ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    نائب رئيس مجلس السيادة يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم ويؤمن على قيام الإمتحانات في موعدها    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وللأبسُمَّاكِ عِيدِيةُ خَاصَة ؛ بأي حالٍ عُدتَ يا عِيدَ هذا العَام
نشر في حريات يوم 06 - 11 - 2011

بالنسبة لي و لي صديقي أبكر ود كُرد كان عيد الاضحى الثاني في ليبيا في ذلك العام 2004 ف ؛ قررنا معه ان نعّيدها في مدينة غِريان في الجبل الغربي لنشارك إخواننا واصدقاءنا الأبسُمَّاك من قُرى كبكابية والصريف بني حسين وكُلبُوس فرحتهم بعِيد الغُربة ؛ وسنذهب عصراً الى ضاحية الاصابعة في الاتجاه الغربي من غِريان تلبية لدعوة من العم هارون بخيت وهو من كَبم.
في غِريان أصدقاء كان غالبهم التقيناه في ليبيا لكن بلا شك فرصة سأقضي لحظات جميلة مع اصدقاء قدامى كنا معاً في طفولتنا في قرى سَلنقا وحَمراي وحِلة بني حِسين والخِروع ودَاوِس إنهم أبكر ود أمبِروط ويحي ود أبكر سِليك وأدم أبْكَرا و أدِم دُوقش وأبسِكلة في شانو البنات عآمن في الدلكة ؛ و الذين التقينا في ليبيا وقد فرقت بيننا السودان .
بالنسبة للرفاق في حوش جَنزور ؛ حسنين ود عمر من حلة أمقركوي في كتيلة . ومحمدين ود أبزرقة من حِلة هَشابة في كبكابية ؛ وفضل ود فَكي إبراهيم من حِلة بِركة في كبكابية ؛ والصافي احمد من الضعين وأزين وشقيقه الفاضل من غربشي. فانا وابكر ودكُر بالنسبة لهم برالمة غربة !!! ؛ فهم جميعا يمثل هذا العيد لهم الاضحى الثالث عشر في ليبيا منذ ان انطلقت رحلتهم صوب الجماهرية في العام 1992 ف عبر( الطينة) ثم (بلتغ) و(فيا لارجو) ثم الكفرة ؛ جاؤوا فرادى ليلتقوا ويتعارفوا في الجماهيرية ابسماميك مخلصين ؛ ورجالا صابرين ؛مكتنزين بالشهامة والوفاء ؛ صاروا كما لو انهم قدموا من بطن أُمٍ واحدة ….
عاشوا في ليبيا و لا يزالون بها الى الان مع رفاق اخريين برالمة ؛ كيف هي عيديتهم التاسع عشر الي لم يلتقوا او تلتقيهم عائلاتهم بعد ..
في عيد رمضان التالي هبنا والصافي لزيارته كان مهند حامد من أبجبيهة وقتها وابراهيم عبد الله من أم شَليل في كبكابية هما الوحيدان اللذان لهما العيد الاول في ليبيا .بينما على حولي من المجلد يمثل له رابع عيد في ليبيا ؛ وبلا شك انهما بخير الان في جهات متفرقة من العالم ؛ بينما عاد ابراهيم الى عائلته من مالطة بعد رحيل صديقنا ود كِلدنغ ؛ مهند وصل الى روتردام بهولندا للدراسة بعد مجازفات طويلة . ليس من تاكيد عن اخبار الصديق على حولي كيف تكون عيديته هذا العام .
اؤلائك السناير في الغربة صاروا كذالك بالنسبة للقادمين اليهم من قراهم والقرى المجاورة لقراهم ؛ وفرقنتهم والفرقنة المجاورة لفرقنتهم !! وهكذا فان من يمثل عيد 2004 ف له الاضحى العاشر هو سنير في زغواني وجنزور وفشلوم .. يكون جقم الدين عبد العزيز ؛ وعبد الله لبن وشقيه ؛ ومهدي ابو شاو وشقيقه نصر الدين ؛ ومبارك دوسة والفاضل دُوشة النجاد ؛ ابوبكر عبد المجيد ؛ جعفر ادريس من بلدة غورابشي جميعا ؛ و كانوا في ليبيا منذ ما بين 1994- 1997ف وجاء بعضهم بعد حملة الكشات ؛ وبعضهم عاد الى قريته ورجع مرة اخرى .و هؤلاء يعادلهم في السنوات احم دُوا طلاق تَلاتة مرجوة ؛ وحسن بَرازا ؛ وموسى ود فكي محمدين وجدو الدومة ؛ وعوض أبجَندو ؛ وعوض التاني ؛ ومحمود دِفنس وإبراهيم أبْرك ؛ وتيجاني أبن خالتي . بجانب انور انورين وصديقة عثمان شولا ذوو العشرون خريفا في حياتهم وجميع هؤلاء من بلدة إنتكينا .
