فوض الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل، زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني لاتخاذ القرار النهائي حول المشاركة من عدمها في حكومة المؤتمر الوطني. وقرر غالبية اعضاء هيئة القيادة تفويض الميرغني باتخاذ القرار النهائي حول المشاركة في الحكومة الجديدة بعد اجتماع ترأسه الميرغني بجنينة السيد علي الميرغني ، بينما غادر القياديان حسن ابوسبيب وعلي نايل الاجتماع قبل نهايته بعد ان اتفق غالبية اعضاء هيئة القيادة على المشاركة . وطوقت الشرطة جنينة السيد علي الميرغني بشارع النيل ومنعت شباب الحزب والصحافيين من التواجد في باحة الدار او بالقرب منها وابعدتهم لمسافة 3كلم من مقر الاجتماع . واتهم القيادي بالحزب علي نايل بعض قيادات الحزب بتدبير مؤامرة للدفع بحزب الحركة الوطنية الى المشاركة في النظام . ولم تفلح محاولات شباب الحزب في اعادته الى الاجتماع بعد ان خرج غاضبا . وقال نايل في تنوير قدمه لشباب وطلاب الحزب الغاضبين من قرار المشاركة انه ابلغ الميرغني بإنقاذ الحزب العريق واتخاذ قرار ايجابي وعدم المشاركة نسبة لوضع الحزب في الخارطة السياسية للبلاد وتجنيب الشعب السوداني خيبة الامل من تبني الحزب لقرار تاريخي ومفصلي في مسيرته وأضاف ( بعض الاعضاء لوحوا بالاستقالة حال قبول المشاركة ولكن الميرغني قال اثناء الاجتماع من اراد ان يستقيل فليستقيل). وأعلن نايل عدم استمراره في الحزب بعد ان اتخذ قرارا بمشاركة النظام الشمولي بعد 22عاما من افقار الشعب وتشريده في المنافي ومعسكرات النازحين وتابع (شطبت عضويتي في الحزب الاتحادي بالقلم الاحمر ولست اتحاديا بعد اليوم). يذكر ان الأستاذ علي نايل يعتبر من أكثر محبي السيد محمد عثمان الميرغني في الحزب الاتحادي الديمقراطي وأكثر المدافعين عنه وعن الحزب في الصحف طيلة السنوات الماضية . وسبق وعلق الحاج وراق كمحلل سياسي ل (حريات) بأن المؤتمر الوطني يريد الحاق الحزبين التاريخيين ( الأمة والاتحادي) كلاهما أو أحدهما بالسلطة ، للادعاء بأن الوسط (المهدد) موحد ضد أهل الهامش ! وذلك لخلق اصطفاف زائف قائم على العرق والثقافة ، بدلاً من الاصطفاف الحقيقي بين الطغيان والديمقراطية ، الطغيان الذي يستهدف جميع السودانيين ، بما في ذلك أهل الوسط ، ولكن يغطي نفسه بأغطية الدين والثقافة العربية الاسلامية ، ويمارس قمعاً اضافياً على القوميات المهمشة بتراكب التهميش الاقتصادي والاجتماعي مع العنصرية والتهميش الثقافي . وأضاف المحلل السياسي ان المؤتمر الوطني اذا نجح في مسعاه بالحاق أحد الحزبين أو كلاهما فان ذلك ربما يطيل من عمر النظام ولكنه سيؤدي الى تجذر القناعة بان العنصرية ليست شأناً خاصاً بالمؤتمر الوطني وحسب ، وانما فاشية في كل قوى الوسط ، مما يؤدي الى زهد أهل الهامش في تغيير المركز ، واعتماد سيناريو التفكيك . وهو سيناريو تدفع له دوائر اقليمية ودولية ، ولكن تستدعيه بالأساس طبيعة المؤتمر الوطني كأقلية حاكمة لا تستطيع اعادة سلطتها الا في اطار التجزئة والاحتراب . وقال المحلل السياسي بأن أزمات المؤتمر الوطني الرئيسية – الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ، والحروب في الهامش ، والعداء مع الجنوب ، لا يمكن حلها بصفقة مع الحزبيين التاريخيين ، ولكن مثل هذه الصفقة ستؤخر من نضوج العامل الذاتي للتغيير ، بتسويقها للأوهام . وتبين التجربة التاريخية أن المجتمعات حين تعجز عن التغيير تنحط الى الهمجية ، الى الاصطفافات الاثنية والقبلية والدينية ، والى حرب الكل ضد الكل ، وعمر البشير العاجز عن أية حلول وبلا أفق ، يريد المحافظة على سلطته وعلى مصيره الشخصي ، حتى لو كان الثمن أخذ البلاد في عملية انتحار جماعي معه ! وأضاف المحلل السياسي بأنه ليس للحزبين التاريخيين مصلحة في ربط مصيرهما بمصير سلطة آفلة ، ولكن هناك بعض العناصر تحت السيطرة الأمنية بالابتزاز والضغط ، والرشاوى ، والطمع في المناصب والامتيازات تدفع الى توالي أو تواطؤ الحزبين خلف المؤتمر الوطني . وهذه العناصر بلا حجج تدعم خطها الاستسلامي ، فالسلطة الآن بصورة حصرية عند عمر البشير ، وحتى لو أشرك معه مجلس وزرائه فان كل جهاز الدولة – الجيش والشرطة والأمن والقضاء والبنوك وأجهزة الاعلام – تحت سيطرة المؤتمر الوطني ، ولذا فان وجود آخرين في هذا السياق لا يعدو كونه (تمومة جرتق)! وقال ان مشاركة أو تواطؤ أحد الحزبين أو كلاهما تؤدي الى تآكل المصداقية والى تدهور الروح المعنوية ، بل والى تزايد (الفصام النكد) بين معارضة الوسط ومقاومة أهل الهامش ، مما يمكن أن يؤدي الى نتائج كارثية على البلاد .