نواصل ما انقطع بالأمس ونقول عندما نصب المؤتمر الوطني والحركة الاسلامية نفسهما حارساً لثقافة الشمال (دينها ولغتها) وتواصل في تأكيد ما ذهب اليه أغلب مثقفي الشمال في العشرينات وهو المطالبة بالعودة الى التراث العربي والإسلامي وأمجاد الأمة الإسلامية والعربية السالفة، بغض النظر عن المكونات الأخرى لهذا الوطن!! عندما تنتصر الحركة الإسلامية للاتجاهات التي خطها مثقفو وشعراء العشرينات مثل عبد الرحمن الضرير والبنا، خاصة في الأشعار التي كانت تلقى في احتفالات المولد النبوي الشريف، والذي جمعه فيما بعد سليمان كشة وأصدر كراسه كانت مقدمتها اهداء الى الشعب العربي النبلاء” وهو ما اعترض عليه علي عبد اللطيف والذي اقترح عليه الى الشعب السوداني.. النبلاء أو الكريم في رواية أخرى.. وهو ما كان مرفوضاً من كشة عندما ينتصر لهم الطغمة الحاكمة فيما بعد.. ليلة الاستقلال.. وفيما بعد عن طريق الحكومات المختلفة مدنية وعسكرية وعندما تجسد الحركة الاسلامية الآن حلم وتمنيات.. كشة وللجميعات العديدة مثل والهاشماب وغيرها، ممن كانوا يلتمسون توجه الدولة الجديدة بعد هزيمة المهدية وعندما تأخذ أغلب أحزاب السياسية الشمالية بهذا وتهمل ما كانت تنادي بها الجمعيات والقيادات السودانية الأخرى، مثل علي عبد اللطيف وخليل فرح ودكتور ادهم وعبد النبي عبد القادر وغيرهم.. فهذا يعني بكل بساطة بأن ليس للآخرين مكاناً في هذا الوطن.. أما تنكفي وتموت كمداً وألماً كما مات الأخوين عشري أما أن تقاوم بأي وسيلة ممكنة كما فعل الجنوبيون وأهل دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وأهل الشرق “الى مالا نهاية” أما أن تقول السلام عليكم ورحمة الله عليكم.. وتعلن استقلال دولتك كما يحب أن يفعله الجنوبيون الآن. فأين الجريمة هنا وأين المجرم ؟ لا لوم عليهم قط.. بل اللوم على هذه العقلية التي قاومت ورفضت حتى العربي المسلم خليفة المهدي عبد الله التعايشي، قاومته بالدسائس والمؤامرات والاغتيالات والخيانات.. ولا يوجد من يتحدث عن خيانة اسقاط الدولة المهدية التي كان يقودها عبد الله التعايشي ليس لشيء بل لأنه “غرابي” أي من غرب السودان، وهو عربي ومسلم ومن آل العباس كمان!! لكن لا.. ظهر هناك من سموا أنفسهم “الأشراف” ولكن الاخرين ليسوا كذلك بل قبحوا وبشعوا كما قال الحاردلو… الناس القباح من الغرب يوم جونا… الخ لقد حاول بعض المثقفين ومستنيرين في الشمال حاولوا أن ينقذوا المركز بنقدهم للممارسات وعقليتها وتخلفها دون جدوى فحمزة المك طمبل (صاحب الأدب السوداني وما ينبغي أن يكون عليه) كان محاولة لانقاذ الوطن والعقلية المسيطرة فيه كان أيضاً ولازال الحبر المسكوب بأطنان من المفكرة الدكتور منصور خالد.. كان محاولة لفضح عقلية الطغمة الحاكمة ونقد ذاتي للاصلاح وخرج رافضاً بل مناضلاً لتغيير العقلية لبلادا أرحب.. ولكن وقد كانت عبارته بليغة لقوماً لا يفقهون عندما قال انضمت للحركة الشعبية لانقاذكم” لم يفهموا هذا العبارة حتى الآن. كان هناك المقاتلين الأشاوس كانوا هناك ولا زالوا في الموقع الصحيح والرفيق ياسر سعيد عرمان وياسر جعفر وعبد الباقي مختار وكمال الوسيلة وبازري ووليد حامد وهاشم وشباب لا حصر لهم كانوا في الساحات الأمامية للقتال.. قتال المركز لهزيمة العقلية الاقصائية فيها كان ولازال وجودهم بأكبر حركة مسلحة درساً بليغاً لأهل المركز أصحاب العقلية المتحجرة والمتجزرة درساً لهم لكي يفوقوا من التيه والضلال والابتعاد من الأوهام أوهام التفوق الأجوف والعنصرية التي لا معنى لها ولكن بدلاً من الانتباه والاستماع لهم.. يسألونهم عن مصيرهم اذا انفصل الجنوب وكما فعلوا ولم يستمعوا لدكتور منصور خالد لا يستمعون أيضاً لياسر عرمان عندما يجاوبهم. أنسوا مصيري أو مصيرنا!! وأسألوا عن مصير الوطن”") لكنهم لا يفقهون وحقاً خرج ياسر ورفاقه من قلب المركز لانقاذ الوطن من عقلية المركز ولكن القوم لا يفهمون وفي ضلالتهم سائرون لفرض وحدة بمقاييسهم أنهم لا يقرأون ما يقوله العقلاء فمحمد يوسف احمد المصطفى والواثق كمير وغيرهم يقولون لهم هذه الوحدة بشروطها الراهنة غير مقبولة للجنوبيين وغيرهم.. ويقوله ياسر سعيد عرمان بأنه لابد من اصلاحات وتنازلات حقيقة من المركز لصالح الجنوبيين وغيرهم حتى يقبلوا بالتوحد ولكن قط لا يرغبون أن يستمعوا الا لأوهامهم فقط. فمن يا ترى سيقبل هذه البضاعة التالفة؟؟ رفضها الجنوبيون قبل الاستقلال والمركز لازال يحاول بأن يعيد تغليف الوحدة ويتم تسويقها مرة أخرى والجوهر كما هي من يا ترى سيتنازل عن كرامته ويعيش مهاناً من مركز متخلف وجشعي وعنصري كما يعبر عنه الآن المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية. من يا ترى من الجنوبيين سيقبل هذه الوحدة الخاوية من معاني المساواة والعدل والحرية والديمقراطية والاعتراف بالآخر. من يا ترى سيقبل الوحدة الشكلية المطروحة من المركز او الحركة الاسلامية لا احد.. لا احد اطلاقاً سيقبل به!!! فما الجاذب في هذه الوحدة؟؟