عاش هذه الكوكبة المتفردة من شباب غوربشي وإنتكينا في مسكن واحد يقدمون نموذج للتاخي وحب الزمالة ويعبرون عن شهامة نادرة ؛ فهم كما لو ولدوا ونشاوا سويا ؛ الا انهم التقوا في هذه (الفانية) كما يطلقون على بقائهم في ليبيا وهم يلعبون الكتشينة في يوم العيد ؛ ويغني اولاد ام تكينا اغاني الجَكتك ويغني اولاد غوربشي اغاني الهَجوري .
باختلاف سنوات دخولهم ليبيا يمثل شباب حوش جنزور النموذج في كل شئ ؛ اذ يتراوح اعمار الجميع حينها بين 18 -38 سنة لم يصل اكبرهم سنا الاربعين سنة ؛ وصل ليبيا بلا شك وهو في العشرينايت من عمره اول اقل . هذا يعني انهم جميعا مواليد ما بين العام 1965- 1980ف . ضحايا افندية العهد الخيداع الفاشل. بينما لا يزال المزيد يتدفقون الى ليبيا من قراهم حتى ذلك التاريخ لم يتبين بعد ملامح مستقبل مشروع الثورة المسلحة التي اشعلها قروييون يمتحنون الفلاحة والرعي في دارفور..
بينما الاكثر تعلما هو الملم بمادئ الكتابة والقراءة سواء ان يكون خريج خلوة او درس سنوات اولى في مدرسة قريته الابتدائية ؛ كان لقب ( الأستاذ) يطلق على شاؤول موفاز (حافظ يونس) ؛ وتيجاني ود سُكاري ؛ ومحمد جَقم الدين ؛ والهادي جُوكَر؛ واحمد نُور ؛ الذي يحمل كل واحد منهم شهاد مرحلة متوسطة . و بالرغم من ان عوض أبجَندو وعوض التاني ؛ يحملان شهادة ثانوية الا انهما لم يتحصلا على لقب (أستاذ) لانهما مشاغبين ومحبي التسكع ؛ وهذا يتضح ان نوعية التعليم الذي يتحصل عليه خريج الثانوية في السودان اليوم ليس هو ذات النوعية الذي كان يتلقاه خريج المدرسة المتوسطة.
لكن بفضل فصل الانكليزي والتعامل مع الكمبيوتر الذي اقترحها موسى ود فكي محمدين وصار هو الالفة فيه في الحوش جنزور بجانب فصل محمد عبد الله كَبس في زغواني ؛ والفصل الذي اشرف عليه سليمان ود كِلدنغ الراحل في الشرقية والذي حضره عدد كبير من الابسماميك . وفصل عبد العزيز ادم تمكنت في ذلك العيد و الاعياد اللاحقة العديد من الابسماك التواصل مع الابكرات السماميك خريجي الفصول ذاته عبر الانترنت .وبالرغم من انهم اصبغوا عليّ بسببها لقب (أُستاذ) الا انني نجحت من التخلص من هذا اللقب الخطير..
بينما سيزو الشباب في جنزور موسى أبجُوقُس في النهار وهو قد صار ليبيا في كل شئ الا في هندامه ؛ سياتي على كَاتيك متأنقا بكرفتته كما لو هو السفير نفسه ويؤجر ستكسي غير مرخص ؛ سيصدق الجيران اليبين ان السفير السوداني زار حوش اولا كلبوس المجاور . أبُجوقُوس الي جاء الى ليبيا في عام 1988 ف عمل وسكن مع عائلة ليبية حتى صار واحدا منها بينما كَاتيك الملقب بعلي سوريا جاء من العراق وسوريا ومصر الي ليبيا التي جاءها وخرج منها الى تلك البلدان منذ عام 1985 ف .
