف إلا لنظرة كل طرف إلى الصحيح بزاويته الخاصة …ولكن عندما يصل درجة الاختلاف إلى حمل السلاح ..والقتل ..والنزوح ..والتعذيب ..والتجاهل …ومحاولة طمس هوية الإبداع الحقيقى فى السودان علينا ان نقف ..قليلاً عند هذا الحد ..ولماذا وصل السودان إلى هذه الدرجة من ..الفرقة والتشتت ..لماذا إنقسم الوطن ومايزال ..لماذا يهاجر ابناء الوطن ..لماذا يتوقف الابداع ..كم قصيدة وطنية كتبت بعد اكتوبر وماريل ..كم مبدع خرج إلينا بغناء الوطنية والوطن ..قطعاً الكثير ولكن اين ومتى ..كل ما على السطح يغنى لقبيلته كل يعمل من أجل مصلحته الشخصية كل يرفع السلاح من أجل مطالبه المدنية المشروعة ..كل يرفع السلاح فى وجه الدولة من اجل المواطنة ..استعجب لوطن وصل فيه الشعب لدرجة حمل السلاح من أجل حق المواطنة والحرية داخل وطنه ..هل نضع حامل السلاح فى خانة الحب للوطن والمستعد للموت من أجله ..أيهما يعشق الوطن أكثر من يحمل السلاح من اجل حقوقه المدنية ام ذلك الجندى الذى يحمل السلاح فى وجه السودانى الآخر لأن واجبه يحتم عليه طاعة الأوامر العسكرية من قيادته العليا..هكذا دائما نحن السودانيون نموت من أجل الفكرة ..ونحيا من أجلها …ولكن عندما يكون هناك غباش ورمادية فى هذه الاهداف السامية …او تغبيش وطمس وإستغلال إسم الوطن لتحقيق اهداف حزبية رخيصة واهداف شخصية قبيحة يحصل تماما ما نراه اليوم …ونرى جزء كبير ومقدر من الشعب يهتف للحكام ظاناً انهم هم قادة الوطن الحقيقيين ويتضح انهم مختلسين ومفسدين ويستغلون جنود الوطن لحماية مصالحهم الشخصية والحزبية ويستغلون هتاف البسطاء من اجل تثبيت أركان حكمهم تماما كنظام الإنقاذ الذى إستولى على حكم البلاد بالسلاح ..ويواصل حماية حكمه أيضاً بالسلاح ..ويواصل أيضا فى تغبيش تاريخ هذا الشعب ويحاول تشويه سمعة مبدعيه وشعرائه ومفكريه ..يواصل إستغلال البسطاء فى الريف والفقراء فى المدينة ..ليحكم أكثر ..ويواصل الرقص على أنغام التنمية الوهمية ..ويرقص على أنغام الدين مستغلاً سماحة الشعب ومستغلاً حب الوطن المتجزر فى أبناء هذا الشعب فيزج بهم فى أتون حرب حزبية كريهة لا علاقة لها بالوطن ..نظام وضع شعب بأكمله فى معادلة يصعب حلها ..نظام يجبر شعبه على حمل السلاح ..نظام يرسخ فى المجتمع قيم العنصرية والجهوية والبغضاء ليفرق ابناء الوطن ويتحكم ..لم نرى ولم نسمع عن مبدع حقيقى شاعرا كان او مفكراً او فناناً او عالماً وقف مدافعا عن حكام الانقاذ ..لأن اى حكم دكتاتورى لن يجد دعم الشرائح الواعية فى المجتمع ..ومصيره الزوال والذهاب الى ذاكرة النسيان ..أين حكم عبود اليوم لا وجود له ولكن شعراء الثورة فى الوجدان اين حكم نميرى اليوم لا وجود له لكن شعراء الإنتفاضة فى وجدان الشعب ولن يستطيع نظام الإنقاذ اليوم ان ينزع من وجدان الشعب حب المبدعيين وقادته الحقيقيين ..حتى تمارس السلطة مزيداً من التغبيش لذاكرة الأمة تتعمد تجاهل كل مبدع شغل حيز داخل وجدان الأمة كل مبدع ساهم فى تشكيل ألامة السودانية ميتاً كان او حياً ..هاهم اليوم علمائنا وكتابنا وشعرائنا ..يرحلون عن الفانية دون إلتفاته من الدوله ويمرضون دون إهتمام من الدولة ..ولكن الشعب لا ينسى قادته ..لا ينسى من صنعوا وجدانه ..(الشعب هو البدى شهادة الميلاد ويابا..)..وليس الدولة ..يكفى هذا الشعب فخراً انه لن ينسى ولم ينسى صناع وجدانه ..يكفيه فخراً انه حرر شهادة فقدان وجدان وضمير للدولة اليوم … مع ودى… [email protected]