مذكرة محامي نهر النيل حول معتقلي المؤتمر الشعبي، أُعتقلوا بعد زيارتهم للمناصير المعتصمين بالدامر بسم الله الرحمن الرحيم انسجاما مع التشريعات الإسلامية والمبادئ الكلية للحريات وانطلاقا من الدور الهام والمحوري للمحامين في قضايا الدفاع عن الحريات كواجب والتزام أخلاقي وتطبيقا لمبدأ حرية الرأي التي نادت بها جميع التشريعات قديمها وحديثها ما أتى منها من الله عز وجل أو ما تواضع عليه الناس بما يحقق للناس من طمأنينة للمجتمع يضمن العدالة بين أفراده ويضع حداً للانتهاكات على حرية الفرد والجماعة. وانطلاقا من الدور الذي تلعبه شريحة المحامين في التصدي لقضايا الحريات وكما يعلم الجميع وامتدادا للأحداث التي صاحبت قضية المناصير واعتقال عدد من المواطنين بمجرد إبداء الرأي حول القضية باعتبارها تهم كل المجتمع السوداني وليس شريحة ضيقة وأثارها التي تمتد إلى كل فئات وقطاعات المجتمع تم اعتقال هؤلاء المواطنين حتى دون إبداء أي أسباب مما يشكل بلا شك مخالفة لأبسط القواعد القانونية على صعيد القانون العام أو على صعيد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تنص على حق الفرد والجماعة في التعبير عن أرائهم وعدم الحجر على احد بمجرد مخالفة الرأي لنظام أو فئة أو مجموعة . إن اعتقال هؤلاء الزمرة من المواطنين تجاوز في فترته حتى تلك القوانين التي تم اعتقالهم بموجبها وذلك دون توجيه تهمه أو إبداء أسباب معقولة لحجزهم لما يزيد عن السبعين يوم (70يوم) ما يعد انتهاكا صارخا ليس للقوانين فقط بل حتى لدستور السودان الانتقالي للعام 2005م الذي يجيز إبداء الرأي وعدم الحجر على احد . وحتى لا يكون الكلام على عواهنه دعونا نرجع إلى قانون الأمن الوطني في مادته (51) الفقرة (1): يجب إن يبلغ الشخص عند إيقافه أو القبض عليه أو اعتقاله للأسباب الداعية لذلك. الفقرة (2) : يكون للشخص الموقوف أو المعتقل أو المقبوض الحق في إبلاغ أسرته أو الجهة التي يتبع لها باعتقاله ويسمح له بالاتصال بأسرته أو محاميه . الفقرة (6) : يسمح لأسرة المعتقل بزيارته وفقا لللوائح . الفقرة (10) : يكون لأي محتجز الحق في اللجوء للمحكمة إذا بقي في الحجز أو الاعتقال أكثر من المدة المحددة في المادة (50) . وتم الاعتقال دون منحهم الحق الأصيل في أن يدافع عنهم محامي أو السماح لهم بالاتصال بأسرهم أو تقديمهم لمحاكمة عادلة مما يعد مخالفة واضحة وصريحة لنصوص قانون الأمن الوطني 2010م الذي كفل في المادة (51) في الفقرة (1 ، 2 ، 6 ، 10 ) تلك الحقوق المذكورة أعلاه . المادة (51) حق المقبوض أو المعتقل الموقوف : والمدة المحددة في المادة (50) هي كما يلي : (ه) لا تزيد عن ثلاثين يوما مع إخطار ذويه فوراً . (ز) يجوز للمدير تجديد الحبس لمدة لا تتجاوز (15 يوماً ) . (ط) في كل الحالات على سلطات الجهاز إخطار وكيل النيابة المختص وتسليمه المشتبه فيه وكافة المستندات وملحقاتها لتكملة الإجراءات وفي حالة عدم وجود بينه مبدئية يجب على الجهاز إطلاق سراح المشتبه فيه . الفقرة (2) من المادة (50) لأغراض هذه المادة على الجهاز مراعاة نص المادة (33) من الدستور القومي الانتقالي 2005م . كما إن تجاوز المعتقلين لفترة السبعين يوما يعد أيضا خروجا عن نفس القانون الذي تم بموجبه اعتقالهم الذي نص وفي المادة (50) الفقرة (2) جعل مدة الحبس لا تزيد عن ثلاثين يوما إلا ووفقا لنص الفقرة (و) من نفس المادة أجازت تجديد المدة إذا كانت هنالك أسباب معقولة للمزيد من التحري والتحقيق بعد رفع الأمر للمدير وحددت هذه الفقرة تجديد المدة بحيث لا تزيد عن خمسة عشر يوما بإذن المدير ليكون مجموع المادتين وفقا للفقرة (د) و (و) خمسة وأربعون يوما فهل تجاوزت فترة الاعتقال هذه المدة ؟ وهل تم التجديد ؟ . المدة الأولية في الفقرة (د) وفقا لأذن المدير من هو المدير المقصود هنا ؟ وبالرجوع للمادة (5) التي عرفت المدير يقصد به مدير الجهاز المعين ؟ وفقا للمادة (27) وهو مدير الجهاز تصعب الإجابة على هذا السؤال لعدم تمكننا من زيارة المعتقلين والاطلاع على أوضاعهم ومدى صحة الإجراءات . وربما يقول قائل إن الفقرة (ح) من المادة (50) من نفس القانون أجازت تجديد الفترة بشروط : 1- إن يكون المعتقل أو المحبوس مواجه بتهمة النهب المسلح – الفتنة الدينية – العنصرية – الإرهاب – تخريب السلام – التخابر ضد الوطن ، الأمر الذي لا ينطبق على هؤلاء المعتقلين الذين وقفوا مع القضية حسب ما يمليه عليه واجبهم على الطريقة السلمية . 2- يدفع أمر التجديد إلى المجلس ( مجلس الأمن الوطني ) . 3- في حالة عدم ذلك اوجب القانون على المدير إخطار وكيل النيابة المختص وتسليمه المشتبه فيهم وكافة المستندات وملحقاتها لتكملة الإجراءات وفي حالة عدم وجود بينة مبدئية يجب على الجهاز إطلاق سراح المشتبه فيهم . عليه نقول إن في بقاء المعتقلين بالحجز هذه المدة الطويلة بل إن اعتقالهم ابتداء لا يجد سند له في القوانين جميعها مما يعد انتهاكاً لحقوقهم وبقائهم هذه المدة دون توجيه تهمه أو السماح بزيارتهم لهو فعل غريب على عادات وتقاليد مجتمعنا وينافي الالتزام بالقوانين مما يجعل منه مدعاة للتغول على الحريات تحت أي مسمى الأمر الذي يضر ويخالف التشريعات على مر العصور والأجيال . عليه نرجو من الجهات المختصة النظر في هذا الأمر بعين المصلحة العامة وإطلاق سراح المعتقلين تحقيقا للعدل والاستقرار والأمن . وقد وقع على هذه المذكرة عدد (35) محامي من ولاية نهر النيل . وصرح الأستاذ / عبدالله عوض هرون / المحامي قائلاً ان المذكرة جاءت مهنية بحته تعكس دور المحامين في التصدي للخروقات القانونية والدفاع عن المبادئ والحريات وحقوق الإنسان . علما بان المعتقلين قد تجاوزوا الثمانين يوماً ولم توجه لهم تهمة حتى الان .