العيدي الماضي كنا قد قضيناه في مدينة زليطن ؛ وهناك كان محمدين ود أبزرقة وفضل ود فكي ابراهيم ؛ ومحمد ظريف قد نجحوا يومها في جمع اصدقاء في الحوش الخلفي لغسالة السيارات الاوتومتكية والتي يعملون وتجمع لفيف من الابسماكين في زليطن ومصراتة والخمس .وهم قادمون من قرى نُقدية ؛ومستريحة ابونجلول ؛ و حضر ود عِرك زعيم ابسماك حلة جَلدما ؛ وعبد وهم زعيم ابسماميك حلة تَنابيك ؛ و على سبيل ومحمد بشر من حلة مَرلونق . كان عيدا جميلا .
تعرفت هناك على الصديق قاسم من القضارف ؛ وكان لا يزال وقتها طالب بكلاريوس بكلية الدعوة الاسلامية بطرابلس ونسبة لسكن اسرته في زليطن بجوار حوش الشباب ؛كان عونا كبيرا في فصل الكمبيوتر الذي نظمه ظريف وسبيل ؛ وذلك بعد ان كنا نذهب الى مقهى الكتروني وندفع دينارا واحدا لساعة للجهاز الواحدة ؛ هذا الطالب بمساعدته تحصلنا على جهاز كمبيوتر بانتيوم ثري في الحوش . ولم يمضي سوى ايام قليلة حتى صار خالد ود التامة ؛ وصديقه استاذ شريف استاذين في الكمبيوتر. شريف طبعا كان معلما قديما في ابتدائيات قرى كبكابية ومن المخضرمين ؛ يذكر انه وصل الى ليبيا منذ 1989 ف؛ ولم يرجع منها ابديا فقد قتل قبل الاحداث الاخيرة في مدينة بني الوليد .
كنا قد ذهبنا عيد العام الماضي مع اساخا كَالنقِكوي ( ود الخالة ) الى زليطن لقضاء اليوم الاول ؛ ورافقني كَالنقِكوي من قصر الاخيار (قصر الخِيار) لضمان عودتنا معا صباح اليوم التالي لنحضر خروف الفرد إبراهيم دُوقاش وعبد العزيز ود ابو حلوم في مزرعة الزيتون الذي يعمل فيها دُقاش حارسا ؛ وكان دُوقاش قد اخذ الاذن مسبقا من الليبي صاحب المزرعة ان يحضر اصدقائه في اليوم الثاني للعيد ليقضوا نهار شواء بالمزرعة ؛ منحه الليبي الاذن وحدد له نقاط لا يقربوا منها وشجرة لا ياكلون منها ؛ كانت مزرعة رائعة وجميلة في خضرتها وجمال اشجارها ورائحة الشواء والمرين يومها ذكرتنا بسوق ابجوخة الاسبوعي قرية كالنقكوي جوار سرف عمرة بين الاشجار الظليلة .وكان يوما جميلا حافلا بالحديث الثوري المفعم بالوعي ولم يفسده خطب الفكي ادم زكي ود خالة الاخر ؛ وهو له راي ديني واضح في إمامة الليبي للصلاة بكون الليبيون يسبون الدين مثل شرابهم للموية .
قضينا ليلتنا وصديقي ود كُور في غريان في حوش ادوم ود أبكر وابراهيم خالة فاتنة ؛ وفضيل ولدم زارة ؛ وحامد ود عبد الله ؛طبعا لكونه يحمل شهادة ثانوية ومهذب دمث الاخلاق كان أدوم ابكر يحمل لقب (أستاذ) بين الابسماميك في غريان ؛ وكان قد اشرف بعد ذلك في تنظيم ثلاثة فصول للانكليزي والعربي ؛ وفصل للكمبيوتر كان ابسلكة وعبد الله ود ابكر من قرية كبر ؛ ود وقش من قرى داوس وحامراي قرب كاس قد اشرفا عليه في حيشانهم التي تشبه منازل الزنوج الجيتو في ضواحي جوهانسبورغ .
