فليطمئن جميع آكلي المال العام بالسودان، ولينام لصوص «الكوميشناتس» ملء أجفانهم، لأن «كتاحات وأتربة» آلية مكافحة الفساد، وعجاجتها الثقيلة لن تغبر كراسيهم المقدسة، المحروسة، بالتعاويذ والأحجبة، ولهب الولاء والمناورات السياسية التي يسوقها مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وندعو الله أن يحفظ آلية مكافحة الفساد التي وضعت يدها على (5) ملفات فساد (فقط لا غير) في بحر عقدين من الحكم الرشيد إذا توشحنا بالجدية وسألنا بإلحاح ما هو تعريف الفساد عند ولاة أمرنا، حتى يتقلص مدة المخفي والمعلن إلى خمسة ملفات فقط؟ وكيف لمواطن سوداني بالغ عاقل أن يصدق أن (عشرات) المسؤولين في المناصب الحكومية والسيادية يمكنهم، جمع تلك الثروات في فترة وجيزة ارتبطت بتوليهم مناصبهم، إلا إذا كان هؤلاء المسؤولون قد استعانوا بالجن الموجود في مصباح علاء الدين السحري والذي يحقق الأماني كيف يمكن أن نعالج الفساد ونردعه إذا كانت عقلية الدولة لا تعرف أنه يجب استئصال الفساد كلياً وردعه وليس ترقيته أو نقله إلى مكان آخر؟ متى يدرك ولاتنا أن أحلام الشعب في تطبيق قانون الفساد لم تعد مقتصرة على نشال بالسوق الشعبي ولص بالأحياء الفقيرة يسرق الملابس من على حبل الغسيل بهذه العقلية «المريبة» وتكوين اللجان التي تدعيها الدولة لمحاربة الفساد لابد أن نضع أهم سؤال على طاولتها: أين ذهبت أموال الشعب التي يمكن أن تصد عنه عاديات الأزمة الاقتصادية التي نعيشها الآن وأين هي الأرقام الحقيقية لصادراتنا النفطية وغيرها من موارد، ما لم يكن هناك فساد «سري» حجبته عتمة جيوب وبطون أكلة المال العام سادتي.. محاربة الفساد لا تحتاج إلى لجان مختلفة المسميات، تجتمع وتنفض على (خمسة) ملفات، ولا تنتظر «شرلوك هولز» ليفك شفرتها البوليسية، وإنما إلى إرادة سياسية واعية حقيقية وشفافة يدفعها شعور بالمسؤولية تجاه جميع ما يطرحه الناس، ويتحدثوا فيه من شبهات أبطالها (شخصيات عاملة في وظائف عليا بالدولة، وحلفاؤهم من رجال أعمال اطمأنوا إلى أنهم فوق القانون)، ويحتاج أيضاً إلى قرار بإحالة المشتبه بهم (فوراً)، إلى التحقيق أمام جهة قضائية (مستقلة وموثوق بها) تحق البينة، وتردع من يثبت عليه استغلال المناصب والنفوذ .