لم تتحدث أثناء توليها منصبا في وزارة الخارجية الأمريكية بصورة إيجابية عن الحكومة، كانت ولا زالت ترى أن “نظام البشير لا يفهم” وأن تطبيع العلاقات بين البلدين في ظل الحكومة الحالية أمر أشبه بالمستحيل.. مسئولوالحكومة أيضا كانوا لا يحبونها رغم زياراتها المتكررة إلى الخرطوم في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش.. وصفت أنها امرأة انفصالية عنصرية، تسعى لفصل الجنوب، غير أنها لا تأبه كثيرا بهذه الألقاب.. جنداي فريزر، مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش، تركت العمل الدبلوماسي والتنفيذي في الخارجية الأمريكية والتحقت بجامعة كارنغي ميلون ب(ولاية بنسلفانيا)، حيث تعمل محاضرة.. التقتها (الأخبار) في تونس أثناء الاحتفال بجائزة مو إبراهيم للحكم الرشيد، حيث كانت هي أحد أعضاء لجنة الاختيار.. رحبت حينما علمت أن الصحيفة سودانية ولم تمانع أن تتأخر لأكثر من ربع ساعة عن الورشة التي تتحدث عن الزراعة في أفريقيا.. فريزر التي اتهمت الولاياتالمتحدة والدول الغربية أنهم تخلوا عن الشعب السوداني حينما اعترفوا “بنتائج الانتخابات المزورة” أكدت في هذا الحوار أنها لا تكره نظام البشير، لكنها تعتقد أنه لا يفهم ولا يستوعب ما تريده الولاياتالمتحدة، وقالت أن السودان لا يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي بعد الآن، وأشارت إلى أن السياسية الأمريكية تعتمد على المصالح وليس على تعاقب الشخصيات.. وأكدت في نهاية حديثها أن واشنطن لن تطبع علاقتها مع الخرطوم في ظل النظام الحالي.. فإلى ما قالته فريزر:- جنداي فريزر.. أكثر الشخصيات الأمريكية عداوة لحكومة البشير، هل هذا الأمر صحيحا؟ لا ليس صحيحا.. في الحقيقة أنا شخص يؤمن بأن الحكومة الأمريكية تحتاج لأن تعمل مع كل الأحزاب في السودان وأن تعمل بصورة عملية مع شركائنا في السودان، كان يحدوني الأمل عندما كنت سكرتيرا للشؤون الأفريقية في إقامة علاقات أفضل مع حكومة البشير بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل ولسوء الحظ وبعد توقيع الاتفاقية مباشرة برزت مشكلة دارفور مما شكل حاجزا دون تطبيع علاقاتنا مع السودان. السياسية الأمريكية منذ عهد بيل كلينتون وجورج بوش والآن باراك أوباما لم تتغير تجاه السودان، هل تعتقدين أن هذه السياسة ستكون مستمرة حتى إن تغير الرؤساء؟ السياسة الأمريكية تقوم على المصالح وليس بالضرورة على تعاقب الشخصيات، أما بالنسبة لإدارة بوش الأب وبوش الابن وأوباما اعتقد أن لهم نفس النوع من تواصل السياسات فقد ركزت جميعها على السلام الشامل واتفاقية نيفاشا وممارسة مزيدا من الضغط على الحكومة لإيقاف العنف في دارفور وحل مشكلة جنوب كردفان، وذلك حتى تغير حكومة البشير طريقتها في التعامل مع إنسان السودان. ما الذي تريده الولاياتالمتحدة تحديدا من السودان؟ أن توقف قصف الأبرياء ( وهي تبتسم) وهذا أمر بسيط.. وبدلاً من قصف متمردي دارفور يجب التفاوض معهم، وبدلا عن قتلهم يجب.. (مقاطعة) عفوا سيدة جنداي لكنهم تفاوضوا مع الحركات المسلحة ودعوها للجلوس ووقعوا على اتفاق مع إحدى الحركات ويجري تنفيذه حاليا؟ نعم لقد تفاوضوا مع بعض الحركات المتمردة ووقعوا معهم اتفاقيات ولكن في نفس الوقت لا يمكنك صنع السلام في دارفور ولديك عمليات حرب جارية والحكومة تقلل من ثقتها فيها في العمليات الإنسانية وتطرد العاملين فيها ولا يمكن اتخاذ ذلك دافعاً للنصر… هذا هو التحدي.. الحكومة السودانية تفاجأت حينما رأت الاستفتاء يسير بصورة إيجابية، وصارت تقول لم لا ترفع الولاياتالمتحدة العقوبات الاقتصادية عن السودان واسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وفي ذات الوقت تقصف الناس في جنوب كردفان.. لا يفهمون أن الإدارة الأمريكية لا يمكنها في هذه الحالة تطبيع العلاقات وبالتأكيد هذه ليست غلطة الولاياتالمتحدة إنما غلطة الحكومة السودانية التي تستمر في قصف المدنيين. الحكومة تقول أن الوعود الأمريكية لم تنفذ، رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب والعقوبات الاقتصادية عنه رغم تنفيذها مطلوبات محددة، وهو الأمر الذي جعلها لا تثق في وعود الولايات على الإطلاق؟ لا أفهم حقا لم قالت الحكومة السودانية ذلك، عليهم خلق بيئة تجعل الولاياتالمتحدة تنفذ هذه الوعود، لاتخاذ قرار برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب والعقوبات الاقتصادية عنه، لابد من إيقاف قصف المدنيين في جنوب كردفان ودارفور، وحينما تفعل ذلك فأكيد الولاياتالمتحدة ستنفذ القرار، عليهم أن يفكروا طالما كان هذا سلوكهم فالولاياتالمتحدة لا يمكنها أبدا أن تتخذ مثل تلك القرارات لأنها لا تفكر بتلك الطريقة، وأنا حقا لا أفهم لم نظام البشير لا يفهم ذلك، الإدارة الأمريكية حقا ترغب في تطبيع علاقتها مع السودان لكنها لا يمكن أن تفعل ذلك في ظل قصفهم المدنيين. الحكومة السودانية اتهمت دولة جنوب السودان أنها التي بدأت الحرب في الولايتين لمساندتهم المتمردين من الحركة الشعبية؟ لكن حكومة دولة جنوب السودان لا تأذي ناسها وجماعتها الموجودين على حدود البلدين والذين يتعرضون لقصف وهجمات الحكومة التي ذهبت لأبيي وشردت الآلاف وأنا أعلم ما تقوله الحركة الشعبية في هذا الخصوص، هؤلاء كانوا بالأمس جماعتنا وكون أننا أجرينا الاستفتاء فهذا لا يعني أننا سننساهم ونتركهم لوحدهم على الحدود التي لم ترسم بعد، نعم هذه مشكلة، لكن الجهة العدوانية هي الحكومة، الجهة التي تستخدم القوة هي الحكومة السودانية، بإمكانها تغيير الوضع، لأنها التي تتخذ القرار، الحرب في السودان استمرت لمدة 23سنة ، لكنهم لازالوا يتبعون ذات السياسية السيئة. هل ترين أن على الحكومة إيقاف استخدام القوة مثلا إلى أن تتوصل لاتفاق مع المتمردين؟ يفترض أن يعتمد الحكم على نسبة التعداد، أعني إعطاء الحكم على عدد السكان، على أولئك المواطنين أن يتشاركوا السلطة والثروة بنسبة تعداد كل إقليم، نعم، لا بد أن يسبق وقف العنف إجراء المفاوضات ونحن سنساهم في ذلك وسندعمه لأن هذا ما سيخلق ثقة بالنسبة للمواطنين. بعض المسئولين يقولون أن الرئيس الأمريكي لا يمكن أن يتخذ أي قرار بخصوص السودان لوجود مجموعات الضغط ولأن الكونغرس سيرفض القرار.؟ هذا ليس صحيح، في هذه الحالة هذا شأن يخص الكونغرس، الرئيس بإمكانه اتخاذ قرار لإيقاف الأمر، لكن الكونغرس بوسعه تصحيح الرئيس في ذلك.. الرئيس عليه الإقرار أن الوضع تحسن في دارفور قبل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولكن لا يمكنه المصادقة على ذلك والعنف لا يزال مستمرا في دارفور.. أنا لا أرى أن السودان يدعم الإرهاب بعد الآن، لكن الكونغرس وضع دارفور كشرط لرفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. في حالة دارفور هناك لجنة في الكونغرس تناقش المسألة ثم بعد ذلك يتم مناقشتها مع الرئيس.. معظم الوفود الزائرة للسودان تقول أن الوضع في دارفور تحسن لكن في إفاداتهم الرسمية والبيانات التي يصدرونها يقولون عكس ذلك؟ نعم، الوضع تحسن في دارفور وهذه هي مأساة نظام البشير، الوضع يتحسن في الجنوب ثم يبدأ بالاشتعال في دارفور ثم يتحسن في دارفور ويبدأ بالاشتعال في جنوب كردفان، لا يفهمون أنهم يجب أن يوقفوا القتل والقصف، عليهم أن يتفاوضوا، ويعلموا أنهم لم يتمردوا من أجل التمرد ولكن يريدون المشاركة في السلطة والثروة. هل تعتقدين حقا أن الوضع تحسن في دارفور؟ أنا لم أزر دارفور منذ فترة ولم أقف على حقيقة الوضع ميدانيا لسنوات، قوات حفظ السلام لازالت تقتل والبيئة لازالت خطرة، وقوات السلام تقتل سواء من الحكومة أو المتمردين.. الولاياتالمتحدة وضعت بدءا كل تركيزها على مسألة الاستفتاء وانفصال الجنوب ثم بعد ذلك على دارفور، والآن ينصب تركيزها واهتمامها على النيل الأزرق وجنوب كرفان،، فهل هذه القضية هي الأولوية الآن بالنسبة للإدارة الأمريكية؟ أعتقد أن الأولويات تتبدل، إدارة أوباما والحكومة الأمريكية يحاولون الاهتمام بكافة هذه القضايا، لذا لديهم مبعوث خاص لدارفور أو منسق- لا يهم لقبه – يعمل على دارفور كل الوقت، لدينا قائم بالأعمال في الخرطوم وسفير في دولة جنوب السودان، أعتقد أن هناك أوقات تأتي فيه أولية أكثر من الأخرى.. هل تعتقدين أن السودان يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي؟ أنا شخصيا قبل الثلاث سنوات الماضية التي كنت أعمل فيها مساعدا لوزيرة الخارجية، لم تشر استخباراتنا إلى أن السودان يشكل تهديدا للأمن القومي ولا يدعم أو يرعى الإرهاب، لا تهديد مباشر على الولاياتالمتحدة، لكن بالنسبة للاستقرار الإقليمي نعم يمكن القول أن هناك ثمة تهديد، فالسودان قد أقام علاقات إيجابية مع تشاد ولكن ماذا عن الجيران الآخرين وإيواء اللاجئين.. كيف ترين مستقبل العلاقات السودانية الأمريكية ومتى يمكن أن يحدث تطبيع حقيقي؟ لا أعتقد أن العلاقات ستتحسن مع السودان، ولا أعتقد أنه سيتم أي تطبيع مع السودان في ظل نظام البشير.. كانت هناك فرصة، تحدثنا معهم لكنهم لا يفهمون ولا يدركون أهمية تحسين العلاقة مع الولاياتالمتحدة ولا أعتقد أنهم سيفهمون، لا أعتقد على الإطلاق أن النظام الحالي في الخرطوم بإمكانه تطبيع علاقات السودان مع أمريكا. كيف تنظرين لمستقبل دولة جنوب السودان؟ في جنوب السودان قد تحدث صراعات فيما بينهم ولكن سيحل السلام في نهاية المطاف وقد تحدث تنمية اقتصادية بمساعدة دول المنطقة كينا، أوغندا، ويقيم الجنوب علاقات مع الشمال، أعتقد أن الرئيس سلفا كير والرئيس البشير سوف يكونا قادرين على إجراء المزيد من المفاوضات لتحقيق الاستقرار في كلا البلدين.