كان الابسماك العاملين في المزارع ؛ وبعض رعاة الغنم في الخارج ؛ والعاملين بالقوالة قد تجمعوا في تلك الليلة في الحيشان المئة والسبعين في جوار مدينة غريان جنوبا استعدادا ليوم العيد غد؛ وغالب ابسماكي غريان من قرى بُلبل تمسكو وجامعة ابوجورة ؛ وليموا والملم والخروع و داوس ووادي صالح . وكان لابد في تلك الليلة التي اردناها ان نقضيها سامرة بونسات القرى واخبار الاهل ؛ الا ان الاحداث و حرص الغالبية على ان نحاول نناقش معا ونحلل الاحداث والاشخاص والافكار في دارفور ؛ نحو طريق لمستقبل ينهي الحرب الجارية ؛ وهكذا طغت دارفور على كل موضوع .
في الصباح كان الذين يصلون ذهبوا الى صلاة العيد مع الليبين في مساجدهم وافنيتهم ؛ الا ان الذين يصلون والذين لا يصلون جميعا لبسوا ملابسهم الجديدة وقدموا تهانيهم لبعضهم بذات الترايبية فقط طغت كلمات ليبية على التهاني . انهم يتاثرون باللهجة الليبية . غير ان الاحتفال صار طبيعيا لم ينسوا تقاليدهم في ايام الاعياد زيارتهم لبعضهم وطلبهم السماح من بعضهم البعض وصلواتهم بالعودة الى الهل . خال فاطنة وفضيل ولدم زارة ؛ وزكريا ود ادريس ابو تَسة وعبدالله كَبر والفكي صالح ؛ قدموا نصائح للشباب الصغار ان يتذكروا انهم في بلد غُربة ويتقوا ربهم ؛ في ذلك الاثناء كان فريق تجهيز اللحم قد انجز عمله .
لابد انهم تذكروا أهلهم فقد بدا بعض الشباب في تذكير اغاني الكَشوك والهجوري ؛ ذلك تراثهم في هذا اليوم المهم فقط بُعد الديار وغياب الاهل ؛ ولا توجد فتيات . انهم بعيدون كل البعد عن موطنهم .
ويشار الى ان نزلاء الضواحي الخارجية في ليبيا هم الاقل مكوثا في ليبيا لانهم بدو رعاة بقر وقرويون في السودان اكثر ؛ فيتراوح سنوات بقاء احدهم بين ثلاث سنوات واربعة ؛ الا انهم يذهبون و ياتون مرة اخرى وهم الاكثر عملا بين الابسماك في ليبيا وهي الاعمال اليدوية الشاقة . كما ان اعمار الغالبية تقل عن العشرين عاما الا انهم جميعا متزوجون في سن ال17 ؛ 18 عاما . وجاءوا الى ليبيا ليعملوا ويجهزوا حياتهم الخاصة مع زوجاتهم في اعمار اقل منهم في الغالب .
وفي بعض الحيشان التي تضم بين ثلاثين واربعين كانوا نسبة الفاقد التربوي ميئة في المئة . لكن كل ابسماك كما قصص الجنقوجورو في تاريخ الغرابة ؛ يمتلك جهاز تلفزيون خاص به ورصيفر وصحن يلتقط القنوات ؛ رغم انهم عرفوها مؤخرا في ليبيا الا انهم صاروا مهندسين في تشغيلها واصلاح اعطالها .
لا اتمكن من نسيان ما رايته في عيونهم داخل الفصل الدراسي الاول يومها ؛ كيف انهم يرغبون في التعليم ؛ وكيف انهم متحسرون لانهم منقسمون بين ضروريات العمل لواجبهم الاسرة وتلبية رغباتهم في التعليم .
شباب الصريف بني حسين في الاصابعة ؛ وهو تجمع ليس لاهل صريف فقط ؛ بل حتى هناك رجالا كبار في السن من بلدة كُبم وقرى زالنجي ووادي ازوم . كنا قد ذهبنا بدعوة من العم هارون بخيت من حلة بني حسين في القَردود الذي سكن كَبم مؤخرا ؛ كان هو يريد ان يعبر عن تقدير ووفاء لعلاقة بينه و اباءنا سابقا .. الا ان في الاصابعة التقيت بابسماك المهجر غاية في الود والشهامة .
