أؤجل الكلام في التعليقات التي وصلتني عن كلام حبوبة “خديجة” لأفسح الكلام للأم التي بعثت رسالتها من مقر إقامتها وأسرتها بكندا، تقول فيها إنها تتابع كلام الناس خاصة كلام السبت الذي نتناول فيه بعض القضايا الاجتماعية والأسرية المهمة. الأم التي حجبت اسمها أشارت إلى أنها قرأت في كلام سبت مضى كلاماً موجهاً للأبناء والبنات من الشباب لكي يحسنوا التعامل مع أمهامتهم وآبائهم وقالت إنها وأمهات كثر مثلها في دول المهجر يعانين بصفة خاصة من شباب هذا الجيل. تمضي الأم قائلة: إن بناتنا وأولادنا خاصة في هذه البلدان التي تعطيهم حريات أكبر بل تحميهم بقوانينها حتى منا نحن الأمهات والآباء، نحن بالطبع -والكلام ما زال للأم- نقدر الظروف التي نشؤوا فيها ونعلم أنهم جيل مختلف ولكن نخشى عليهم من عوامل الانحراف المحيطة بهم من كل جانب. المزعج في الأمر أننا بدأنا نفقد جسور التواصل الحميم وأصبحنا نشعر بوجود هوة تفصل بيننا وبينهم، وهم- البنات والأولاد- لا يكادون يعترفون بنا وينظرون إلينا وكأننا كائنات من كوكب آخر وزمان آخر. تمضي الأم الكندية ذات الأصول السودانية قائلة: صحيح أنهم تعلموا وأصبحوا أكثر قدرة على التعامل بالعالم المحيط بهم لكن المزعج في الأمر أنهم أصبحوا يتجاهلوننا تماماً بل لا يقدرون ولا يحترمون آراءنا ويتمردون عليها. تسترسل الأم قائلة: حاولت بكل السبل المتاحة ردم هذه الهوة المخيفة بيني وبين ابنتي التي شبت على الطوق وأصبحت تتصرف بما تراه صواباً، وهي مدركة وواعية بحمد الله وتوفيقه ولكنها أصبحت لا تطيق نصائحي وتوجيهاتي لها، وللأسف الأب لا يكاد يحس بنا فهو في عالم آخر بين عمله وعالمه الجديد الذي استغرقه تماماً. لم ننقطع تماماً عن السودان ولا عن أهلنا، بل نحرص على قضاء عطلاتنا وسط من تبقى من الأهل لنحافظ على قيمنا وموروثاتنا الدينية والأخلاقية، ولكننا نخشي على أبنائنا وبناتنا الذوبان في المجتمعات الجديدة الغريبة عنا تماماً. أكتب إليهم لا إليكم, إلى الشباب داخل وطننا الحبيب وبناتنا وأولادنا في كل دول المهجر لكي يحافظوا على قيمهم وموروثاتهم الدينية والأخلاقية وأن يعملوا بهذه القيم والموروثات التي تحثهم على احترام الوالدين وتوقيرهم وأن لا يقولوا لهم أف ولا ينهروهم خاصة عندما يكبرون ويصبحون في أمس الحاجة لوجودهم معهم والأخذ بيدهم بل الاستماع إليهم والاستفادة من خبرتهم في الحياة من إيجابياتها ومن سلبياتها أيضاً. لا تسخروا منهم بل ساعدوهم على التواصل معكم لأنهم جذوركم وأساس بنائكم الاجتماعي.