كانت في التالثة عشر من عمرها عندما سجن الاستعمار البريطاني والدها نهرو، وفي السجن انفرد بنفسه بتأمل موضوعات النضال الكبيرة.. واخذ يرسل لها خطابات من السجن وهي في تلك السن الباكرة. انديرا غاندي منذ الثالثة عشر من عمرها اخذ والدها في الاعداد لدورها في حياة الشعب الهندي العريق… من سجنه حدثها عن امور كثيرة.. حدثها عن عبرة التاريخ وقال لها: «لقد مرت بعض البلاد بعصور لامعة. وعادت الى الوراء لكن حتى هذا يجب الا يفقدنا الامل. وارتفاع امة ما، وانهيارها لفترة لا ينفي تطور العالم كمجموع. وحدثها في رسالة عن الحضارة والثقافة.. قال ولقد حدثتك عن تقدم الحضارة والثقافة وقد رأيت ان هذا التقدم بدأ حيث استقر الناس في المدن والقرى، وحين زادت كمية الطعام الناتجة بحيث منحتهم مزيدا من الفراغ اتاح لهم ان يفكروا في اشياء اخرى غير الاكل وهكذا ظهر الحرف والفنون والثقافة بوجه عام ان الحضارة يصعب تعريفها ولكن اهم ما تعنيه كلمة حضارة تلك القيود التي يفرضها الانسان على نفسه مراعاة للآخرين، فالانسان الذي لا يتحكم في نفسه ولا يراعي الآخرين انسان غير متحضر.. وحدثها ايضا عن الديمقراطية قال لها: «كان جون ستيوارت مدافعا قويا عن الفكرة الديمقراطية فيما يتعلق بالحرية الفردية، وقد وضع كتابا صغيرا اسماه «في الحرية» يقول فيه: «ان اسوأ ما في كبت الرأي هو انه يعد سرقة للجنس البشري فما زال الخير الناتج عن الفكر اكثر بكثير من الشر او الرأي الممنوع اذا كان صوابا فقد اضفنا فرصة استبدال هذا الصواب بالخطأ واذا خاطئا فقدنا ما اهم وهو الاقتناع بالصواب الذي نحن فيه بمقارنته بالخطأ، انه لا يمكن ابدا الجزم بأن الفكر الممنوع خطأ». الزعيم نهرو ختم خطاباته الى ابنته برسالة قال فيها : «انني لم اقدم لك في هذه الرسائل تاريخا بل مجرد خطوط اذا اردت دراسة التاريخ فسوف تجدين بغيتك في كتب التاريخ الكثيرة، ولكن قراءة الكتب وحدها لا تكفي فلكي تعرفي الماضي يجب ان تنظري اليه في مشاركة وفهم لكي تفهمي انسانا عاش منذ زمن، يجب ان تفهمي البيئة التي احاطت به والظروف التي عاش فيها والافكارالتي كانت يملأ رأسه.. فإنه من السخف ان نحكم على الذين عاشوا قبلنا كما لو كانوا يعيشون في عالمنا ويفكرون كما نفكر. فإذا كان الماضي اعطانا جزءا من الحقيقة فإن المستقبل يخفي جوانب اكثر من الحقيقة، ويدعونا بإلحاح الى البحث عنها. ان عصرنا الراهن عصر لا خيال فيه.. انه عصر الشك والتردد والسؤال. لقد كان نهرو من سجنه يبعث لانديرا التي حكمت الهند بقواعد المعرفة والثقافة وقراءة التاريخ قراءة واعية ومستنيرة لقواعد الحكم.. وحكمت انديرا ولم تغب عن ذهنها كلمات والدها.. ولكن ولعن الله لكن هذه .. لقد ماتت انديرا مغتالة في عصر الشك والتردد. هذا مع تحياتي وشكري