لم انسى ذلك المشهد لنحو ثلمئة او يزيدون من الشباب في اعمار مختلفة اكثرهم دون العشرين كانوا قد جاؤوا للسلام علينا والاستماع لما سنقوله في الاحداث التي تجري في بلادنا واهمية التعليم. ولما كانت هذه هي الزيارة الاولى فقد بقيت الوجه في الذاكرة حية ؛ كان القاء تقائيا وعفويا جدا في حوش عمك ابراهيم وجار النبي ؛ وعيسي صالح حيث صار منزلهما منزلا للسكن ومشغلا للخياطة والتتريز وسوقا لمعرضاتهم من الاقمشة المخاطة . طبعا الزبائن المستهلكين لانتاج المشغل الصغير هم السودانيون الابسماك ذاتهم ؛ فقط انهم نقلوا السوق الى ليبيا حيث توفر المادة الخام باثمان رخيصة …
كان عمك سُوسال لا يزال غاضبا من السفارة السودانية بطرابلس التي ذهب اليها قبل العيد لتساعده في منازعة وقعت بينه ورب عمله الليبي ؛ وقد قال له المسئول بالسفارة انه لن يستطيع مساعدته لانه غير متاكد فيما اذا يكون سوسال تشاديا أم سودانيا ؛ هذه ازعتجه واثارت غضبه جدا ؛ كان عمك سوسال تحمر عينيه حين يحكي القصة التي وقعت له في السفارة السودانية وكان قد غضب وقال للمسئول برعُوص .
لا يفترق عيدنا مع الاشقاء ابسماك الاصابعة عن عيد الفطر التالي لنا في سوق الخميس قرب شارع العزيزية مع شباب بلدات ابسروج وصليعة وسربا واديكونغ شمال الجنينة.. خروف واحد لكل ثلاث غرف ؛ وكنا في رمضان حيث زرنا سوق الخميس مع الاصدقاء محجوب ابشورة وسيف مساعد وجمال الفرشة و قدموا الدعوة لاول ايام العيد في سوق الخميس .وسيبقة مشهد نحو ثلثمئة غرفة براكة في مساكن من الجيتو داخل مزرعة منعزلة لا ينمحى من الذاكرة ؛ و يحفز على التقدم في شرح ما يجب القيام به من اجل تغير هذا الوضع في بلادنا المثير للثورة على نطاق الكون كله .
محجوب و علي خميس وابكر فرفور هم من نظما الفصل الدراسي في سوق الخميس ؛ وظلا يشرفان عليه ؛ طبعا محجوب وسيف علام صفوة شباب سِربا وسِليعة حاذ كل واحد منهما على لقب (أستاذ) فعلاّم لديه شهادة متوسطة اما ابو شورة فخريج خلوة واكمل حفظ القران رغم انه يكثر من التدخين الا انه يحافظ على صلواته ويفتي احيانا وهو يقدم نصائح دينية لرفاقه الامسماميك .
نتائج اللقاءت والاحاديث في ارياف ليبيا دائما ستكون مجال للنقاش في (المنتدى الدائم للابسماميك العام ) بالسوق الافريقي او المنتديات الفرعية في سوق المدينة القديمة او اسواق الجنسيات الخارجية الا ان حضوره على الدوام ابو عمار ؛ وعبد الحميد ؛ وبكري ود السحيني ؛ و موسى ود شطاية واساخا ود ميدوب ؛ وعبد الباقي سليمان ؛ ويوسف ازرق الساخر ؛ شلة الحوار الثوري ؛ حيث شكل احد اكثر المنتديات المتحركة نشرا للوعي بالمسالة السودانية …
فقط ان ابو عمار يراس الجلسات كلها ؛ وياخذ فرصته اكثر من اي متحدث ؛ و يشربون الشاي من قهوة اسحاق شامير باستمرار ولا يدفعون له الثمن ؛ وياكل بعضهم الفول والعدس من مطعم ابراهيم فشش واخوه محمد بحر بالدين ايضا . ونسبة لان العمل ثوريا كما يقول ابو عمار فان يوسف ازرق بسخريته المعهودة يطلب من الشباب القرنبوصات الصغار احمد درية ؛ وسليمان ؛ وتياو ؛ وعبد العزيز وتيجاني وبحر نفسه وهم باعة جوالة ويفرشون في سوق المدينة القديمة ؛ يطلب منهم تسديد فواتير شامير وفشش ؛ لان القرنبوصات يحضرون كل مساء فصل الكمبيوتر بالمجان في المقهى الالكتروني في الطابق الثاني حيث يديره فتاة ليبية سمراء.
