انخفضت نسبة ختان الإناث في السودان إلى 65%، وقد كانت النسبة تبلغ في نهاية القرن الماضي 89%، ويهدف المشروع القومي لمكافحة ختان الإناث إلى سودان خالٍ منه بحلول عام 2018. ومع أن النسبة الحالية المعلنة لختان الإناث تعد انخفاضا عما كان حيث كان المعدل في الولايات الشمالية (قبل انفصال الجنوب) يفوق ال90% وكان المعدل القومي ينخفض بسبب عدم ممارسة العادة في الولايات الجنوبية، إلا أن النسبة تعد مرتفعة خاصة بالنظر للمجهودات التي ظلت تبذلها الجهات الرسمية والمنظمات المختصة، من جهة أخرى يحذر اختصاصيون من تزايد مضاعفات ممارسة هذه العادة، في الوقت الذي يكثر فيه الجدل الديني والفقهي في السودان حول مشروعية هذه العادة. وكشفت مديرة المشروع القومي لمكافحة ختان الإناث في السودان أميرة أزهري ل”العربية.نت” أن نسبة الختان على المستوى القومي بلغت 65.5%، مشيرة إلى أن أعلى معدلات هذه النسبة توجد في ولايتي نهر النيل بنسبة 83.3% والولاية الشمالية بنسبة 83.4%، ثم تتدرج هذه النسب في التدني في الولايات الأخرى، مؤكدة حدوث وفيات كثيرة نتيجة ممارسة هذه العادة، وعزت الخبيرة استمرار هذه العادة الفرعونية لتجذرها في المجتمع منذ قرون بعيدة، موضحة أنه من الصعب التخلص منها، لأن التوعية في مثل هذه المجتمعات يجب أن تكون بصورة ناعمة، وأن رسائل التوعوية في السابق كانت سالبة دائما، لما يستخدم فيها من مناظر الدم والأدوات التي تستخدم في عملية الختان. ولكن بالنظر للإحصائيات الواردة في أوائل الألفية نجد أن نسبة ختان الإناث في الولاية الشمالية كانت تبلغ99,4%، وهي الأعلى، تليها نهر النيل والنيل الأبيض تتشاركان نسبة 98,8%، مما يعني أن هناك تقدما ملحوظا يفوق ال15% في ولايتي الشمالية ونهر النيل في زمان قصير نسبيا، وهذا يعكس أن مؤشر العادة في انخفاض ملحوظ. وأوضحت أميرة أزهري أنهم في المجلس القومي لمحاربة العادات الضارة، ابتدروا حملة للمكافحة سموها (حملة سليمة) وهي حملة تحترم ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده، وتتخذ شعار أن كل بنت تولد سليمة تترك وهي تنمو سليمة، وان ما يميز هذه الحملة انها ترسل رسائل ايجابية بعكس ما كان في السابق، وأبانت الخبيرة أميرة أن رؤيتهم الاستراتيجية هي أن يكون السودان خالي من ختان الاناث من 2008 إلى 2018م، وتوقعت انخفاضا كبيرا في ممارسة الختان. وحول المضاعفات الصحية لممارسة عادة ختان الاناث في السودان قال كبير اختصاصيي النساء والتوليد بالسودان الدكتور سعد محمد الفاضل في حديث خاص ل”العربية.نت” إنهم قاموا بعمل ثلاثة دراسات في هذا الخصوص، وإن الدراسة الأولى توصلت إلى أنه خلال 17 عاما كانت غالبية النساء مختونات ختانا فرعونيا، وان مضاعفات هذا الختان على المدى القصير تتمثل في نزيف دموي كثيف والتهاب مع إفرازات وناسور بولي وعدم التحكم في البول وهي أعراض خطيرة ويصعب علاجها. أما على المدى الطويل فإن مضاعفات الختان تتمثل في تكوين أكياس دهنية، وصعوبة في الممارسات الزوجية والجماع غير المشبع والتهابات وعقم. وكشف الدكتور الفاضل عن إجرائهم لدراسة في ست دول بينها السودان (نيجريا السنغال بوركينا فاسو كينيا وساحل العاج) في 18 مستشفى، مبينا انهم كانوا يرصدون اثر الختان على المضاعفات المصاحبة للولادة وبعد انتهاء الدراسة وجدوا أن نسبة الولادة القيصرية أكثر في المختونات مقارنة مع غير المختونات، وأن المختونات يتعرضن للنزيف بعد الولادة وهو ما يشكل تهديدا لحياة الام، وكذلك وجود حميات الاطفال حديثي الولادة، وكذلك حدوث درجة من التليف في المنطقة (مخرج المهبل) مهما كان الجرح صغيرا والتليف يؤدي إلى فقدان مطاطية المنطقة (مخرج المهبل ) مما يؤدي إلى تأخر الولادة . وحول رأي الدين في هذه العادة – أوضح عضو مجمع الفقه الإسلامي السوداني الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري في ورقة عمل بعنوان “كتاب السنة ختن البنين وعفو البنات” تحصلت “العربية.نت” على نسخة منها، أوضح أن السنة تدعو لختن البنين وعفو البنات، وقال إن هذه النتيجة تم التوصل اليها بعد دراسة بشأن الختان استنادا لأصول الدين وعلوم الطب وشؤون الاجتماع. مضيفا “اجتهدنا في الأصول، فقلنا إن القرآن لم يسكت في شأن ختان الإناث، لأنه صريح في اعتماد الفطرة وبالتالي الدعوة لعدم تغيير الخلق”. وعلى الرغم من ذلك أقر ممثل منظمة اليونسيف بالسودان كارل دي روي بوجود تقدم في السودان في مجال محاربة ختان الإناث حيث أظهرت المؤشرات انخفاض الممارسة حسب مسح 2006 الذي بلغ 69%، وأوضح لدى مخاطبته ورشة عمل حول ختان الإناث بالعاصمة الخرطوم أن انخفاض الممارسة جاء نتيجة للجهود المبذولة من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني. وأكد استمرار اليونسيف في تقديم الدعم لرفع الوعي من خلال برامج سليمة وتجريم الممارسة بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة لتنفيذ الاستراتيجية وتنظيم الجهود الدولية لمناهضة العادة.