شاركنا حالاوة الفرحة في الغربة حتى عيد الفطر في عام 2006 وعلى مدار السنوات الثلاث النصف و كان حريص على المبادرة بالتهنئة في العيد كل صباح الرفاق مكوي اتوت ؛ ومدوك دينق (ابونا مدوك كم يقول علي جني) ؛وموفور بيور ؛ و الذين تشاركنا السكن في جنزور الغربي كل السنوات الثلاث ؛ نقضي المساء في نقاش الانسان والسودان وافريقيا مستندين على سنوات الجهاد في جنوب السودان بعلمية ووعي .
في الحقيقة كان مكوي ومدوك اكثر اهتماما بزيارة الابسماك المسلمين وتهنئتهم بعيد الاضحى ؛ ولانهم يدركون معنى التغرّب عن الاهل في هذه المناسبات ؛ فهم جميعا وصلوا الى ليبيا في عام 1990 مع شباب اخر طموح وبقوا هناك في ظروف قاسية جدا وجدوا فرصة للالتحاق بالدراسة في اطار كدحهم وتفانيهم حتى التحق بعضهم بالجامعة وتخرج منها اخيرا .
مكوي اتوت وهو خريج الفلسفة بجامعة الفاتح او البروفسير مكوي كما نسميه (المعلم كما يسميه على جني) كان هو معبرا للاتقاء والتعرف بالرفاق محمد ادم ابو كيفو من الفاشر ؛ وبدر الدين ابو القاسم من الابيض ؛ ودندرا سليمان من راجا ؛ويوهانس موسى فوك من واو . وجيمس من ميوم ؛ وفضل من المجلد .ومستر فلاش من ملكال ؛ وادم صالح من المناقل . وجميع هؤلاء اعضاء مكتب الحركة الشعبية بليبيا .. انهم ترافقوا اثناء فترة الدراسة الطويلة وسنوات التغرب منذ العام 1990 ف بعيدين عن وطنهم وعائلاتهم؛ هكذا تمددت علاقاتهم وترسخت ليكونوا اخوة اشقاء اكثر من رفقة عمل سياسي . فبينما رجع كل من دندرة سليمان ؛ ويوهانس ؛ ومادوك ومكوي ؛ ومافور ؛ بقى بدر الدين ابو القاسم وابو كيفوا الى اليوم بطرابلس حيث لا يزالان بعد 21 عاما ؛ وليس من تاكيد من مكان الرفيق فضل ؛ وجيمس ومستر فلاش .
الرفاق الابسماك والعيد ياتي في خضم احادث ليبيا بعد القذافي هم في واقع مبعثر ؛ فقد عاد بعضهم الى السودان ثم هرب عائدا الى ليبيا . اما من بقوا متواصلين ولم يعودوا فقد يدخل الكثير منهم في العيد العشرين للاضحى له بعيدا عن اسرته ؛ بعضهم في مخيمات اللاجئين في شوشة بدولة تونس ؛ وبعضهم عبر الى مخيم السلُوم في الحدود الليبية المصرية ؛ وبعضهم وجد الطريق الى السودان عقب الاحداث ؛ وبعضهم لا يزال مجهول المصير داخل قرى و مدن ليبيا ؛ و بعضهم عبر البحر الى ايطاليا او دار بسوريا ثم تركيا ليذهب الى اليونان ؛ وبعضهم كان قد عبر الصحراء الى اسرائيل .
البعض غادر الحياة في البحر ولاخر في الصحراء حيث حاول كل منهما بطريقة مختلفة ان يغير من واقعه الانه لم ينجح.وهناك من قتل خلال الاحدث الاخيرة بليبيا وبعضهم نزلاء السجون في ليبيا الثورة ..
الا ان الجميع نتشارك بقدر واحد في الشوق والحنين الى عائلاتتنا و جميع افراد اسرنا اليوم في مخيمات النزوج واللجؤ وفق التقاليد والتراث ؛ كما يشاركنا افراد عائلاتنا في القرى والفُرقان الحنين اليهم في خضم واقع ماسوي بسبب الكارثة الاسؤ عالميا و التي عمت بلادنا ..
للجميع عيدية مباركة ؛ أماني تتحقق واحلام تتجدد ؛ وصلوات بالصحة والعافية ونجاح الثورة ؛ وعلى ارواح الراحلين السلام حتى اللقاء في البلاد الجميل مع الاهل على صحن المحبة .
منعم سليمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.